رب ضارة نافعة.. الفيروس التاجي يجعل الأرض تتنفس !

هدى اسماعيل

كتبت – هدى إسماعيل

رب ضارة نافعة“.. على الرغم من الخسائر الفادحة لتفشي فيروس كورونا، بشريًا وماديًا واجتماعيًا واقتصاديًا، فإن لهذا الوباء بعض النواحي الإيجابية، التي ستتمتع بها الأجيال القادمة وهذا على غير المتوقع، فقد أسهم الفيروس بنسبة كبيرة في إعادة الشباب لكوكب الأرض.

هواء الصين

أظهرت صور الأقمار الصناعية الصادرة عن وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية انخفاضًا حادًا في انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين وغياب غيوم الغاز والغبار فوق الصين، وأسهم انخفاض إنتاج النفط والصلب، فضلاً عن انخفاض الرحلات الداخلية بنسبة 70٪ في خفض الانبعاثات، لكن أكبر قوة دافعة كانت الانخفاض الحاد في استخدام الفحم في الصين.

كما أفادت وزارة البيئة الصينية، بأن متوسط “أيام الهواء ذات الجودة العالية” ارتفع في شهر فبراير الماضي بنسبة 21.5٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

كما تحسنت نوعية الهواء في هونج كونج وانخفضت البيانات الأساسية عن تلوث الهواء بنحو الثلث.

زلزال بروكسل

لاحظ العلماء أن تدابير الاحتواء العالمية لمكافحة انتشار فيروس كورونا، جعلت العالم أكثر هدوءًا، كما لوحظ سابقًا فيما يتعلق بانخفاض مستويات التلوث في أجواء الصين وأوروبا، ففي جميع أنحاء العالم، لاحظ علماء الزلازل أن الاهتزازات الناتجة عن حركة السيارات والقطارات والحافلات والأشخاص الذين يمارسون حياتهم اليومية أصبحت أقل، وأنه في غياب هذا الضجيج، تتحرك القشرة العليا للأرض بصورة أقل أيضًا.

وأشار الجيولوجي وعالم الزلازل في المرصد الملكي في بلجيكا، توماس لوكوك، إلى أن هذه الظاهرة تُلاحظ لأول مرة في بروكسل، التي تشهد انخفاضًا بنسبة تتراوح من 30 إلى 50 % في الضوضاء الزلزالية المحيطة منذ منتصف مارس، عندما بدأت بلجيكا بتطبيق إغلاق المدارس والأعمال وغيرها من إجراءات التباعد الاجتماعي.

وعادة ما يتم إنشاء محطات الزلازل خارج المناطق الحضرية، لأن الضوضاء البشرية المنخفضة تسهّل التقاط الاهتزازات الخفية في الأرض.

يرى علماء الزلازل في مواقع أخرى تأثيرات مماثلة في مدنهم، فقد نشرت عالمة الزلازل “بولا كولميجر” رسمًا بيانيًا في حسابها على تويتر يوضح كيف تأثرت الضوضاء في غرب لندن، مع الانخفاض الذي أعقب إغلاق المدارس والأماكن الاجتماعية إثر إعلان الحكومة البريطانية الإغلاق لمكافحة كورونا.

عصابات بريطانيا 

توقف التنافس بين العصابات وتراجع مستويات العنف عمومًا بالمدن في بريطانيا ويبدو أن السبب وراء ذلك يعود إلى أن أفراد العصابات يتبعون قواعد وإجراءات الأمن والسلامة المتعلقة بمكافحة عدوى فيروس كورونا الجديد.

يقول رئيس مؤسسة “غانغسلاين تراست”، وهي جمعية خيرية، “شيلدون توماس”:” إن التنافس بين العصابات قد توقف وتم وقف العنف مع اتباع أعضاء تلك الجماعات لقواعد السلامة من فيروس كورونا”.

وأضاف توماس، أن نشاط العصابات خارج المدن انخفض أيضا مع تطبيق الشرطة لإجراءات “البقاء في المنزل” الاحترازية.

