ألمانيا تخاف عودة أمريكا لـ«الترامبية» وبوتين هدفه الثروات.. كيف يرى كتاب الرأي العالم؟

آية سيد

ما تأثير الحرب في السياسة الخارجية لألمانيا وكيف تواجه تحدي الصين, وماذا لو لم يكن بوتين أخطأ الحسابات في أوكرانيا, ولماذا لا تواكب الميزانية العسكرية الأمريكية الوقت الراهن؟


في ظل دخول الحرب الروسية الأوكرانية شهرها الثاني، تستمر تداعياتها بالتأثير في سياسة الدول الغربية والاتحاد الأوروبي.

في هذا السياق، تناول كتّاب الرأي الأمريكيون تأثير الحرب في السياسة الخارجية لألمانيا وكيف تواجه تحدي الصين؟ وماذا لو لم يكن بوتين أخطأ الحسابات في أوكرانيا؟ ولماذا لا تواكب الميزانية العسكرية الأمريكية الوقت الراهن؟

هل تبقى ألمانيا على نفس المسار؟

أوردت مجلة فورين أفيرز الأمريكية مقالًا لمديرة مؤسسة المجتمع المفتوح في أوروبا وأوراسيا دانييلا شوارزر، في 30 مارس 2022، رأت فيه أن الحرب الروسية الأوكرانية أدت إلى تحول جذري في السياسة الخارجية الألمانية وتقارب وثيق بين واشنطن وبرلين حول كيفية التعامل مع روسيا، وهما الآن في موقف أفضل للتعاون حول التحديات الكبرى الأخرى، مثل التهديد الوشيك الذي تفرضه الصين.

ولفتت الكاتبة إلى أن الخوف من عودة الولايات المتحدة إلى “الترامبية” في 2024 يستمر في ألمانيا، ما يجعل قادة الدولة حذرين من الاعتماد على الولايات المتحدة، لذلك يجب أن تعمل الدولتان لتوطيد شراكتهما بما يكفي كي تستمر بعد رئاسة بايدن، أي كان من يخلفه.

التحدي الكبير

ذكرت الكاتبة أن الانتباه الأمريكي والألماني مُوَّجه حاليًّا إلى بوتين وروسيا، نظرًا للحرب الدائرة في أوكرانيا، لكن التحدي الاستراتيجي الأكبر للولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي يظل التعامل مع الصين، التي تبقى شريكًا اقتصاديًّا مهمًّا للغرب، ومنافسًا منهجيًّا ومحاورًا ضروريًا لإدارة المخاطر العالمية مثل تغير المناخ والجوائح.

ولفتت الكاتبة إلى أن المستشار الألماني الجديد أولاف شولتس غيّر لهجة ألمانيا تجاه الصين، بتشجيع حقوق الإنسان ولفت الانتباه إلى التهديد الذي تشكله الصين على النظام الدولي القائم على القواعد. وبالإضافة إلى هذا، تسعى ألمانيا لتقليل اعتماد سلاسل إمدادها على الصين، بينما تضغط من أجل القواعد العادلة للمنافسة والملكية الفكرية.

وذكرت الكاتبة أن الحاجة إلى تنسق ألمانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سياستهم تجاه الصين نشأت نتيجة للتوترات المتصاعدة حول تايوان والحرب الروسية الأوكرانية، التي قد تؤدي بكين دورًا محوريًا فيها.

ماذا لو لم يخطئ بوتين حساباته؟

نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في 29 مارس 2022، مقالًا للكاتب بريت ستيفنز، ذكر فيه أن الحكمة التقليدية السائدة هي أن فلاديمير بوتين أخطأ خطأً كارثيًّا بشأن الحسابات حول أوكرانيا. لكن تساءل ستيفنز ماذا لو كانت هذه الحكمة التقليدية خاطئة وكان الغرب يفعل ما يريده بوتين بالضبط؟

استشهد ستيفنز بالحصار الروسي لمدينة جروزني خلال حرب الشيشان الأولى في منتصف التسعينيات. في المراحل الأولى من الحرب، قضى المقاتلون الشيشانيون على لواء مدرعات روسي، وأعاد الروس تنظيم صفوفهم ثم قضوا على جروزني من بعيد باستخدام المدفعية والقوة الجوية. وأوضح ستيفنز أن روسيا تستخدم قواعد اللعب نفسها اليوم في أوكرانيا.

