تركيا 2017.. دخول مخضب بالدماء وخروج محمل بالعداء

علي عبدالعزيز

رؤية –  مجدي سمير

أنقرة – استقبل عام2017 تركيا بوجه دموي في دقائقه الأولى، متجهًا نحو النهاية حاملًا قائمة من العداءات والخلافات السياسية مع العديد من دول العالم، شاهدًا على الكثير من الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية الهامة التي قد تمتد تداعياتها لأعوام مقبلة.

بداية دموية

وبينما كانت تستعد تركيا لاحتواء تداعيات حاث اغتيال السفير الروسي بأنقرة أندري كارلوف، خلال زيارته لأحد المعارض الفنية في 19ديسمبر/كانون أول من العام الماضي على يد شرطي رافض للتدخل الروسي في الأزمة السورية، استيقظ الشعب التركي في اليوم الأول من عام2017 على هجوم إرهابي متمثل في اعتداء مسلح على أحد الملاهي الليلة بمدينة إسطنبول في الدقائق الأول من العام أسفر عن مقتل 39 شخصًا وإصابة نحو 70 آخرين.

وبعد نحو شهرين من البحث عن الجاني، تم إلقاء القبض عليه في إحدى الشقق المفروشة بمدينة إسطنبول معترفًا بعلاقته بتنظيم داعش، قدم من سوريا إلى تركيا قبل أسابيع من الحادث الذي وصفه الرئيس التركي أردوغان “اعتداءً على تنوع أنماط الحياة في بلاده”.

تشريع رئاسي

وخلال الأسابيع الأولى من العام كثف البرلمان التركي على مناقشة مواد التعديلات الدستورية المقترحة من حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، والذي أقره البرلمان في بداية فبراير/شباط الماضي معلنًا طرحه للاستفتاء الشعبي تمهيدًا لانتقال الجمهورية التركية من نظام الحكم البرلماني إلى الرئاسي، في ظل تجديد فترة قانون الطوارئ بالبلاد.

نهاية “الدرع”

أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في 29 مارس/آذار الماضي عن انتهاء عملية “درع الفرات” بنجاح في شمال سوريا والتي بدأها الجيش التركي في أغسطس/آب عام2016 بهدف طرد عناصر تنظيم داعش من المنطقة الحدودية مع سوريا، ومواجهة المقاتلين الأكراد ووقف زحفهم نحو الحدود.

عداء أوروبي

اشتعلت أزمة دبلوماسية بين تركيا وهولندا في مارس/آذار الماضي على خلفية منع أمستردام وزير خارجية تركيا من الهبوط على أرضيها بطائرته لإعاقته من الترويح للاستفتاء الدستوري، وحظرت على خطاها ألمانيا والنمسا والنرويج التجمعات الترويجية للحزب الحاكم في أراضيها والتي يحضرها مسؤولون أتراك، ما أشعل خلافات متبادلة بين تركيا من طرف وعدد من الدول الأوروبية، وارتفعت حدة الخلاف مع إعلان ألمانيا عن قضية تجسس أئمة هيئة الأوقاف التركية على مواطنيها لصالح جهات سيادية تركية، تبعها تدني للعلاقات الدبلوماسية البينية، ومعاداة تركيا لحلف الناتو وتوجهها نحو الحليف الروسي لمواجهة التحالفات الغربية.

استفتاء رئاسي

شهد السادس عشر من أبريل/نيسان الماضي اللحظة الفاصلة التي طالما تمناها أردوغان، والمتمثلة في الاستفتاء على زيادة صلاحياته والانتقال بالبلاد إلى الحكم الرئاسي وإحكام قبضته على كافة مقاليد الدولة والجمع بين السلطات القضائية والتشريعية.

وكشفت نتائج الاستفتاء التي انتهت بإقراره بموافقة 51.3% على تراجع شعبية الحزب الحاكم وتأثير الخطابات الشعبية لأردوغان وضعف قاعدته الشعبية، إذ مثلت هذه النتيجة نسبة تأييد حزبي “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية” المتحالف معه والجماعات الدينية المؤيدة له، ما يعني تراجع شعبية أردوغان لأكثر من 10%، وهو ما استدعى إعلان الأخير إجراء تغييرات جذرية في هيكل الحزب وتغيير رؤساء البلدات.

