ضحايا الاحتلال الأكثر تميزًا في نتائج الثانوية العامة بفلسطين

محمود

رؤية- محمد عبد الكريم

يخلق الاحتلال الYسرائيلي عند الفلسطينيين إصرارا مضاعفا على التفوق والريادة، وهو أمر يتجلى أكثر ما يكون في الأسر التي اكتوت وتكتوي بنار الاحتلال من قتل وأسر وتشريد، وغيرها من جرائم الاحتلال اليومية.

فقدانه بصره قوى عزمه وبصيرته

عينا الفتى الفلسطيني حسان التميمي (19 سنة) من قرية دير نظام شمال غرب رام الله، فقدتا نور البصر، لكنه استعاض عن بصره بعزيمة وبصيرة جعلتاه يجتاز امتحانات الثانوية العامة التي كانت شاقة عليه وعلى عائلته.

لم يكن التميمي فاقداً للبصر منذ صغره، بل فقده العام الماضي، خلال اعتقاله في سجون الاحتلال الإسرائيلي لعدة أشهر، انتهت بنقله إلى المستشفى بعد دخوله غيبوبة، قبل أن يفرج عنه في يونيو/ حزيران 2018.

يقول حسان: “كانت لحظة صاعقة علي وعلى أهلي، فحين استيقظت من الغيبوبة، لم أر شيئاً. دخلت السجن بكامل قواي البصرية، وخرجت لا أتمكن من الرؤية”.

وتؤكد العائلة، أن السبب هو الإهمال الطبي، فالفتى يعاني منذ صغره من زيادة البروتين والحموضة في الدم، ما يعني حاجته لرعاية متواصلة، وتوفير طعام خاص بلا بروتين، وعلاج بشكل دائم، وهو ما افتقده داخل سجون الاحتلال.

وأضاف حسان: “العودة للدراسة لم تكن أمراً يسيراً، فأنا أصبحت بحاجة لمن يلقنني الدروس سماعياً، وكنت أطلب من شقيقتي الكبرى بشكل يومي أن تقوم بإعداد الحاسوب الناطق لي ليتسنى لي سماع الدروس، وفي قاعة الامتحان كنت أنطق بما أستطيع حفظه ليقوم الكاتب بتدوينه في ورقة الامتحان”.

وتؤكد والدة حسان أنه ينوي دراسة الصحافة أو الشريعة الإسلامية. “وصلتنا وعود بتوفير منحة له للدراسة في الخارج”، وهو لا يخفي حماسه للسفر لاستكمال الدراسة.

ابنة وحفيدة الشهيدتين

فارقتها أمها شهيدة وهي في العاشرة من عمرها، استشهدت بعد أن دهستها مستوطنة بتاريخ عام 2011 على طريق القدس رام الله، جريمة رافقت الفتاة مسك سلام معالي من سلفيت في مختلف مراحل حياتها، واليوم ومع إعلان نجاحها في امتحان الثانوية العامة امتزجت دموع الحزن على الوالدة الشهيدة بدموع فرحة النجاح.

كما أهدت نجاحها وحصولها على معدل 88.7% لجدتها الشهيدة مريم معالي التي قتلها أحد جنود الاحتلال بضربها بعقب بندقيته على صدرها خلال انتفاضة الحجارة بحثا عن ابنها المطارد وقتها والشهيد يحيى عياش.

وتقول مسك: أشعر بفرحة كبيرة؛ فقد كانت النتيجة حصيلة اجتهاد ودراسة مستمرة وتخطيط سليم ودعم أسري كبير ووقفة ممن أحبني، فلهم جميعا أهدي هذا النجاح، ولكل من قدم للوطن شهداء وأسرى وجرحى وأبطالًا مرة أخرى.

الفتاة زينة تسعد والدها الأسير بالتفوق

وحققت زينة ابنة الأسير المقدسي مجد بربر التي تركها والدها رضيعة بعمر أسبوعين عند اعتقاله، نجاحا كبيرا بامتحان الثانوية العامة، بمعدل 83.

وكان مجد قد اعتقل بتاريخ 30/ 3/ 2001، وحكمت عليه سلطات الاحتلال بالسجن مدة 20 عاما.

وتقول زينة: “كنت أتمنى أن أجد أبي بجانبي في هذه الفرحة، فقد درست كثيرا من أجل أن أحقق النجاح الذي طلبه مني، فأنا أراه منذ سنوات طويلة من خلف الزجاج، ولم أتمكن من الجلوس في حضنه سوى مرة واحدة طوال تلك السنين”.

