غزو تايوان قد يكون أكثر فتكًا.. كيف تأثرت خطط الصين بحرب بوتين؟

رنا أسامة

جيش التحرير الشعبي قد يتعلم على المدى الطويل من الصراع في أوكرانيا ليُعدّل خططه العسكرية لتايوان لتكون أكثر فتكًا وأسرع وأكثر تصعيدًا


جدّدت الحرب الروسية الأوكرانية مخاوف بشأن خطط الصين لغزو تايوان، ويتكهن محللون بأن احتمالات الغزو الصيني زادت، ويجادل آخرون بأن بكين قد توخّي الحذر في استخدام القوة العسكرية.

وتثير هذه المخاوف، بحسب تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية بتاريخ 19 إبريل 2022، تايوان سؤالين: هل أثّرت حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا على استعداد بكين لاستخدام القوة ضد تايبيه؟ وهل غيّرت تقييمات بكين وجيش التحرير الشعبي الصيني قدرتها على شن غزو برمائي ناجح لتايوان؟

الغزو الصيني لتايوان.. دوافع مُحتملة

هل تغزو الصين تايوان بفضل الحرب الروسية الأوكرانية

ذكرت المجلة أن قرار الصين لاستخدام القوة في تايوان سياسي بالأساس، ولن يكون مدفوعًا بتقييمات لقدرات بكين العسكرية فقط، مُشيرة إلى أنه “حتى إذا لم تثق الصين في قدرتها على تنفيذ غزو برمائي ناجح لتايوان، قد تعتقد أن تكاليف عدم استخدامها القوة جيوسياسيًّا وداخليًّا تفوق مخاطر فشلها عسكريًّا”. وتوقعت إما أن تُصدر بكين تعليمات لجيش التحرير الشعبي بالانخراط في “عملية عسكرية كبيرة دون غزو”، وإما تُعدّل خطط الغزو لتُزيد فرص نجاحه.

لكن حتى الآن، لا يوجد دليل واضح على أن الحرب الروسية الأوكرانية غيّرت رغبة الصين في غزو تايوان. قالت المجلة: “تظل بكين مستعدة لاستخدام القوة إذا تجاوزت تايبيه الخطوط الحمراء لبكين”، لكنها أضافت أن “فارق القوة بين الصين وتايوان آخذ في النمو لصالح بكين، ما يسمح للقيادة الصينية بالقول إن الوقت لصالحها وإنها ليست بحاجة لاتخاذ إجراءات فورية ضد تايوان”.

الحرب الروسية الأوكرانية.. كيف تؤثر على خطط غزو تايوان؟

جيش التحرير الشعبي الصيني

يُحتمل أن تثير الحرب الروسية الأوكرانية شكوكًا على المدى القريب في تقييمات جيش التحرير الشعبي لقدراته العسكرية. رجحّت فورين بوليسي أن جيش التحرير الشعبي قد يتعلم على المدى الطويل من الصراع في أوكرانيا، بما يُمكّنه من تعديل خططه العسكرية لتايوان لتكون “أكثر فتكًا وأسرع وأكثر تصعيدًا”. وأن العقوبات الغربية السريعة والموسّعة ضد روسيا تُنبئ بأن التكاليف الاقتصادية المُحتمل أن تتكبدها الصين قد تكون أعلى وأسرع بكثير مما تتوقعه بكين.

وفي حين أن الثقل الاقتصادي والمالي للصين يفوق مثيله في روسيا، قد تعتقد بكين أن العقوبات الاقتصادية المُحتملة ضدها من شأنها أن تضر بتجارتها العالمية ومؤسساتها المالية، فرجّحت المجلة أن تُعمّق بكين استثمارها في تدابير الاعتماد على الذات لمواجهة تكاليف الغزو المُحتمل، وأن قلة الثقة في قدرة جيش التحرير الشعبي على غزو تايوان، قد تدفع بكين للتفكير في خيارات عسكرية أخرى مثل حصار تايوان، وإعادة النظر في تقييمات جيشها بشأن إرادة تايوان وقدرتها على المقاومة.

