فزعًا من الانقلاب .. أردوغان يستمر في الهيمنة وإعادة ترتيب الجيش

مجدي سمير

رؤية – مجدي سمير

 ما يكاد أن ينغلق ملف محاولات الرئيس التركي أردوغان السيطرة على المؤسسة العسكرية، إلا ويفرض نفسه من جديد على الساحة الداخلية بتركيا، مسجلًا فصلًا جديدًا من مسلسل الصراع بين أردوغان والجيش، تمثل أحدث فصوله في تقديم سبعة من كبار قادة الجيش التركي استقالتهم قبل أيام في إطار الخلاف الراهن بين الرئيس التركي وقائد القوات الخاصة “زكائي أساكللي” الذي رفض قرار تكليف بتولي قيادة القوات الثانية بالجيش وتخفيض رتبته ومنصبه، وهو أحد القيادات العسكرية الرافضة لانقلاب العام الماضي وقاد عملية درع الفرات في سوريا.

 الجيش التركي المصنف الثامن عالميًا كأقوى جيش والثاني في حلف الناتو، يعاني منذ انقلاب 15 يوليو/تموز العام الماضي من عملية تشريد وإضعاف للقوى بمختلف قطاعاته وأسلحته.

 ووفقًا لبيانات موقع “تركيا بورج” الإحصائي، فإن عدد المعتقلين والمستبعدين من العسكريين بتركيا منذ انقلاب 15 يوليو/تموز بتهم المشاركة في عملية الانقلاب الفاشل والانتماء إلى جماعة فتح الله جولن، بلغ 10798 عسكري برتب مختلفة من بينهم 150 جنرال وأميرال، و4090 من طلبة المدارس الثانوية العسكرية، و6179 من الكليات العسكرية، و6140 من كليات ضباط الصف.

 ومن الشرطة 10305 برتب مختلفة. كما تم تقليص قوام القوات التركية من نحو 561 ألفا إلى 351 ألفا وفقا للبيان الصادر عن هيئة الأركان التركية في العاشر من سبتمبر/أيلول الماضي.

وأشار نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب “الشعب الجمهوري” المعارض أزوجورأوزال، إلى فقد الجيش التركي قدرة وجزء كبير من قوامه خلال حكم أردوغان، وشهد خلال الفترة الأخيرة تعيينات وترقيات خلت من معايير الكفاءة، بما أفسد هرمية القيادة بالجيش.

دلالات السيطرة

لسيطرة حكومة العدالة والتنمية على أركان الجيش التركي العديد من الدلالات الهامة التي تعكس مدى هيمنة شخص أردوغان وحكومته على الجيش وقياداته، وتتمثل أهم تلك الدلالات فيما يلي:-

– انعقد مجلس الشورى العسكري الأعلى بتركيا في مطلع شهر أغسطس/آب الجاري بمقر رئاسة الوزراء في قصر “جانقايا” بأنقرة وبقيادة رئيس الوزراء بن علي يلدريم، وذلك للمرة الثالثة على التوالي بعد أن كان ينعقد في مقر هيئة الأركان العامة وبقيادة رئيس هيئة الأركان، ما يعكس سعى حكومة العدالة والتنمية والرئيس التركي أردوغان لفرض الهيمنة على المؤسسة العسكرية وإخضاع الجيش لسيطرة الحزب الحاكم، وتنصيب قيادات عسكرية في كافة أفرع الجيش موالية لأردوغان بدلاً من عشرات القيادات العليا التي تم إقالتها أو اعتقالها.

– عقب انقلاب 15 يوليو/تموز، قرر أردوغان تعيين الجنرال متقاعد عدنان تانريفردي مؤسس شركة “سادات” للمهام الأمنية، بوظيفة كبير المستشارين للرئيس التركي، بالتزامن مع بدء عملية (درع الفرات) العسكرية في سوريا، وهو ما دفع العديد من المواقع الإخبارية والمحللين بتركيا إلى تفسير هذا الأمر بكونه إشارة صريحة لتولى إعادة هيكلة الجيش التركي والأجهزة الأمنية وفق رؤى أردوغان وخطط العدالة والتنمية.

– على مدار عام من اختراق وسيطرة شركة “سادات” على الجيش التركي والعمل على إعادة هيكلته، تم تقليص عدد أفراده بنحو 200 ألف عسكري بمختلف الأسلحة والرتب العسكرية.

 وفي هذا الصدد يؤكد الصحفي التركي أحمد نسين، أن رئيس الأركان التركي خلوصي آكار خاضع لتعليمات وسيطرة مؤسس شركة “سادات” تانريفردي. وأن حركة التنقلات والترقيات الأخيرة تمت بتعليمات وتصديق من تانريفردي شخصيًا.

فرص الانقلاب

أضحت فرص حدوث انقلابات عسكرية مستقبلًا تنحصر وفقًا لنتائج الصراع الداخلي الدائر بين القيادات العسكرية القديمة التي لم يتم عزلهم حتى اللحظة داخل الجيش التركي، ويدينون بالولاء للقومية ومبادئ الجمهورية الاتاتوركية وانتماء بعضهم إلى جماعة أرجنكون بزعامة دوغوبيرنتشاك، وبين القيادات الجديدة التي تدين بالولاء لشخص أردوغان وحكومة العدالة والتنمية والمختارين بعناية من قِبل مسؤولو شركة “سادات” الأمنية.

ونتائج هذا الصراع ستحدد مستقبل السلطة والحكم بتركيا، والخارطة السياسية داخليًا وخارجيًا، ومدى ترسيخ حكم أردوغان خلال فترتين رئاسيتين، وكذلك قوة المعارضة التركية التي تعاني من انقسامات داخلية وخلافات في الرؤى والسياسات، خاصة بين أحزاب “الشعب الجمهوري” و”الحركة القومية”.

ربما يعجبك أيضا