وأهدت هذا “النجاح المنقوص” لوالدها الذي “لو كان بيننا لكان نجاحي كاملا، وقد قمت بالدراسة بجد واجتهاد لإدخال الفرحة لصدره داخل السجون عندما يعلم أن ابنته نجحت وتفوقت في الثانوية العامة”.

ورغم دخول والدها عامه الـ18 في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ما زالت تحلم بتحرره قبل أن يكمل سنوات محكوميته العشرين، فهاجس الحرية لا يفارقها حتى وإن كانت المؤشرات الواقعية لا تبشر بإفراج قريب عنه.

ولا تمر ذكرى اعتقال بربر في ذهن ابنته مرور الكرام، خاصة وأنه اختطف في ذكرى يوم الأرض، الثلاثين من آذار 2001، ولم يكن مضى على ولادة ابنتهما زينة سوى 15 يوما

أمثلة اخرى من التفوق

منذ الإعلان عن نتائج الثانوية العامة؛ عجّت منازل الكثير من الشهداء والأسرى بالمهنئين والمباركين لتهنئة أبنائهم بالنجاح في الثانوية العامة، كما عمت أجواء الفرحة في الأحياء حيث يقطنون، حيث توافد الجيران والأصدقاء لمشاركة عائلات الشهداء والأسرى فرحتهم بتفوق أبنائهم.

حصلت الطالبة توحيد ابنة الأسير مؤيد حماد من سلواد شرق رام الله والمحكوم بالسجن 7 مؤبدات، على معدل 97.7%، فيما حصلت الطالبة آلاء قاسم ابنة الأسير وائل قاسم المحكوم 35 مؤبداً من القدس المحتلة على معدل 97.3.

حصل الطالب أسامة البرغوثي نجل الأسير عبدالله البرغوثي على معدل 75%، فيما حصلت الطالبة سلسبيل عرمان ابنة الأسير محمد عرمان رئيس الهيئة العليا لأسرى حركة حماس على معدل 79.3%.

وفي السياق ذاته، حصلت تالا ابنة الأسير أشرف ابو حويج على معدل 89%، وقد اعتقل والدها وهي بعمر ثلاثة أشهر، كما حصلت الطالبة شهادة ابنة الأسير يحيى شريدة على معدل 80.6%.

كما غمر الفرح قلوب عدد كبير من الأسرى في سجون الاحتلال لنجاح أبنائهم، وقد كان من ضمن الناجحين: نجل الأسير محمد مصلح، ابنة الأسير عصام الفروخ، ابنة الأسير محمد فاروق أبوالرب محكوم بالّسجن (30) عاماً، نجل الأسير محمد طحاينة محكوم بالسّجن (19) عاماً، ابنة الأسير إياد المسيمي المحكوم بالسّجن المؤبد، نجل الأسير ياسر أبوبكر محكوم بالسّجن المؤبد، نجل الأسير مسلمة ثابت محكوم بالسّجن (25) عاماً، ابنة الأسير طالب عمرو المحكوم بالسجن مدى الحياة، ابنة الأسير طالب مخامرة محكوم بالسّجن مدى الحياة، وابنة الأسير خالد مخامرة محكوم بالسّجن المؤبد .

وفي الوقت ذاته، حصلت الطالبة سما رائد مسك ابنة الاستشهادي رائد مسك على معدل 95.3، كما حصلت الطالبة أحلام حماد ابنة الشهيدة مهدية حماد على معدل 83.6 بالثانوية العامة، وقد ارتقت الشهيدة مهدية حماد عام 2015، بعد إطلاق جيش الاحتلال النار عليها بشكل مباشر على مدخل بلدة سلواد شرق رام الله، فيما حصلت الطالبة سجى الحلبي شقيقة الشهيد مهند الحلبي على معدل 80.7% بالفرع الأدبي بالثانوية العامة، فيما حصلت خلا المصري ابنة الشهيد جعفر المصري على معدل 88.7%.

كما حصل الطالب عدنان نجل الشهيد المهندس أيمن حلاوة معدل 88% الفرع العلمي، وحصلت الطالبة تقى منصور ابنة الشهيد عمر منصور على معدل 88.4 بالثانوية العامة.

أما إبراهيم دوابشة نجل الشهيد فهيم دوابشة فقد حصل على معدل 96.4 بالفرع العلمي في امتحانات الثانوية العامة.
ويعد تفوق أبناء الشهداء والأسرى في امتحانات الثانوية العامة اقتناصاً للفرح وتحدياً للحياة، فالآباء غائبون إما تحت الثرى أو خلف قضبان الأسر الإسرائيلي، لكن أبناءهم يتقدمون صفوف المبدعين والمتميزين من بعدهم.

ربما يعجبك أيضا