“عرائس الموت”.. الحوثيون يغتالون أحلام الطفولة

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

ظاهرة تفشي “زواج القاصرات”، أو ما يطلق عليها “عرائس الموت”، عادت إلى المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح، لتزدهر بقوة هذه المرة مع إسكات الانقلابيين للأصوات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني.

ميليشيات الحوثي منذ سيطرتها على صنعاء ومحافظات أخرى، تعمل على فرض أجندتها ومعتقداتها، والطقوس المغايرة لتقاليد المجتمع اليمني الأصيل، وفرض أجندات مستوردة من الخارج، بما يخالف قناعات الهوية اليمنية.

إجبار تحت تهديد السلاح

واتخذت ظاهرة “زواج الصغيرات” في اليمن منحى آخر في زمن الانقلابيين، فلم تعد مقتصرة على الظروف المعيشية لأهالي الفتاة فقط، بل هناك نوع آخر لم يعرفه اليمن من قبل، وهو الإجبار بقوة السلاح.

وتعالت أصوات أولياء أمور الفتيات بشكل يومي من بطش ما يسمون “المشرفين الحوثيين” من حالات الزواج بالإكراه من قاصرات، مشيرين إلى أنه في حال الاعتراض فإن الأب سيكون معرضا للطرد من المنزل هو وعائلته، ومصادرة أملاكه كافة.

وفي المقابل، سارع ناشطون، منهم من ينتمون إلى الحوثي، عبر وسائل التواصل الاجتماعي بمناشدة زعيم الميليشيات الانقلابية عبدالملك الحوثي للتدخل وإيقاف هذا الإذلال الذي يتعرض له المواطنون اليمنيون في تلك المحافظات، غير أن هذه المناشدات لم تأت بأي نتيجة.

تغييب المنظمات الحقوقية

آلاف الصغيرات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 8 – 15 عاما، تم تزويجهن بعيدا عن أعين المنظمات الحقوقية المغيبة، منذ إشعال ميليشيات الانقلاب للحرب في اليمن، وبخلاف الإكراه، يجبر الفقر بعض أهالي هؤلاء على تزويجهن قسريا.

مصادر حقوقية يمنية، قالت إن غياب دور المنظمات المدنية والحقوقية بسبب إغلاق مقراتها من قبل الانقلابيين، جعل ما يسمى “عرائس الموت” تزدهر والحوادث الناجمة عنها والتي تصل إلى الموت، يقتصر العلم بها على الأهل والمجتمع الضيق الذي يعيشون فيه فقط، مؤكدين صعوبة إيجاد إحصائية دقيقة لزواج الصغيرات منذ الانقلاب، لكنها كثيرة وبالمئات، كما يقولون.

وقدر المدير الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، جيرت كابيلير، أن حالات إجبار الفتيات الصغيرات على الزواج في اليمن ازدادت بنسبة 20%، منذ اندلاع الحرب.

وبحسب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ستيفن أوبراين، فإن الأسر اليمنية تزوج بصورة متزايدة بناتها الصغيرات لتوفير طعام شخص، وغالبًا ما تستخدم المهر لدفع ثمن الضروريات الأساسية.

وحذرت دراسة ميدانية أجرتها مطلع هذا العام منظمة أوكسفام، من تزايد خطر الزواج المبكر في اليمن، مرجعة ذلك إلى عدة أسباب من بينها محاولة العائلات حماية بناتهم من التحرش أو العوز لتوفير دخل للعائلة.

وقالت الدراسة، إن “بعض الناس تحدثوا عن قصص فتيات صغيرات أجبرن على أن يكن “عرائس” أعضاء من الجماعات المتشددة حتى يتم مساعدة عائلاتهن”.

وذكرت أن قبل اندلاع الحرب كان هناك تقدم في الخطوات المتخذة لمحاربة قضية زواج القصر ولكن مع استمرار الصراع، تراجعت تلك الخطوات إلى الوراء.

ضرب العادات الأصيلة

تجاوزت انتهاكات جماعة الحوثي المتمردة عمليات الاعتقال والتعذيب والاستيلاء على ممتلكات اليمنيين، إلى ضرب تقاليد القبائل والعادات العربية الأصيلة، وذلك بإجبار أولياء أمور الفتيات على تزويج بناتهم بالإكراه لأفراد ميليشياته تحت تهديد القتل والسجن، ومصادرة المنازل، وذلك وفق وسائل إعلام يمنية.

الميليشيات الحوثية وقادتها قامت إثر رفض المجتمع والقبائل اليمنية تلك العادات والزواج على غير العادة، بما يُعد عيبا قبليا في اليمن، باللجوء إلى أساليب مشابهة ومنها الزواج بالإكراه، هدفوا خلاله إلى إشباع رغباتهم ونزواتهم.

يأتي ذلك، في وقت أكدت مصادر محلية في المحافظة أن هناك ما يزيد على 18 حالة زواج بالإكراه عرفها الناس وتم كشفها، بيد أن الحالات التي خاف أولياء أمور الفتيات من الحديث عنها تقدر بالمئات.

قصص الواقع المؤلم

نشرت وسائل الإعلام اليمنية مؤخرا، قصصا متنوعة تصور بشاعة البطش والتنكيل والقهر التي يعيشها أولياء أمور الفتيات في كثير من المحافظات.

أحد المواطنين اليمنيين من محافظة إب وسط البلاد، حكى معاناته حيث أجبر على تزويج طفلته “إيمان” ذات الاثني عشر ربيعا، وبالقوة على أحد القياديين في ميليشيات الحوثي، بعد أن اختطفوها خلال عودتها من المدرسة وأخفوها لفترة، ثم أجبروا والدها على عقد قرانها تحت التهديد.

مواطن آخر من قرية “المدق” بمديرية بعدان التي شهدت إحدى حالات الزواج بالإكراه من “مشرفين حوثيين”، بعد أن أقدم مشرف حوثي القرية على إرغام أحد المواطنين بتزويجه ابنته التي لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها، مبينا أن الرجل تعرض للتهديد بمصاردة منزله الذي يسكن فيه، وكذلك الأرض التابعة له في حال رفضه اتمام الزواج.

وفي مديرية حبيش اختطفت عناصر من جماعة الحوثي أحد التجار لإرغامه على القبول بتزويج ابنته من أحد النافذين التابعين للجماعة بالمديرية، وقال سكان محليون “إن المسلحين الحوثيين قاموا باختطاف والد الفتاة لإجباره على العقد من ابنته رغم صغر سنها، ورفضها الزواج”.

ربما يعجبك أيضا