بوادر أزمة بين «اتحاد الشغل» والحكومة.. هل ينجح الرئيس التونسي بنزع فتيلها؟

كريم بن صالح

رؤية – كريم بن صالح

يبدو أن تونس تشهد توترا بين الاتحاد العام التونسي للشغل وهو أبرز منظمة عمالية في البلاد وبين حكومة نجلاء بدون التي تشكلت قبل حوالي الشهرين.

ولا شك أن الأزمة الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية لها الوقع الكبير على العلاقة بين الطرفين الذين عبرا منذ الأيام الأولى لتشكيل الحكومة عن تفاؤلهما بتحقيق تعاون مثمر يكون لصالح الشعب التونسي.

وتم عقد العديد من المباحثات بين وفود حكومية وبين وفد الاتحاد العام التونسي للشغل بعد أسابيع قليلة من تشكل حكومة بودن لطرح العديد من الملفات الاقتصادية والاجتماعية الشائكة والتخفيف من وقع الوضع الاقتصادي المتردي نتيجة  سنوات من حكم حركة النهضة الإسلامية وحلفائها

والاتحاد كما هو معلوم من المنظمات الوطنية التي أيدت الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو الماضي لكنه طرح خيارا ثالثا لتحقيق نوع من الاستقرار غير أن الرئيس قيس سعيد خير عدم المضي فيه وقرر عوض ذلك عرض خارطة طريق لإجراء انتخابات تشريعية في ديسمبر 2022 واستفتاء على الدستور في 25 يوليو المقبل مع إحداث منصات الكترونية لتشريك الشباب في الجهات.

القرار عدد 20

وفي الفترة الأخيرة تعقدت العلاقة بين اتحاد الشغل وحكومة نجلاء بودن بعد إصدار القرار 20 او ما يعرف ” بالمنشور عدد 20″.

ويتمثل القرار في ضوابط وشروط وضعتها رئيسة الحكومة لكافة الوزراء وكتّاب الدولة والمديرين العامين والرؤساء المديرين العامين للمؤسسات والمنشآت العمومية للتفاوض مع النقابات.

وطالبت بودن في القرار بضرورة التنسيق بصفة مسبقة مع رئاسة الحكومة وعدم الشروع في التفاوض مع النقابات سواء فيما يخص مجال الوظائف الحكومية أو المؤسسات والمنشآت العمومية إلا بعد موافقتها إضافة إلى دراسة الطلبات المقدمة من النقابات وموافاة رئاسة الحكومة بتقرير مفصل في الغرض حول مطابقتها للنصوص القانونية مع بيان كلفتها وذلك بالتنسيق مع المصالح المختصة بوزارة المالية.

وأثار القرار غضب الاتحاد العام التونسي للشغل حيث أفاد الناطق الرسمي باسمه سامي الطاهري خلال تدوينة على صفحته الرسمية بعد إقرار ” المنشور” أن وزارة الشؤون الاجتماعية في الحكومات المتعاقبة كانت تسهم بالمصالحة في فض النزاعات العمالية وإلغاء الإضرابات بما يفوق 75% بعد حصول اتفاقات مرضية لجميع الأطراف، وبعد أن كانت مهدا للحوار لاجتماعي وراعية للمفاوضة الجماعية، ستتحول إلى أكبر مشجع على إنجاز الإضرابات بالقرارات الأخيرة وسيصبح فض النزاعات في رحاب منظمة العمل الدولية”.

وواصل اتحاد الشغل التصعيد وهدد بتدويل الملف بل وشن إضرابات في مختلف القطاعات وحتى الإضراب العام ليزيد ذلك من تعقيد الموقف مع انقطاع الحوار بينه وبين حكومة نجلاء بودن.

ويرى مراقبون أن الحكومة لا يمكنها أبدا تجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية في ظل خصومة مع اتحاد الشغل خاصة وأنها تريد المضي في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بدعم من المنظمات الوطنية.

وطالب خبراء اقتصاديون بضرورة فتح حوار جديد بين المنظمة العمالية والحكومة التونسية ودعوا الرئيس قيس سعيد إلى التدخل بما يمتلكه من شعبية واحترام الجميع.

قيس سعيد مطالب بالتدخل

وفعلا فإن الرئيس التونسي هو المخول الوحيد لنزع فتيل الخلاف بين رئيسة الحكومة وبين اتحاد الشغل.

ورغم أن التواصل منقطع نوعا ما بين الرئيس والأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي لكن الوقت قد حان وفق كثير من المتابعين لكي يتدخل قيس سعيد لوضع حد للخلافات التي تستغلها العديد من الأطراف المناوئة للإجراءات الاستثنائية وللوضع الجديد وفي مقدمتهم حزب حركة النهضة.

وكانت ما يعرف بهيئة “مواطنون ضد الانقلاب” وجهت دعوة لاتحاد الشغل لمساندة تحركاتها ضد الرئيس في محاولة لاستمالتها مستغلة حالة الاحتقان لكن يبدو أن الاتحاد تجاهل تلك الدعوات.

ويتخوف الاتحاد العام التونسي للشغل من أن تتحمل الطبقات الفقيرة مسؤولية الأزمة الاقتصادية خاصة مع حديث حول رفع الدعم والتخفيض في كتلة الأجور والرفع من أسعار بعض المواد بل وحتى تسريح موظفين من القطاع العام.

ورغم تدخل الرئيس قيس سعيد ليؤكد أن ميزانية 2022 ستظل محافظة على الدور الاجتماعي للدولة ولن يتم استهداف الطبقة الفقيرة لكن سعيد مطالب بالعمل على انهاء التوتر وذلك باستقبال اجتماع ثلاثي يضمه مع بودن والطبوبي لوضع النقاط على الحروف.

ربما يعجبك أيضا