لماذا قدَّم البابا اعتذارًا تاريخيًّا إلى سكان كندا الأصليين؟

هالة عبدالرحمن

أُجبر أكثر من 150 ألف طفل من المجتمعات الأصلية في كندا على الالتحاق بالمدارس المسيحية التي تمولها الدولة بداية من القرن التاسع عشر حتى السبعينيات في محاولة لعزلهم عن تأثير عائلاتهم وثقافتهم.


قدم بابا الفاتكيان، فرنسيس، الجمعة الماضية 1 إبريل 2022، اعتذارًا تاريخيًّا لسكان كندا الأصليين، لما تعرضوا إليه من انتهاكات “مؤسفة”.

تلك الانتهاكات حدثت في المدارس التي كانت تديرها الكنيسة الكاثوليكية. وقال البابا إنه يأمل في زيارة كندا أواخر يوليو المقبل، لتقديم الاعتذار شخصيًّا إلى الناجين من حملات المبشرين السيئين الذين أرسلتهم الكنيسة الكاثوليكية إلى كندا، وفقًا لصحيفة “الجارديان” البريطانية.

سبب اعتذار البابا التاريخي إلى سكان كندا الأصليين

خلال لقاء مع العشرات من السكان الأصليين الذين انتقلوا إلى روما، قال البابا: “أشعر بالعار والحزن للدور الذي لعبه عدد من الكاثوليك، لا سيما أولئك الذين لديهم مسؤوليات تعليمية، في كل هذه الأشياء التي جرحتك، وفي الانتهاكات التي تعرضت لها، وفي عدم احترام هويتك”.

والتمس فرنسيس المغفرة من الجمع وقبول الاعتذار البابوي وحضور التعهد بالتزام الكنيسة الكاثوليكية بإصلاح الضرر. وأوضح البابا الذي يعد أول حبر أعظم من الأمريكتين، أنه يأمل في زيارة كندا في الأيام المشارفة لعيد القديسة آنا، الذي يصادف يوم 26 يوليو، ويخصص لجدة المسيح.

ردود أفعال  السكان الأصليين في كندا

ووصف أحد قادة السكان الأصليين في كندا، رافضًا الكشف عن هويته، الذين يريدون من البابا أن يقدم اعتذارًا مباشرة إلى مجتمعاتهم على أراضيهم الأصلية في كندا، كلماته بالـ”تاريخية”. وأضاف: “بالنسبة إلى السلوك المؤسف لأعضاء الكنيسة الكاثوليكية، أطلب المغفرة من الله، وأود أن أخبرك من أعماق قلبي أنني أشعر بألم شديد”.

وذكر رئيس المجلس الوطني للخلاسيين ورئيس أحد وفود السكان الأصليين، كاسيدي كارون، أن كلمات البابا كانت تاريخية بالتأكيد، وأنها كانت ضرورية ويقدرها بشدة. وواصل كارون حديثه: “أتطلع الآن إلى زيارة البابا لكندا، حتى نحظى بشرف قدومه إلى أرضنا ونلتمس منه البركات”.

ccec5b77 db09 4c8c a2f0 70959b223e84

مأساة الإبادة الجماعية للسكان الأصليين

أُجبر أكثر من 150 ألف طفل من المجتمعات الأصلية في كندا على الالتحاق بالمدارس المسيحية التي تمولها الدولة، بداية من القرن التاسع عشر حتى السبعينات، في محاولة لعزلهم عن تأثير عائلاتهم وثقافتهم. وتعرض الكثيرون إلى سوء المعاملة والاغتصاب وسوء التغذية، في ما وصفته لجنة الحقيقة والمصالحة في عام 2015 بـ”الإبادة الجماعية”، وفقًا لـ”الجارديان”.

وكان الهدف المعلن للمدارس الكاثوليكية، التي عملت بين عامي 1831 و1996، هو استيعاب أطفال السكان الأصليين، وكانت تديرها الطوائف المسيحية ومعظمها من الكنيسة الكاثوليكية، نيابة عن الحكومة. واندلعت الفضيحة من جديد العام الماضي مع اكتشاف رفات 215 طفلًا في المدرسة الهندية السكنية السابقة في كاملوبس، في مقاطعة كولومبيا البريطانية غرب كندا، والتي أغلقت عام 1978.

مطالب بفتح تحقيق بشأن المقابر الجماعية لسكان كندا الأصليين

جلب اكتشاف المقابر الجماعية للسكان الأصليين مطالب جديدة للمساءلة، بعدما جرى تحديد المئات من مواقع الدفن، منذ ذلك الحين. ودعا السكان الأصليون في كندا حكومة بلادهم إلى الكشف عن سجلات الحضور في المدارس الداخلية للمساعدة في تحديد هوية الموتى في القبور التي لا تحمل شواهد.

هنود

والسكان الأصليون هم أول من سكن كندا، ولديهم العديد من المعتقدات الروحانية والتقاليد الثقافية التي توارثوها جيلًا بعد جيل. لقد قطن السكان الأصليون كل منطقة من البلاد، وفقًا لـ“كندا إنترناشيونال”. ويعترف ميثاق الدستور 1982، بمجموعات ثلاث رئيسة من السكان الأصليين في كندا، وهم: الأمم الأولى، كانوا يعرفون بالهنود، وشعب الميتي، والإنويت، ويعود أصل 7.7٪ من السكان تحت سن الـ14 إلى السكان الأصليين.

ربما يعجبك أيضا