دروس التاريخ ومعطيات الواقع.. هل تصبح أوكرانيا «ألمانيا غربية» جديدة؟

محمد النحاس

انضمت ألمانيا الغربية للناتو، بينما جملة من القضايا الإقليمية لا زالت دون حل، هل يمكن تكرار ذات السيناريو مع أوكرانيا؟


تُطرح تساؤلات تتعلق بالضمانات التي يُمكن أن تُقدم لأوكرانيا، خلال انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العاصمة الليتوانية، فيلنيوس.

ويُعد هذا الأمر أحد أبرز أجندات الحلف، ويؤيد البعض انضمام أوكرانيا للناتو، ويرى آخرون استحالة هذا، في ظل استمرار الحرب، لأن الخيار الآخر مخاطرة لا يمكن الاستهانة بعواقبها في المستقبل.

التاريخ يخبرنا

يطرح مقال نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية مقارنةً بين الوضع الحالي لأوكرانيا، ووضع ألمانيا المُقسمة بعد الحرب، التي انضمت للناتو، على الرغم من مواجهتها مشكلات إقليمية لم تحسم، وانقسام بين دول الحلفاء -التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية- فهل يمكن تكرار هذا السيناريو؟ أم أن المعطيات الحالية تختلف؟

في عام 1955 كانت ألمانيا الشرقية واقعة تحت سيطرة السوفييت، في حين انضمت ألمانيا الغربية للناتو، وسرعان ما اندمجت في المنظومة الغربية لتزدهر مجددًا، وينتعش اقتصادها، على الرغم من أن البلاد ما زالت مقسمة بين المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، حسب المقال المنشور الاثنين 10 يوليو 2023.

ما جدوى انضمام أوكرنيا للناتو؟

قبل سقوط جدار برلين، بلغت المخاوف مداها، وبدا العالم على شفا صدام وشيك بين القطبين العالميين آنذاك، وخيّم شبح الحرب النووية على الأجواء، لكن في عام 1989 انهار جدار برلين دون إطلاق رصاصة واحدة. ووفقًا للمقال يجادل البعض بأن المخاوف المماثلة بشأن أوكرانيا سوف يثبت أنها مبالغ في تقديرها، كما كان في حالة ما بعد الحرب.

يرى داعمو انضمام أوكرانيا للناتو أن هذه الخطوة -حال حدثت- سوف تمثل ردعًا للروس عن “مزيدٍ من التعدي” بحكم الأمر الواقع، على حد وصف المقال، وسوف يحفظ في ذات التوقيت حق كييف، في إعادة ضم أراضيها مجددًا في ظل ظروف مواتية.

ويرى أصحاب الحجة السالفة أن هذا لن يحمي أوكرانيا فحسب، بل من شأنه إنهاء الصراع من خلال حث الروس على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

فروقات جوهرية

على الجهة المقابلة، يرى معارضو ضم أوكرانيا للناتو في هذه الظروف، بأنه على العكس من أوكرانيا، جرى ترسيم حدود ألمانيا الشرقية والغربية من المنتصرين في الحرب، وعلى الرغم من التوترات على مدار سنوات الحرب الباردة، لم تندلع أي حرب بين الجانبين، على النقيض من أوكرانيا وروسيا المنخرطتين في حرب طاحنة منذ أكثر من 500 يوم.

فضلًا عن عدم وجود ترسيم حدودي يتفق عليه الجانبان، ما سيجر الناتو لصدام مع روسيا في نهاية المطاف، وفق ما يشير مقال فورين بوليسي.

ويشير المقال إلى خطورة هذا السيناريو، إذ تفترض الحجة الداعمة لانضمام أوكرانيا للناتو، أن مجرد دخول كييف للحلف، يمنع موسكو من “الاعتداء” عليها، لكنه ليس صحيحًا، فضلًا عن أن هذا المسار يضع أمام الروس إمكانية إجبار الحلف على تفعيل المادة الـ5 من ميثاق الناتو (الدفاع المشترك).

مخاطر الانزلاق لحرب بين الناتو وروسيا

توجد مخاوف أخرى من الانزلاق لصدام بين الحلف وروسيا، فإذا ما انضمت أوكرانيا للناتو، فهذا لا يمنعها -حال توقف الصراع على وضعه الحالي- من العمل على استعادة ما تسيطر عليها روسيا من أراضيها، إذ لن تستغني أوكرانيا عن أراضيها في مقابل الانضمام للناتو، رغم أنها لن تعلن هذا صراحةً، وهو ما أوضحه محلل أوكراني رفض كشف هويته لفورين بوليسي.

وفي مقابل الخطوات الأوكرانية المحتملة، من المتوقع أن تشن روسيا هجومًا ضد أوكرانيا ردًّا على مساعي كييف، ومن شأن هذا تفعيل المادة الـ5 من ميثاق الحلف، وإشراك جميع دول الناتو في الحرب.

اقرأ أيضًا| انقسامات بين أعضاء الناتو حول انضمام أوكرانيا

اقرأ أيضًا| إنفوجراف| متى انضمت دول الناتو إلى الحلف؟

ربما يعجبك أيضا