ما هدف بوتين الحقيقي؟

طرح ستيفنز فرضية أن أهداف بوتين الحقيقية هي ثروات الطاقة في شرق أوكرانيا، الذي يحتوي على ثاني أكبر احتياطيات غاز طبيعي في أوروبا. وأن طموحات بوتين تصبح واضحة إذا جمعنا استيلاء روسيا سابقًا على القرم التي تمتلك حقول طاقة بحرية ضخمة، ومقاطعتي لوغانسك ودونيتسك اللتين تحتويان على جزء من حقل غاز صخري ضخم، وسعي بوتين للسيطرة على معظم أو كل ساحل أوكرانيا.

لهذا السبب، يستهدف بوتين المدنيين للضغط على زيلنيسكي كي يقبل بمطالبه، وهي التنازلات الإقليمية والحياد الأوكراني. وأشار ستيفنز أيضًا إلى أن الغرب سيبحث عن أي فرصة لخفض التصعيد، خاصة وأنه يُقنع نفسه بأن بوتين المضطرب عقليًا مستعد لاستخدام الأسلحة النووية.

الميزانية العسكرية الأمريكية لا تواكب اللحظة

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال مقالًا، في 29 مارس 2022، رأت فيه أن الميزانية العسكرية التي أعلنها الرئيس بايدن يوم الاثنين الماضي لا تواكب اللحظة، في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، وأنها لا تحقق أي تقدم وسط التضخم، وتدعو الاستبداديين إلى استغلال نافذة الضعف الأمريكي المتسعة.

بحسب الصحيفة، يطلب البنتاجون 773 مليار دولار للسنة المالية 2023، ويصل الإنفاق على الدفاع القومي إلى 813 مليار دولار، ويبدو هذا رقمًا ضخمًا، ويروج بايدن له على أنه زيادة كبيرة، لكن مسؤولي الدفاع يقولون إن البنتاجون سيرى فقط زيادة حقيقية بنسبة 1.5% عن العام الماضي، وأن الإنفاق الدفاعي سيظل يمثل نحو 3.1% من الاقتصاد، وهو قريب من أدنى مستوياته بعد الحرب الباردة ويتجه للهبوط.

تخصيص الميزانية لحروب لم تحدث بعد

لفتت وول ستريت إلى أن إدارة بايدن تصف الصين بـ”التحدي سريع الخطى” وروسيا بـ”التهديد الخطير”، لذلك خصصت 130 مليار دولار لتطوير الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الجيل الخامس، وخصصت 24.7 مليار دولار للدفاع الصاروخي، الذي يشمل 892 مليونًا للدفاع عن جزر جوام من صواريخ الصين، و27.6 مليار دولار للقدرات الفضائية، وستحصل مبادرة الردع في المحيط الهادئ على 6.1 مليار دولار.

وبحسب المقال، يراهن فريق بايدن على أسلحة ليست موجودة بعد لحرب يأملون أن تصل تحت حكم شخص آخر، لذلك يدخرون الأموال الآن كي ينفقوها على ما يقولون إنها ستصبح قوة أكثر حداثة خلال عقد.

ترتيب الأولويات

ذكرت الصحيفة أن الأسلحة والمعدات ذات الأولوية جرى تقليصها من أجل طلب 3.1 مليار دولار لتغير المناخ، وكان من الممكن إنفاق هذا المبلغ على الأسلحة لأن الدولة تحتاج للقوة الهجومية، وبناء عليه ألغت الإدارة برنامج تطوير صاروخ كروز نووي يُطلق من البحر، وهو السلاح المُصمم لردع بوتين عن استخدام التكتيكات النووية في أوروبا. وأوقفت القوات الجوية إخراج معظم أسطول طائرات الإنذار والتحكم القديم من الخدمة لعدم وجود بديل.

وأضافت وول ستريت جورنال أن الكونجرس يجب أن يحدد هدفًا يتمثل في إعادة الولايات المتحدة إلى قوتها الرادعة في سنوات الحرب الباردة، عندما كان الإنفاق الدفاعي 5% أو أكثر من الاقتصاد.

ربما يعجبك أيضا