طهران في ورطة.. حلول أمريكية لمحاصرة أذرع إيران بالمنطقة

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

تستمر الأزمة الأمريكية الإيرانية التي تفاقمت عقب إسقاط إيران طائرة أمريكية مسيرة كانت مخصصة لأغراض عسكرية والتجسس، فيما تستعر الحرب الباردة التي تتسم بها العلاقات بين واشنطن وطهران في الآونة الأخيرة ويستمر سيناريو اللاسلم واللاحرب، فقط إجراءات تصعيدية وعقوبات أمريكية اقتصادية مغلظة وتصريحات عنترية متبادلة.

فالولايات المتحدة التي أعلنت عقب حادث إسقاط طائرتها المسيرة بنيران “الملالي” توعدت بـ”الويل والثبور وعظائم الأمور”، وعلى لسان رئيسها دونالد ترامب، الذي أكد توجيه عقاب عسكري وحرك حاملة طائرات ومقاتلات جبارة فائقة التسليح في وقت سابق إلى الخليج العربي تراجع عن الضربة العسكرية المزمعة والتزم التريث. وحسنًا فعلت واشنطن؛ إذ لم تكتف بالعقوبات الاقتصادية التي فرضتها على طهران وقادة إيرانيين، وإنما لجأت إلى محاصرة دولة الملالي – وليتها تستمر – عن طريق التضييق على أذرعها في المنطقة من بينها الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.

وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مورجان أورتاجوس، أمس الثلاثاء، ضرورة عدم التمييز بين الجناحين السياسي والعسكري لحزب الله اللبناني، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل حث حلفائها على “تصنيف حزب الله بأكمله منظمة إرهابية”، بحسب ما أوردته قناة “الحرة”. وردًا على سؤال حول تقارير بشأن لقاء تم بين مسؤولين إيرانيين وأمريكيين في أربيل، ذكرت أورتاجوس أنها ليس لديها معلومات بهذا الخصوص.

وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد وجه تحذيرًا جديدًا إلى إيران أمس، ودعاها إلى أن تكون “حذرة جدًا”. وقال ترامب لصحفيين في البيت الأبيض “إيران تقوم بالكثير من الأمور السيئة.. ويجدر بها أن تكون حذرة جدًا”، وذلك ردًا على سؤال حول تخلي إيران عن بعض التزاماتها في الاتفاق الدولي حول برنامجها النووي.

يأتي هذا فيما تعقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، اليوم الأربعاء، اجتماعًا استثنائيًا حول إيران، بعد أيام من إعلانها الخطوة الثانية من تقليص التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي مع القوى الكبرى في 2015 ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم.

وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على عضوين في مجلس النواب اللبناني يمثلان حزب الله هما أمين شري ومحمد رعد، إضافة إلى المسؤول الأمني في المنظمة وفيق صفا، لإضافة إلى الإعلان الأمريكي عن تشكيل تحالف دولي لحماية التجارة في مضيقي هرمز وباب المندب بعدما اعترضت إيران بالقوة سفنًا وحركة التجارة في الخليج العربي، وعمدت إلى إسقاط طائرة أمريكية مسيرة ما ولد أزمة كلامية إلى الآن بين البلدين.

قلق أمريكي

وقال أسامة الهتيمي، الباحث في الشؤون الإيرانية، إن الإعلان الأمريكي عن تشكيل تحالف دولي لحماية التجارة في مضيقي هرمز وباب المندب يعكس إلى أي مدى تستشعر الولايات المتحدة حالة من القلق إزاء قدرة إيران على تهديد الملاحة سواءً في مضيق هرمز الذي تطل عليه بسواحلها أو مضيق باب المندب الذي تتواجد على شواطئه ميليشيات الحوثي في اليمن.

وأضاف الهتيمي في تصريحات خاصة لـ”رؤية”، أن تهديد هذه الملاحة هو ورقة رابحة بيد النظام الإيراني يمكن أن يستخدمه في أي وقت خلال حرب “عض الأصابع” بين الطرفين، فضلًا عن أن الدعوة لتشكيل تحالف له دلالتان مهمتان؛ أولهما أن أمريكا ربما رأت أنه ليس بمقدور قواتها وقواعدها العسكرية المتواجدة في المنطقة بمفردها – والتي يصل عدد عناصرها إلى عشرات الآلاف – أن تقوم بهذه المهمة.

وأشار الباحث في الشؤون الإيرانية إلى أن واشنطن لا ترغب في أن تتحمل وحدها التبعات المحتملة مقابل القيام بهذه المهمة؛ وثانيهما أن أمريكا وحتى اللحظة لا زالت تعمل على أن يكون ثمة توافق دولي على خطواتها في التعاطي مع إيران، خاصة وأن مواقفها المتتالية باتجاهها والتي بدأتها بالانسحاب من الاتفاق النووي 5 1 في مايو 2018 لم يحظ برضا من الأطراف المشاركة في الاتفاق بما فيهم الدول الأوروبية الثلاث ألمانيا وبريطانيا وفرنسا.

وتابع: أما فيما يخص الإجراءات الجديدة الخاصة بحزب الله فهو يأتي بالتزامن مع إجراءات أخرى بشأن الحشد الشعبي العراقي، وربما لحقها إجراءات بحق بعض الأذرع الأخرى، والتي تشير إلى أن أمريكا أدركت أن جزءًا كبيرًا من قوة إيران وقدرتها في التحدي يعتمد على استعداد طهران لنشر المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة عبر هذه الأذرع، ومن ثم فإنه ليس من مفر في محاولة تحجيم هذه الأذرع و”قصقصة” ريش دولة الملالي.

أجندة إيران

وقال الباحث السياسي اليمني، محمود الطاهر، أخشى أن يكون هناك استراتيجية تزيد من قوة ميليشيات الحوثي، والهدوء الحاصل يقلق اليمنيين من أن يتم تسليمهم لقمة سهلة للمليشيا الحوثية.

وأضاف الطاهر لـ”رؤية” أن المليشيا الحوثية ليس في أجندتها إقرار السلام، بل لديها أجندة إيران لتنفيذها؛ والهادفة إلى السيطرة على المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج بشكل كامل.

وتابع: لكن نحن نتمنى أن تكون هناك استراتيجية غير المعلن عنها حاليًا، وهو القضاء على أذرع إيران بشكل كامل ابتداءً من اليمن؛ مؤكدًا أن التحالف العسكري البحري هو فقط لمصلحة أمريكا أكثر منه المصلحة العربية.

ربما يعجبك أيضا