عقبات وتحديات.. ما خيارات أمريكا بعد انقلاب النيجر؟

آية سيد
لماذا تريد الجزائر منع الحرب في النيجر؟

كان موقف واشنطن مفاجئًا، لأن الولايات المتحدة اعتادت اتباع خطى فرنسا في منطقة الساحل مقابل دعم المساعي الأمريكية في الشرق الأوسط.


نشرت مجلة فورين أفيرز الأمريكية تحليلًا يشير إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تسعى للحل السلمي في النيجر، بدلًا من التدخل العسكري.

وفي التحليل المنشور في 29 أغسطس 2023، قالت الخبيرة في شؤون شمال إفريقيا والساحل، هانا راي أرمسترونج، إن “واشنطن لا تزال تحظى بسمعة طبية في منطقة الساحل الإفريقي، لذا يجب ألا تكرر أخطاء فرنسا”.

انقلاب النيجر

رأت أرمسترونج أن الانقلاب الأخير، الذي وقع في 26 يوليو 2023، مختلف، لأنه يأتي بعد عامين فقط من أول انتقال ديمقراطي للسلطة في بلد يعده الغرب آخر حصن ضد الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي.

إلا أنه ليس مفاجأة. فعلى مدار العقد الماضي، تسببت الجهود الهادفة إلى إرساء الاستقرار في الساحل، التي قادتها فرنسا ودعمتها الولايات المتحدة، في إضعاف المؤسسات المدنية في المنطقة وفشلت في تحقيق الأمن.

خطأ الغرب

أوضحت أرمسترونج أن “باريس وواشنطن أوصلتا حكامًا عسكريين إلى السلطة في 4 من دول الساحل الخمس. وبعد أن سحب الغرب دعمه هذه الأنظمة الجديدة، اتجهت المجالس العسكرية في مالي وبوركينا فاسو إلى روسيا للحصول على المساعدات العسكرية”.

اقرأ أيضًاانقلاب النيجر يكشف فشل سياسة الغرب في الساحل الإفريقي

وكان تقدير الغرب لرئيس النيجر المخلوع، محمد بازوم، منفصلًا عن الواقع على الأرض في النيجر، إذ واجه بازوم استياءً متزايدًا منذ توليه المنصب في 2021.

أبعاد جديدة

أشارت الخبيرة الأمريكية إلى أن “أزمة النيجر تأخذ أبعادًا جديدة مرعبة، فبعد الاستيلاء على السلطة مباشرة، ألغى المجلس العسكري النيجري اتفاقيات الدفاع الفرنسية، والتقى قادة من مجموعة فاجنر العسكرية الروسية لبحث أشكال التعاون المحتملة”.

وبالسرعة نفسها، تضاعفت هجمات الجماعات المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش على حدود النيجر. وفي الوقت ذاته، أطلق قائدا تمرد سابقان متحالفان مع بازوم حركات مسلحة جديدة لإعادته إلى السلطة.

حل الأزمة

يرى عدد من اللاعبين الأقوياء أن الحل الوحيد لإنقاذ المنطقة يتمثل في إنقاذ بازوم، وتقود فرنسا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) هذا الائتلاف.

ولفتت أرمسترونج إلى أن “إيكواس”، التي تخشى انتشار الانقلابات في المنطقة، كانت عدوانية بنحو خاص. وإلى جانب استعدادها لنشر قوات في النيجر، فرضت عقوبات صارمة تقطع عنها 70% من إمداد الكهرباء.

اقرأ أيضًااللواء محمد عبدالواحد لـ«رؤية»: انقلاب النيجر يعكس ضعف النفوذ الفرنسي (2-2)

وفرنسا، التي تخشى خسارة آخر حليف لها في منطقة الساحل، صرّحت بأنها تنوي تقديم الدعم العسكري لجهود “إيكواس”.

موقف واشنطن

في المقابل، ناصرت الولايات المتحدة الرد الذي يتسم بمزيد من السلمية، ورأت أرمسترونج أن موقف واشنطن كان مفاجئًا، لأن الولايات المتحدة اعتادت اتباع خطى فرنسا في منطقة الساحل، مقابل دعم المساعي الأمريكية في الشرق الأوسط.

لكن هذه المرة، لم تصف واشنطن الموقف بأنه “انقلاب”، وهو إعلان يستلزم قطع المساعدات العسكرية للنيجر بموجب القانون الأمريكي. وبعد 3 أسابيع من استيلاء المجلس العسكري على السلطة، وصفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) الأزمة بأنها “محاولة انقلاب”.

وأشارت الخبيرة الأمريكية إلى أن وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، صرّح بأن أزمة النيجر “ليس لديها حل عسكري مقبول”. ويدعو وقادة أمريكيون آخرون إلى حل سلمي وإطلاق سراح الرئيس، وليس إعادته إلى السلطة. وهذا التمييز يقر بأن المجلس العسكري عزل بازوم عن السلطة.

قطبان متقابلان

ذهبت أرمسترونج إلى أن هذا الوضع أدى إلى ظهور قطبين: الأول يعتقد أن استخدام القوة لإلغاء انقلاب النيجر سيرسخ الأمن على المدى البعيد، والآخر يعتقد أنه يجب تجنب التدخل العسكري، وأشارت إلى أن أنصار التدخل العسكري يستجدون منافسات القوى العظمى لحشد الدعم.

اقرأ أيضًا| كيف يهدد انقلاب النيجر المصالح الأمريكية في إفريقيا؟

لكن الخبيرة الأمريكية خلصت إلى أن مسار واشنطن الحالي صحيح، وأنه يجب على صناع السياسة الأمريكيين مقاومة الدعوات المطالبة بدعم التدخل. واستندت أرمسترونج إلى أن التدخل العسكري سيزيد من احتمالية توسع تدخل روسيا في المنطقة، الذي قد ينتهي بحرب بالوكالة بينها وبين الغرب.

عقبة وتحديان

تظل العقبة الكبرى أمام الالتزام بهذا المسار هي أن أي محاولة جادة لحل الأزمة سلميًّا ستتطلب من الولايات المتحدة الاعتراف بالمجلس العسكري، ما يتعارض مع السياسة الخارجية للرئيس جو بايدن. وحتى يحقق الحل السلمي نتائج بعيدة المدى، قالت أرمسترونج إن “واشنطن تحتاج إلى التركيز على تحديين”.

الأول هو انهيار النهج الأمني الذكي لبازوم في المنطقة ثلاثية الحدود بسبب التركيز على العاصمة، وبما أن واشنطن دربت بعض قادة المجلس العسكري ولديها علاقات وثيقة معهم، تستطيع إقناعهم بفوائد نهج بازوم وتشجيعهم على مواصلة السياسات الأمنية نفسها.

والثاني هو خطر التمرد في الشمال، لأن بعض الموالين لبازوم فتحوا جبهات مسلحة لمقاومة المجلس العسكري. وحسب أرمسترونج، ينبغي على واشنطن الاستفادة من عرض الاعتراف أو مواصلة التعاون العسكري لحث المجلس العسكري على إشراك القادة الشماليين في الحكومة الجديدة.

ربما يعجبك أيضا