وأشار إلى أن نشاط زعماء العصابات وتجار المخدرات في الاستيلاء على منازل الضعفاء لاستخدامها كقاعدة لعملياتهم، انخفض أيضًا بفضل إجراءات إبطاء تفشي كوفيد-19.

غير أن توماس حذر قوات الشرطة من أنها يجب أن تتوقع استئناف العنف مرة أخرى بمجرد رفع القيود وتخفيف إجراءات الإغلاق، مشيرا إلى أن هذا النشاط “تم تأجيله”، مقارنًا الوضع بالموسم الكروي وتأجيل بطولات كرة القدم بسبب فيروس كورونا.

مياه البندقية

في إيطاليا وبالتحديد مدينة البندقية والتي تعتبر المدينة الأولى في أوروبا التي طبقت نظام الحجر الصحي على السكان بسبب انتشار كورونا، ظهرت بها أيضًا تأثيرات إيجابية على البيئة، حيث أصبحت مياه قنوات المدينة نقية وشفافة، ولوحظت الأسماك الصغيرة بشكل أكثر بكثير مما كانت عليه سابقًا، كما عادت البجع إلى القنوات مرة أخرى، وتم مشاهدة حتى الدلافين في القنوات الأمر الذي لم يشاهده سكان البندقية منذ 60 عامًا على الأقل.

وأفادت وكالة الفضاء الأوروبية أنه في إيطاليا انخفضت درجة تلوث الهواء بعد إدخال الحجر الصحي الكلي وأصبحت ملحوظة بشكل خاص في شمال البلاد.

التباعد الاجتماعي
 
أظهرت إحدى الدراسات أن الشخص المصاب بالإنفلونزا يمكنه نشر سوائل بها المرض سواء من خلال العطس أو السعال والتي تصل إلى مسافة 1.8 متر وكذلك من خلال الهواء خلال الحديث، لذا دعت السلطات حول العالم إلى تطبيق التباعد الاجتماعي، ولم ينصح إلا بالسفر للأمور الهامة فقط، وكذلك اعتمدت معظم المكاتب والشركات على العمل عن بعد، ويمكن لهذه الإرشادات أن تقلل من انتقال الأمراض على نطاق واسع، وقد تحد أيضًا من انتقال الإنفلونزا وأمراض الالتهاب الرئوي.

عادات النظافة

دفع انتشار المرض كوباء إلى حرص الجميع للحفاظ على عادات النظافة وغسل اليدين المستمر مع تعقيمها بشكل صحيح، كذلك التباعد الاجتماعي وعدم التحية بلمس اليدين أو تبادل القبلات، وهذه التدابير البسيطة من شأنها المساعدة في الحد من انتشار أمراض الجهاز التنفسي مثل الإنفلونزا الموسمية.

مرض الإنفلونزا وغيره من أمراض الجهاز التنفسي تنتقل من خلال السوائل من الأنف أو الفم، وبمرور الوقت والحرص على غسل اليدين بالماء الدافئ والصابون سيعمل على التخلص من اي فيروسات قد تكون عالقة باليدين أو الأسطح الملوثة، وكانت قد أوضحت دراسة صادمة قبل فيروس كورونا أن 32% فقط من الرجال و 64% من النساء يغسلون أيديهم بعد استخدام المراحيض العامة.

بالأرقام

أبلغت اليابان في الأسبوع الثاني من شهر فبراير 2020، عن انخفاض الإصابة بالإنفلونزا بنسبة 60% مقارنة بالأسبوع نفسه في عام 2019، وكذلك وفقا لتقارير أسبوعية من الصحة العامة في إنجلترا فهي تشير أيضا إلى انخفاض نشاط الإنفلونزا خلال نفس الفترة مقارنة بالسنوات السابقة، مما يعني أن النجاة من الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) تعني أيضا الحفاظ على صحة الشخص من الإصابة بأي أمراض معدية أخرى.

ربما يعجبك أيضا