وثيقة روسية: الصين تخطط لغزو تايوان في الخريف

تايوان والصين

ادَّعت وثيقة استخباراتية روسية، الشهر الماضي، أن الصين تخطط لغزو تايوان في خريف 2022. قال وزير الخارجية التايواني جوزيف وو، إنه يجب على بلاده الاستعداد بغض النظر عن مدى صحة تلك الوثيقة المزعومة، بحسب مجلة نيوزويك الأمريكية. الأمر الذي تناقض مع تقديرات رئيس استخبارات تايبيه، تشين مينج تونج، الذي استبعد في أكتوبر 2021 وقوع هجوم صيني خلال الأعوام الـ3 المقبلة، إلا بعد مغادرة الرئيسة التايوانية منصبها.

وسيتعارض “الغزو البرمائي الصيني في الخريف أيضًا مع التفكير العسكري التقليدي، الذي يضع في الاعتبار الظروف المناخية غير المواتية عبر مضيق تايوان خلال الصيف وتحديدا شهر سبتمبر على الأقل”، بحسب نيوزويك.

تايوان وأوكرانيا.. تشابهات وفروقات

رئيسة تايوان

أدانت تايوان الحرب الروسية الأوكرانية، مُشددة على اختلاف الأوضاع بين تايبيه وكييف. قالت الرئيسة التايوانية تساي إنج ون في 25 فبراير 2022: “يختلف الوضع في أوكرانيا اختلافًا جوهريًّا عما هو عليها في مضيق تايوان”. وأضافت: “يشكل مضيق تايوان حاجزًا طبيعيًّا، في حين تحظى تايوان بأهمية جيوستراتيجية فريدة”.

رغم رفض بكين مُقارنة الأزمة في تايوان بنظيرتها في أوكرانيا، فإن خبراء يرون أنها تدرس بدقة رد فعل المجتمع الدولي على الحرب الروسية الأوكرانية، وقالت بوني جلاسر، مديرة برنامج آسيا في صندوق مارشال الألماني بالولايات المتحدة.

الصين تستخلص الدروس من الأزمة الأوكرانية

صرّحت لمجلة دويتشه فيله الألمانية: “ستستخلص الصين، بلا شك، دروسًا (من الحرب الروسية الأوكرانية) لتوظيفها في استراتيجيتها تجاه تايوان”.

وأضافت “ستراقب الصين مدى وحدة وتماسك حلف شمال الأطلسي (الناتو) والتحالفات الأمريكية الأخرى، ومدى قدرة الدول الغربية على تحمل تبعات العقوبات على روسيا”، علاوة على مراقبة مجريات الحرب في أوكرانيا، ومدى تأثير الجمع بين المعلومات المضللة والهجمات الإلكترونية على أرض الواقع، وتشكيل المواقف تجاه الصراع.

سيناريو أوكرانيا.. هل يتكرر في تايوان؟

الرئيس الصيني شي جين بينج ونظيره الروسي فلاديمير بوتين

على المنحى ذاته، نوّه محللون أمنيون بأن بكين تدرك الاختلافات اللوجستية بين الغزو الروسي لأوكرانيا وأي هجوم صيني مُحتمل في تايوان في مسعى لضمها. قال تشن فانج يو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سوشو التايوانية، إن الصين لا يمكنها اجتياح حدود تايوان في سيناريو مشابه لتوغل الجيش الروسي بالأراضي الأوكرانية.

أما ليف ناشمان، الباحث في مركز فيربانك للدراسات الصينية بجامعة هارفارد، فتوقّع أن تحاول الصين تحقيق توازن بالنظر إلى تطورات الأحداث في أوكرانيا. وأضاف لـ”دويتشه فيله”: “الصين تريد أن تحصل على فسحة دبلوماسية، فيمنا يستبعد كثيرون أن تتصرف الصين بالطريقة العدوانية نفسها التي أقدمت عليها روسيا، على الأقل على المدى القصير”. تابع: “إذا رأت الصين أن الوقت حان لاستعادة تايوان، لن تحذو حذو موسكو”.

ربما يعجبك أيضا