خطوة استباقية لمواجهة “كورونا”.. مصر تطلب دعم صندوق النقد الدولي

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – بدأت الحكومة المصرية في اتخاذ خطوات جديدة لمواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد الاقتصادية، إذ تقدمت الحكومة المصرية والبنك المركزي بطلب حزمة مالية من صندوق النقد الدولي، طبقًا لبرنامج أداة التمويل السريع “RFI” وبرنامج اتفاق الاستعداد الائتماني “SBA للحفاظ على استمرار المكتسبات والنتائج الإيجابية التي حققها الاقتصاد المصري، في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها كل دول العالم وتطورات الأوضاع العالمية.

“طلب مصري”

مجلس الوزراء المصري، كشف في بيان رسمي، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، أن الحكومة المصرية والبنك المركزي تقدما بطلب حزمة مالية من صندوق النقد الدولي، طبقًا لبرنامج أداة التمويل السريع “RFI” وبرنامج اتفاق الاستعداد الائتماني “SBA”، لتعزيز قدراتها على مواجهة أزمة فيروس “كورونا” المستجد، في خطوة استباقية تستند على نجاح تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي؛ مؤكدا أن المباحثات بشأن هذا الطلب وصلت إلى مرحلة متقدمة.

وذكر المجلس أن الاتفاق الجديد والتمويل المصاحب له في هذه المرحلة، يعد أمرًا مهمًا لدعم ثقة السوق وللحفاظ على المكتسبات والنتائج الإيجابية التي تحققت في السنوات الأخيرة من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أشادت به جميع المؤسسات الدولية، وقد أثبتت سياسات هذا البرنامج الاقتصادي خلال الأحداث الأخيرة سلامة رؤية الدولة حيث إن تحقيق فائض أولي بنسبة ٢٪ من الناتج المحلى وفَّر للحكومة مساحة مالية تمكنها من التعامل مع الأزمات والصدمات الاستثنائية.

وكشفت الحكومة أنه تم تخفيض عجز الموازنة وتخفيض الدين العام وتكوين احتياطيات دولية كافية من النقد الأجنبي قادرة على الدفاع عن استقرار الأوضاع النقدية والمالية في البلاد من خلال امتصاص الصدمات الخارجية واضطرابات الأسواق العالمية التي يمر بها العالم أجمع، الأمر الذى انعكس إيجابيًا في تقييم المؤسسات الدولية للاقتصاد المصري، حيث قررت مؤسسة “استاندر أند بورز” الإبقاء على تصنيف مصر الائتماني كما هو عند مستوى “B” مع نظرة مستقبلية مستقرة مقارنة بعشرات الدول حول العالم التي تم تخفيض تصنيفها الائتماني.

ويعتبر طلب المساندة من صندوق النقد الدولي، أمرًا مهمًا خلال هذه الظروف والأوضاع الاستثنائية الحالية بهدف الاستمرار في الحفاظ على استقرار مؤشرات الاقتصاد المصري، وتحوطًا من أي تأثيرات سلبية قد تعوق قدرته على التعافي وعودة النمو الاقتصادي، وقد أشاد الصندوق بقيادة مصر وفكرها وسياساتها الاقتصادية الواضحة وجدارتها بهذا الدعم لمواصلة قدرتها على مواجهة هذه الأزمة العالمية.

“خطوات استباقية”

وأكد رئيس الوزراء المصري أن الفترة الماضية شهدت التركيز على تداعيات فيروس كورونا، وكنا نوجه دوماً رسالة، بأن الحكومة تعمل بالتوازي على محور الإقتصاد المصري، للحفاظ على المُكتسبات الكبيرة التي تحققت خلال السنوات الماضية، فيما يخص الإصلاحات الإقتصادية التي قامت بها الدولة المصرية.

وأوضح مدبولي أنه بعد انتهاء برنامج الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي، في يونيو الماضي، استقر يقين المجموعة الوزارية الاقتصادية على أهمية البناء على المكتسبات الكبيرة التي تحققت في قطاعات الإقتصاد المختلفة، لافتاً إلى أن ذلك دعا الحكومة إلى بدء نقاشات بشأن برنامج آخر، مع صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومؤسسات مالية دولية أخرى، هدفه أن تقوم هذه الجهات بالإستمرار في تقديم الدعم لمصر في تحقيق ذات برامج الإصلاح الهيكلي، وفي بداية هذا العام تقدمت الحكومة بطلب برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي، يتضمن جانب دعم فني فقط، ولكن بعد مرحلة تداعيات فيروس كورونا، ظهر الإحتياج لأن يكون هناك دعم مالي أيضاً إلى جانب الدعم الفني.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن الخطوة تعدُ إجراء إحترازياً، فلا أحد حتى هذه اللحظة يستطيع أن يجزم بميعاد إنتهاء هذه الأزمة، والتي تفرض تداعياتها الكبيرة محلياً على قطاعات مثل السياحة والطيران، وقد تمتد إلى المتحصلات من النقد الأجنبي، منوها بأن الحُكومة تتحسب للمُستقبل، وتتخذُ خُطوة احترازية تجنباً لأية تداعيات، لذا ستبدأ مباحثاتها مع الصندوق لمناقشة الخطوات التنفيذية خلال الأيام القليلة.

