تحت قبة البرلمان الأردني.. التعديلات الدستورية الجديدة تثير جدلا

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق 

عمّان – بداية جدلية صاخبة شهدتها قبة البرلمان الأردني في أولى جلساته للدورة العادية، مع بدء مناقشة مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، المتمثلة بمشاريع قوانين تعديل الدستور الأردني، والأحزاب السياسية والانتخابات النيابية، فيما تصاعد الجدل حيال التعديلات الدستورية التي من شأنها أن تزيد من صلاحيات الملك حال إقرارها. 

فقد تحدث 95 نائبا، قبل أن يقرر مجلس النواب “الغرفة الأولى للبرلمان”، أمس (الإثنين)، إحالة مشاريع القوانين إلى لجنته القانونية مع إعطائها صفة الاستعجال.

وفاض الجدل الذي تصدره عدد من النواب في مقدمتهم رئيس مجلس النواب السابق عبد المنعم العودات ونقيب المحامين الأسبق النائب صالح العرموطي، حيال التعديلات الدستورية التي قوبلت بردود فعل واسعة بين الأردنيين عبر منصات التواصل الاجتماعي. 

وينشأ بموجب التعديل الدستوري، مجلس للأمن الوطني والسياسة الخارجية برئاسة الملك، يتولى جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن المملكة والأمن الوطني والسياسة الخارجية، وذلك وفق نظام يصدر لهذه الغاية.

ويتألف المجلس من رئيس الوزراء، ووزراء الدفاع والخارجية والداخلية، وقائد الجيش، ومدير المخابرات، بالإضافة إلى عضوين يعينهما الملك.

كما تلغي التعديلات المقترحة النص المهجور، بأن الملك يعين مدير الدرك بإرادة ملكية دون توقيع من رئيس الوزراء أو الوزير.

وألغت التعديلات وجود توقيع رئيس الوزراء أو الوزير المختص على الإرادة الملكية الصادرة بتعيين مدير الأمن العام، وأصبح الملك بموجب التعديلات يقبل استقالات قائد الجيش ومدير المخابرات ومدير الأمن العام، بالإضافة لصلاحية تعيينهم وإنهاء خدماتهم.

ويعين الملك وفقا للتعديلات؛ قاضي القضاة ورئيس المجلس القضائي الشرعي والمفتي العام، ويقبل استقالتهم وينهي خدماتهم، بإرادة ملكية سامية دون توقيع من رئيس الوزراء أو الوزير المعني.

كما يعين الملك، وفقا لمشروع تعديلات الدستور، رئيس الديوان الملكي الهاشمي ووزير البلاط الملكي الهاشمي ومستشاري الملك وعضوي مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية، ويقبل استقالاتهم وينهي خدماتهم.

الخصاونة يدافع 

وخلال جلسة البرلمان، قال رئيس الوزراء إن التعديل الدستوري الذي أحالته الحكومة إلى المجلس والمتضمن تشكيل “مجلس للأمن الوطني والسياسة الخارجية”، يستند إلى المادة 45 من الدستور التي تجيز بأن يعهد الدستور أو القانون لأية هيئة أخرى بعضا من مسؤولية إدارة شؤون الدولة الداخلية والخارجية التي يتولاها مجلس الوزراء. 

وأكد أن الهدف من التعديل هو إيجاد سند دستوري لحماية المجتمع والمؤسسات السيادية من التجاذبات الحزبية.

 ولفت إلى أن الحكومة التزمت بالتوجيه الملكي بإحالة هذه المشاريع دون تغيير إلى مجلس النواب لإجراء المقتضى الدستوري.

انتقادات نيابية

ولقيت التعديلات الدستورية، انتقادات واسعة من قبل عديد من النواب، إذ رأى فيها البعض “انقلابا على الدستور الأردني” على حد وصفهم. 

ومن أبرز النواب الذين انتقدوا التعديلات وهاجموا الحكومة بسببها نقيب المحامين الأسبق النائب صالح العرموطي، حيث اعتبر في مداخلته أن “تركيز السلطة لا يكون إلا في الحكومات الديكتاتورية”.

وتساءل العرموطي “كيف تسمح الحكومة لنفسها بأن تعدل الدستور بهذه الطريقة التي حرمت المواطنين ومجلس النواب من ممارسة ولايته العامة؟”. 

وأضاف “هل يعقل محاكمة النائب وهو تحت قبة البرلمان، وتحويله إلى قضية والجلسة منعقدة”، مطالبا بسحب التعديلات. 

وقال “نريد الإبقاء على الدستور الأردني كما هو، دستور 1952″، مبينا أن “الدستور الأردني يعيش اليوم في غرفة الإنعاش ويحتاج لإنقاذ” على حد تعبيره. 

كما تساءل نواب في معرض مداخلاتهم بشأن التعديلات الدستورية، عن آلية محاسبة ورقابة مجلس يرأسه الملك ويضم رئيس الوزراء وقائد الجيش ومديري الأجهزة الأمنية ووزيري الخارجية والداخلية وعضوين يعينهم الملك.

وقال رئيس مجلس النواب السابق المحامي عبد المنعم العودات في مداخلته، إن “مشروع تعديل الدستور ليس ككل المشاريع، لا في آلية إقراره ولا في كيفية التعامل معه، فهو الأب الشرعي لكل القوانين”. 

وأوضح أن “الحكومة أضافت تعديلين على المشروع، لكن ما لفت انتباهي من تصريحات عندما قيل “إن ما أُضيف إلى الدستور له سند قانوني ولا يخالف الدستور، وهنا أسأل ما هذا الكلام الذي نسمعه ونحن نقول إننا نريد أن ندشن حكما دستوريا”. 

واعتبر العودات، أن “من واجب الحكومة اليوم الخروج برواية متماسكة تشرح الأسباب التي جاءت بالمشروع، وذلك حتى يتبين الأمر، أما في القراءة الثانية فسيكون لنا في مجلس النواب قرارنا وحديثنا”. 

وليست هذه المرة الأولى التي تجري فيها تعديلات على الدستور في عهد الملك عبدالله الثاني، فقد عدلت 42 مادة دستورية عام 2011، كما جرى تعديل الدستور في عامي 2014 و2016.

ويستكمل مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، مناقشة جدول أعمال الجلسة الثانية بانتخاب لجان المجلس الدائمة.

وشرع مجلس النواب، الاثنين، بانتخاب أعضاء لجانه الدائمة، سنداً لأحكام المادة (38) من النظام الداخلي للمجلس، حيث اختار أعضاء اللجنة القانونية.

وانتخب المجلس اللجنة القانونية بالتزكية، وهم: “عبدالمنعم العودات، محمد الهلالات، دينا البشير، صالح الوخيان، غازي الذنيبات، رمزي العجارمة، عارف السعايدة، فايز بصبوص، محمد جرادات، حابس الشبيب، وسليمان القلاب.”

واللجان هي: “القانونية، المالية، الاقتصاد والاستثمار، الشؤون الخارجية، الإدارية، التعليم والشباب، التوجيه الوطني والإعلام والثقافة، الصحة والبيئة، الزراعة والمياه والبادية، العمل والتنمية الاجتماعية والسكان، الطاقة والثروة المعدنية، السياحة والآثار والخدمات العامة، لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان، لجنة فلسطين، والمرأة وشؤون الأسرة.

ربما يعجبك أيضا