عداء عربي

أبت أنقرة أن تنأى بنفسها عن الخلاف العربي الذي كانت أطرافه دول الخليج العربي، وفضلت أنقرة دعم قطر في مواجهة كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وذلك في المقاطعة أو الحصار الذي أعلنته دول الخليج في مطلع يونيو/حزيران الماضي ضد الدوحة. 

وأسرعت تركيا في تعزيز علاقاتها مع قطر والإعلان عن افتتاح قاعدتها العسكرية في الدوحة وزيادة أعداد الجيش التركي في هذه القاعدة، فضلًا عن زيادة العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين في محاولة لاستغلال الأزمة وإعلان الرفض التركي والعداء لدول المقاطعة.

خطر حزبي

في يوليو/تموز الماضي تظهر وزيرة الداخلية السابقة وصاحبة التاريخ السياسي والحزبي الحافل ميرال أكشنير، لتعلن عن عزمها تأسيس حزب سياسي جديد يمثل المعارضة لمواجهة نفوذ الحزب الحاكم وتهديد عرش أردوغان خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة عام2019، ومنازعة الحزب الحاكم في نسبة التمثيل البرلماني خلال المعركة الانتخابية المقبلة.

استفتاء كردستان

تجد أنقرة نفسها في مواجهة رغبات حكومة إقليم كردستان العراق في الاستقلال عن العراق عبر استفتاء شعبي أجرته في سبتمبر/أيلول الماضي، أسفر عن الموافقة وهو ما رفضته أنقرة معلنة عن عقوبات اقتصادية وسياسية تصاعدية ضد حكومة الإقليم، مع تعزيز العلاقات مع الحكومة العراقية وإيران لتقويض قوى الإقليم وإجباره عن تجميد نتائج الاستفتاء، وذلك في خطوة عدائية هزت العلاقات بين أنقرة وأربيل. 

تراجع أردوغان

وصاحب أحداث العام استطلاعات رأي مختلفة عكست تراجع شعبية الرئيس التركي والحزب الحاكم بنسب تتراوح ما بين 2% إلى 10% وذلك وفقًا لنتائج شركات متخصصة بعضها تابع وموالي للحكومة التركية، وهو ما كشف عن وجود تصدعات حادة داخل جدران الحزب.
تهديدات أمريكية

مع استمرار جلسات استماع المحكمة إلى أقوال رجل الأعمال التركي الإيراني الأصل رضا ضراب أمام القضاء الأمريكي، وكشفه عن الكثير من الأسرار التي تدين عددًا من الشخصيات الهامة في تركيا والرئيس التركي ذاته بتهم غسيل أموال واختراق العقوبات الدولية على إيران، ارتفعت حدة الخلافات بين أنقرة وواشنطن لأقصى درجاته، مع احتمالية فرض عقوبات اقتصادية على المؤسسات التركية في حال إدانة القضاء الأمريكي، وقد تمتد هذه العقوبات إلى شخص أردوغان بما قد يحد من التحركات الدولية للعديد من المسؤولين الأتراك.

خلاف عثماني

ويأبي عام2017 أن ينتهي قبل أن يزداد حجم الخلاف والعداء بين تركيا والعالم العربي، إذ تصاعدت حدة الخلاف بين أنقرة وأبوظبي، على خلفية الإساءة التركية لوزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد ال نهيان.

ومن هنا تبدأ مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين قد يجيد أردوغان استغلال توظيفها لتأجيج نظرية المؤامرة وبثها في نفوس شعبه للتأثير على معدلات التأييد الشعبي في ظل تراجع شعبية الحزب الحاكم في العديد من المدن التركية.
https://www.youtube.com/watch?v=jcGl83y3eOo
https://www.youtube.com/watch?v=2ELS4YVTCpg

ربما يعجبك أيضا