عن العالمي “حمزة الدين” .. لماذا لا يعرفه المصريون؟

مها عطاف

رؤية – مها عطاف

أيام قليلة تفصلنا عن يوم النوبة العالمي، الموافق 7 يوليو من كل عام، لتقوم الاحتفالات بين الأهالي والكيانات النوبية من مهرجانات وندوات، للاحتفاء بتاريخها وأصالتها، وبمناسبة تلك الاحتفالات، نسلط الضوء على الفنان النوبي العالمي، “العصفور بقلب أبيض وألف لسان”، صاحب العود والصوت الدافئ الذي يعرفه العالم ولا يعرفه الكثير من المصريين، هو “حمزة علاء الدين” أو كما عرف عالميًا “حمزة الدين”، صنفته “نيويورك تايمز” من أعظم العازفين على آلة العود، بينما لقبته “لوس أنجلوس تايمز” بوالد الموسيقى النوبية.

“أنا نوبي في المقام الأول، ولكنني أيضًا مصري سوداني بذات القدر والمقام، وإيطالي أمريكي ياباني بسبب أنني عشت في كل هذه البلاد، لقد كنت موسيقيًا نوبيًا أعزف وأُغني لأهلي النوبيين، وإلى الآن ما زلت ذلك الموسيقيّ النوبي الذي يعزف ذات الأنغام والترانيم الموسيقية للعالم أجمع”، هكذا تحدث حمزة الدين عندما سئل عن جنسيته، ولد حمزة عام 1929، بقرية توشكى النوبية، وهاجر مع عائلته بعد بناء السد العالي بأسوان، بعد أن غرقت قريته عام 1960، وتوفي عام 2006، بأحد المستشفيات في كاليفورنيا، وشيعه الآلاف من جمهوره، وسط اهتمام إعلامي كبير في أمريكا واليابان، مع تجاهل تام من وسائل الإعلام المصرية، رغم مشواره الفني العظيم.

كان معهد “ليوناردو دافنشي” بالقاهرة -المركز الثقافي الإيطالي حاليًا- أول جهة أجنبية يتواصل معها حمزة الدين في عام 1959، وذلك بعد أن ترك دراسة الهندسة بجامعة فؤاد بالقاهرة إلى معهد الملك فؤاد للموسيقى الشرقية، متخصصًا بآلة العود، وذلك بعد أن درس علم الموشحات الأندلسية وأتقن فنونها، بعدها التحق بمعاهد موسيقية إيطالية، لدراسة الموسيقى الغربية من خلال آلة “القيثار”، وعند وصوله لأمريكا عام 1963م، كانت موهبته الفنية قد اكتملت، وتشكلت شخصيته الموسيقية مع الأداء والممارسة مع تمام تأهله الأكاديمي، ليبدأ مرحلة التدريس في الجامعات الأمريكية، منها جامعة أوهايو، وجامعة “أوستن” بولاية تكساس.

“لو جيت في يوم ارسمك ارسم أمل بسّام.. ارسم حضارة ومدن وأبراج حمام ويمام

هرسم كفاحك عمل وارسم صمودك إيد.. تتمد تنسج أمل يدينا مستقبل

ومعاه آدان نسمعه ننوي صلاة العيد”

عندما تشاهد وتستمع إلى حمزة، تجد أن أثر المعاناة والحزن، يغلبان على مظهره، بسبب تعلقه الشديد بأرض وتراب “توشكى” وتستطيع أن تلمس ذلك الإحساس في صوته وعوده، لذلك تجد كل أعماله وجهودة طيلة حياته إصراره في الحفاظ على التراث والإرث النوبي، وتوثيق أشكاله وقيمه الجمالية، وأعرافه وتقاليده الإجتماعية والسلوكية، وكان أبرز ما يميز حمزة هو قدرته على مزج السلالم الموسيقية الخمسة للغناء النوبي بالموسيقى الشرقية ذات السلم السباعي.

اخترق حمزة جدران العالمية متسلحًا بصوته المزماري، وأوتار عوده ودفه النوبي المشدود، ففي عام 1964، كان أول لقاء يجمع حمزة صاحب الموسيقى الشرقية والجمهور الأمريكي الغربي، في مهرجان نيوبورت للفنون، وتفاجأ من ردود فعل الجماهير، الذين اعتبروا موسيقاه روحية، تهذب النفس وتسمو بالعواطف، بعدها عرضت عليه شركة “Vanguard Records” أن تنتج له أول ألبوم “موسيقى النوبة”، ثم أسطوانته الثانية باسم “إسكاليه”، أي “الساقية” بالنوبية عام 1971م ولقي هذان الإصداران نجاحًا فاق كل التوقعات، إذ شكلا آنذاك نمطًا موسيقيًا جديدًا في الساحة الموسيقية المعاصرة، ليلفت أنظار الموسيقيين العالميين، كما يعتبر حمزة أول عربي يغني باللغة النوبية في اليوم العالمي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة.

وقام حمزة أيضًا بتأليف الموسيقى التصويرية لأفلام عديدة عرضت في هوليوود The Black Stallion للمخرج “فرانسيس فورد كوبولا” عام 1979م، بالإضافة للعديد من الأفلام التسجيلية الوثائقية عن بلاد النوبة والنوبيين، وكانت جميع أغانيه يتم تلحينها بعود واحد ظل يرافقه طوال حياته، إذ اعتبره البعض عودًا أثريًا، صنع العود في سوريا في ثمانينيات القرن الـ19، وحصل عليه عبر مقايضة بحفل غنائي في معرض “مكابي” للجيتار في سانتا مونيكا مقابل 100 دولار.

وفي عام 1980 قدمت له الحكومة اليابانية منحة لتدريس علم الموسيقى الإثني في إحدى كبريات الجامعات اليابانية بطوكيو، وتحديداً لدراسة الآلة الموسيقية اليابانية التقليدية الـ “Biwa” التي تشبه في شكلها ووضع أوتارها وما يخرج منها من أصوات آلة العود، وهناك، أقام “حمزة” ما يقارب العشر سنوات، وتزوج من فتاة يابانية تدعى “نبرا”، كما أُتيحت له الفرصة ليعزف مع أشهر الفرق الموسيقية، بل ويضع لها بعض معزوفاتها، ومن ثم كان تفاعله وتواصله مع الجمهور الياباني ذي الحضارة القديمة والتقاليد العريقة.

تحدث عنه الداعية على الجفري وهو في زياة للسودان، أنه وخلال إلقائه محاضرة دينية في جامع سانتا كلارا، أبلغه رجل أنه أسلم بسبب حفلات حمزة لأنه كان يغذي شيئًا روحيًا بداخله، يقول الجفري: كان حمزة يردد قول “لا إله إلا الله” أثناء العزف، فيردد الجمهور خلفه في سكينة.

أعماله

1964 – موسيقى النوبة (Music of Nubia)

1965 – العود (Al Oud)

1968 – الساقية (Escalay: The Water Wheel)

1987 – كسوف (Eclipse )

1982 – أغنية النيل (A Song of the Nile)

1995 – ورد النيل (Lily of the Nile)

1996 – (Available Sound: Darius)

1996 – موشح (Muwashshah)

1999 – أمنية (A Wish)

ربما يعجبك أيضا