وأكد رئيس الوزراء أن المجموعة الاقتصادية كانت حريصة على وضع سيناريوهات في حالة استمرار هذه الأزمة لمدي زمني طويل، قائلاً: “يجب أن نكون مُتحسبين، ونتخذ إجراءات احترازية واستباقية نضمن بها عدم حدوث أي تأثر في الاقتصاد المصري، ولا يحدث أيضاً أي تأثير سلبي على المكتسبات التي تمكننا من تحقيقها والتي أصبح المواطن قادراً على الشعور بها، مثل ثبات الأسعار والأسواق، ووجود وفرة من السلع والخدمات”.

“صندوق النقد متحمس”

من جانبه أكد محافظ البنك المركزي، خلال المؤتمر الصحفي، أن القطاع المصرفي المصري استعاد الكثير من قوته خلال السنوات الماضية، ويتمتع بمزايا جعلته قادراً اليوم على القيام بدور كبير في الأزمة الراهنة، موضحاً أن القطاع المصرفي تمكن على مدار السنوات الماضية من بناء رؤوس أموال البنوك واحتياطاتها بشكل كبير لتصل اليوم إلى حوالي 450 مليار جنيه، كما يملك القطاع المصرفي مبالغ سيولة بأكثر من تريليون جنيه.

وأشار عامر إلى أن هذا الوضع في القطاع المصرفي مكنه من مساندة القطاع الخاص في السوق، ومساندة القطاع الحكومي، وكذا المواطنين بالنسبة للخدمات المصرفية والتمويل والادخار، وذلك نتيجة استباق الأحداث وعدم إنتظار مفاجآت تنتج عن الأزمات.

وأضاف عامر، أن صندوق النقد الدولي متحمس جدأً لإن الاقتصاد المصري يملك مصداقية كبيرة بسبب النجاح المتميز للبرنامج الاقتصادي، مشيراً إلى أن برنامج التمويل لمدة سنة فقط، يتيح الاستفادة من تمويل جديد، فالاحتياطات تساعد على تحمل الصدمات، وكنا نصدر سندات دولية لتعظيم الاحتياطيات لكثرة الاضطرابات في الأسواق العالمية.

“توقعات مستقبلية”

وذكر وزير المالية محمد معيط، أن الحكومة تسعى في ظل الظروف الاستثنائية الحالية للحفاظ على ما تحقق من نتائج إيجابية من تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي ، موضحا أنه تم أجراء العديد من المباحثات مع صندوق النقد الدولي، والاتفاق على تقديم دعم فني وتمويل، سعياً للحفاظ المكتسبات التي حققها الاقتصاد المصرى خلال الفترة الماضية، وصولاً لتعافي الاقتصاد المصرى بصورة سريعة عقب الانتهاء من هذه الازمة، والعودة للنمو بالمعدلات المعتادة له.

وأشارت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية إلى أن الأزمة الحالية تُعد غير مسبوقة وتتسم بشكل كبير بعدم اليقين، مُوضحة أن الدولة المصرية والمجموعة الاقتصادية قامت بوضع سيناريوهات مختلفة لوضع الاقتصاد المصري في إطار التداعيات السلبية لهذه الازمة.

ولفتت وزيرة التخطيط هالة السعيد إلى أن الاقتصاد المصري ومؤشرات الأداء الخاصة به كانت في أفضل حالاتها حتى بداية مارس 2020 قبل هذه الازمة سواء كان مؤشر النمو على المستوي القومي أو مؤشرات النمو القطاعية ـومؤشرات البطالة وغيرها، منوهة بأنه تم وضع عدد من السيناريوهات، قائلة: “نتوقع أنه بنهاية هذا العام سيحقق الاقتصاد المصري 4,2% معدل نمو وهو من أفضل معدلات النمو على مستوي العالم، موضحة أنه تم البدء في العمل على مجموعة من السيناريوهات الخاصة بما بعد الأزمة، نظراً لأن الاقتصاد العالمي كله بعد الأزمة سيختلف عن قبلها.

وأشارت الوزيرة إلى أن التمويل الذي يأتي من المؤسسات الدولية يكون أقل في التكلفة من أي تمويل آخر، مضيفاً أن ما تشهده الاسواق العالمية من اضطرابات يؤثر على تكلفة الاقراض، وهو ما يجعلها مرتقعة مقارنة والذي يتم إتاحته من جانب المؤسسات الدولية.

ربما يعجبك أيضا