صراع طويل الأمد.. ما مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية مع حلول الشتاء؟

محمد النحاس
الحرب الروسية الأوكرانية

تظهر سوابق التاريخ أن الحروب عادةً ما تميل إلى "التجمد" بعد مراحلها الأولى


فيما تستعد كييف للشتاء الثاني في الحرب، أصبحت المكاسب التي حققتها في معركتي خيرسون وخاركيف منذ نحو عام ذكرى بعيدة.

ووفقا لتقرير نشرته شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية، 2 أكتوبر 2023، تكافح القوات الأوكرانية أمام جملة من التحديات والمصاعب مع اقتراب الشتاء، وتكيف الروس على ساحة المعركة في حرب استنزاف طويلة الأمد.. فما مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية مع حلول الشتاء؟

قوات روسية أكثر ضراوة

تشن القوات الأوكرانية هجومًا مضاد منذ نحو 4 أشهر، يهدف إلى استنزاف القوات الروسية، التي باتت أشد عنادًا وأكثر تكيفًا، وأكبر عددًا، ودونًا عن ذلك، ما زالت أوكرانيا تعاني بسبب نقص الغطاء الجوي، فضلًا عن تدهور الطقس.

وبالإضافة إلى ذلك، من المرجح مع قدوم الشتاء أن يشرع الروس في استهداف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، وإغراق البلاد في ظلام دامس، وقد تكيّف الروس مع حقائق ميدان القتال الجديدة، وستكون ميزانية الدفاع العام المقبل أعلى بمقدار 70% من العام الجاري، حسب ما ذكر تقرير شبكة “سي إن إن” الأمريكية.

تفاؤل في غير محله

دفع إتقان القوات الأوكرانية السريع للتقنيات الغربية، إلى إزجاء التفاؤل بأن تطوير وحدات قتالية في أرض المعركة متناقسة ومتسقة ولديها القدرة على تطبيق هذه المعرفة عمليًّا في الميدان يُمكن أن يحدث في وقتٍ قليل المدى، وهو تفائل اتضح أنه في غير محله، حسب ما ذكر فرانز ستيفان جادي ومايكل كوفمان في مجلة الإيكونومسيت البريطانية.

وفي الوقت الحالي، عادت القوات الأوكرانية لاستخدام أسلوبها التقليدي، والذي تتقنه بشكل جيد، ويتمثل في استخدام مجموعات مشاة صغيرة العدد، وهو أسلوب مناسب للظرف الميداني تجنبًا لمخاطر استهداف التجمعات كبيرة العدد من خلال المُسيرات، فضلًا عن أن أوكرانيا ليست على مقدرة لتحمل كلفة الخسائر التي قد يسببها هجوم كبير.

وفي مقابلة أجراها الجنرال الأوكراني، ألكسندر تارنافسكي، مع شبكة “سي إن إن”، الأسبوع الماضي، لفت إلى أن “العدو لا يستخدم في الغالب الكتائب أو الألوية، وكذلك نحن أيضًا، وبدل من ذلك فرق صغيرة من 10 إلى 15 مقاتلًا”، لافتًا إلى أن المهارة الرئيسة لكل قائد تتمثل في الحفاظ على حياة المقاتلين.

ضربات بعيدة المدى

من جانبها، كثفت كييف من الهجمات الصاروخية بعيدة المدى والطائرات بدون طيار ضد مراكز الإمداد اللوجيستي الروسي، ومقار القيادة، ومستودعات الوقود والذخيرة، وقد أصبحت شبه جزيرة القرم هدفاً ثابتاً في مسعى لتعطيل خطوط الإمداد، وتقويض فعالية الأسطول الروسي في البحر الأسود.

ومن المرجح أن تتصاعد مثل هذه الهجمات، إذ أن حلول الشتاء يجعل التقدم الميداني أكثر صعوبة، وتسهم عادةً هذه العمليات (مثل استهدف مقر الأسطول الروسي، وميناء سيفاستوبول في البحر الأسود) تسهم في رفع الحالة المعنويّة لأوكرانيا، وتذكر حلفاء أوكرانيا بقدرتها على الفعل وإمكانية المبادرة القتالية، حسب التقرير.

ومن شأن التقديم المتوقع لصواريخ توروس الألمانية بعيدة المدى ونظام الصواريخ التكتيكي التابع للجيش الأمريكي (أتاكمز) أن يزيد من تركيز أوكرانيا على تدمير البنية التحتية الروسية، (داخل أراضي أوكرانيا وليس خارج حدودها)، تلك الهجمات بعيدة المدى شكلت بالفعل معضلة بالنسبة للجيش الروسي، ومع ذلك فإن الروس كذلك يتكيفون مع مستجدات المعركة ويتعلمون من أخطائهم ما يصعب المهمة الأوكرانية.

حرب طويلة الأمد

تحدث الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرج، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وآخرون عن “تقدم مطرد” لأوكرانيا في ساحة المعركة، ولكن يرى العديد من المراقبين والمحللين دلائل على جمود وشيك للصراع، فيما تزايد الحديث مؤخرًا عن أن الصراع قد يمتد حتى عام 2025.

لا زالت أوروبا والولايات المتحدة ملتزمتين بدعم أوكرانيا عسكريًّا وماليًّا، لكن هناك علامات متزايدة على الإرهاق جرّاء الدعم طويل الأمد، وقد أظهر الخلاف الأخير بين بولندا وأوكرانيا بشأن صادرات الحبوب، أن الدعم معرض للتأثر بتغير المزاج السياسي.

الخلاف الأمريكي بشأن دعم أوكرانيا

ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية فإن دعم أوكرانيا محل خلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين، وتعد هذه الجوانب عوامل خطر بالنسبة لأوكرانيا مستقبلًا، كما أن الكرملين يروج لسردية أن الحرب الحالية، هي “معركة وجودية للدفاع عن الوطن”، مسخرًا الاقتصاد لخدمة آلة الحرب، ما يؤشر بالفعل على أننا قد نكون أمام صراعٍ طويل الأمد، دون آفاق لنهاية محتملة.

وتظهر سوابق التاريخ أن الحروب عادةً ما تميل إلى “التجمد” بعد مراحلها الأولى، كما حدث تمامًا مع صراع 2014 بين أوكرانيا والانفصاليين الموالين لروسيا في دونباس.

ربما يعجبك أيضا