على أطراف موسكو.. أجواء شتوية كئيبة و”بوتين” يفقد أرضه

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

لطالما كان الريف الروسي والمدن الأصغر مساحة أرضًا خصبة للرئيس فلاديمير بوتين لفترة طويلة ورسالته لاستعادة العظمة القديمة  ولكن في ظل هذا الشتاء الكئيب، تعمقت المشاكل الاقتصادية، وأصبح دخل الفرد في روسيا يسجل انخفاضا سنويا منذ 5 أعوام، وهي أطول مدة ركود منذ التسعينات.

ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز”، مقالا تقول فيه إن الحكومة الروسية تصب المال في العاصمة البراقة، بينما تضغط على المناطق النائية، وأشارت إلى أن خطط شحن نفايات موسكو إلى المقاطعات أدى إلى اندلاع احتجاجات واسعة النطاق.

في العام الماضي، علم سكان أورومدا، التي تقع على بعد 700 ميل شمال شرق موسكو، بمشروع ضخم لمدافن النفايات في مكان قريب، عندما عثر صيادان على عمال يقطعون الأشجار لإفساح الطريق أمام النفايات، مما دفع السكان أورومدا وعشرات من سكان المناطق التي تقع بين الغابات في مقاطعة أرخانجيلسك، للاحتجاج وتصعيد المواقف تجاه الحكومة.

أظهرت استطلاعات الرأي، انخفاض شعبية “بوتين” لأول مرة منذ 13 عامًا، ويقول خبراء روس أن بلادهم تتحرك في الاتجاه الخاطئ، فبعيدا عن النشطاء والمعارضة الذين يحتجون على الحكم المطلق للحكومة، تحول الرأي العام بشكل حاد في المناطق الإقليمية، حيث تنبع شعبية بوتين، بسبب ركود الاقتصاد .

أجرت الحكومة تغييرات لا تحظى بشعبية كبيرة في جميع أنحاء البلاد، مثل رفع سن التقاعد وزيادة ضرائب المبيعات ورسوم الخدمات، انخفضت الدخول المعدلة حسب التضخم بنحو 11% على مدى خمس سنوات.

حتى الآن، لم يعرب “بوتين” عن قلقه بشأن استياء الناس، لكن استمرار تراجع الدعم قد يمثل مشكلة طويلة الأمد بالنسبة له، والتي قد تصل إلى أن يتنازل عن الرئاسة في عام 2024، كما أنه سيحتاج إلى دعم شعبي لدفع أي تغيير لتوسيع نطاق حكمه.

وتشير الصحيفة إلى أن الانضمام إلى الاحتجاجات ضد الحكومة الروسية قد يكلفك الكثير، ففي يناير اعتُقلت أناستاسيا شيفتشينكو، وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان، بتهمة العمل لصالح “منظمة غير مرغوبة”، وتضيف الصحيفة “يعتبر الاحتجاج على ارتفاع أسعار القمامة بديلا أكثر أمانا، ومع ذلك، ساد استياء واسع من خلال عشرات المظاهرات التي نظمت هذا الشهر ضد غياب طرق إعادة التدوير.

أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز ليفادا، وهي منظمة استطلاع روسية مستقلة، أن 45 % من الروس يعتقدون أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ، بينما اعتقد 42 % أن مسارها كان صحيحا، وهو هبوط حاد عن العام السابق.

وتبلغ نسبة الموافقة على الأداء الوظيفي لـ”بوتين” 64%، فيما بلغت نسبة عدم الموافقة على الأداء 34%، وتساءل ليف جودكوف، مدير مركز ليفادا “أي سياسي غربي سيحب هذه الأرقام؟”، ويضيف “قبل عام، حصل الزعيم الروسي على نسبة موافقة تبلغ 80%، لكن هناك استياء أكثر في المحافظات التي كانت تمثل دعمًا كبيرا لـ”بوتين”.

غالباً ما يتباهى بوتين بأن روسيا تزدهر على الرغم من العقوبات التي أعقبت ضمها لشبه جزيرة القرم في عام 2014، لكن في الشهر الماضي قامت الحكومة بمراجعة الرقم المحلي الإجمالي في محاولة لإظهار نمو أسرع في عام 2018، لكن العقوبات وانخفاض أسعار النفط تسببت في خسائر كبيرة، في حين أنفقت الحكومة مبالغ كبيرة لتطوير الجيش، وتضاءل دعم الرأي العام لتحركات بوتين في سوريا وأوكرانيا التي كانت ذات يوم ترفع شعبية بوتين.

وقال فلاديمير ريجكو ، أستاذ التاريخ والسياسي المعارض: “الناس مستعدون لأن يكونوا أبناء أمة عظيمة، لكنهم ليسوا مستعدين لدفع ثمن ذلك من جيوبهم الخاصة، للمرة الأولى منذ تولي بوتين السلطة قبل 20 عامًا، لا تتحسن الحياة بل تزداد سوءًا”.

ربما يعجبك أيضا