فنزويلا.. تهديد أمريكي وترقب روسي وغوايدو يحشد للمواجهة

حسام السبكي

حسام السبكي

منعطف جديد، تدخل الأزمة الفنزويلية، ربما هو الأخطر في عمر القضية التي تخطت حاجز الشهرين، منذ أعلن رئيس البرلمان “خوان غوايدو”، نفسه رئيسًا للبلاد، بالانقلاب على الرئيس الفعلي “نيكولاس مادورو”، وهي الأزمة التي اتخذت أبعادًا دولية، تمثلت في دعم أمريكي لا محدود لـ “الرئيس المنقلب”، واعتراف شبه دولي به، فيما تدعم موسكو الرئيس المُنتخب، إلى جانب دول أخرى كتركيا والمكسيك وبوليفيا.

جديد الأزمة الفنزويلية يتلخص، في تصعيد على الأرض من قبل “غوايدو”، الذي بدأ حشد أنصاره لموجة جديدة من المظاهرات، تنطلق يوم السبت المقبل، فيما حدد تاريخًا مبدئيًا، لما وصفه بـ “الإجراءات التكتيكية لتحرير فنزويلا”، فيما لوحت الولايات المتحدة الأمريكية بالتدخل العسكري المباشر للإطاحة بـ “مادورو”، وهو ما انعكس على تصريحات الأخير، الذي أكد أنها “تهديدات تؤخذ على ملمح الجد”، وعلى الجانب الآخر، رفضت الخارجية الروسية التهديدات الأمريكية، مطالبة إياها بتنفيذ تعهداتها بالانسحاب من سوريا، قبل مطالبة موسكو بالخروج من فنزويلا.

غوايدو يصعد

بدعم وتأييد شعبي كبير، ومساندة دولية، وجه زعيم المعارضة الفنزويلية “خوان غوايدو”، أنصاره إلى مظاهرات عارمة في عموم البلاد، يوم السبت القادم، ضد غريمه الرئيس “نيكولاس مادورو”.

جاء ذلك في كلمة ألقاها غوايدو أمام حشد من مؤيديه، مساء الأربعاء، في العاصمة كاراكاس، طالب فيها بخروج مظاهرات السبت؛ معتبرًا إياها “حراكًا تجريبيًا لعملية الحرية” التي ستجري يوم 6 أبريل / نيسان.

وتابع مخاطبًا المعارضين “سنخرج للشارع من أجل الاحتجاج على عدم كفاية الخدمات العامة، علينا التحرك، وألا ننتظر كلاعبين سلبيين”.

وفي وقت سابق الأربعاء كتب “غوايدو” على صفحته في “تويتر”: “يوم 6 أبريل، ستجري التحركات التكتيكية الأولى لعملية الحرية عبر البلاد، وعلينا أن نكون في هذا اليوم مستعدين وجاهزين ومنظمين”.

وأضاف غوايدو: “سنتحدث مع المجتمع الدولي حول كل نشاطات التعاون، مثل المادة 187 من دستورنا، والمسؤولية عن الحماية. وليكن واضحا: أن كل الخيارات للخروج من هذه التراجيديا التي نعيشها تكمن ببقائنا في الشوارع”.

يذكر أن أحد بنود المادة 187 من الدستور الفنزويلي يمنح البرلمان الصلاحيات للموافقة على قيام القوات المسلحة الفنزويلية بعمليات في الخارج وعمل البعثات العسكرية الأجنبية على الأراضي الفنزويلية.

تدخل عسكري أمريكي

أضحى التدخل العسكري الروسي، بإرسال جنود إلى فنزويلا، مثارًا لسجال سياسي بين موسكو وواشنطن، حيث أعربت الأخيرة رفضها للتدخل الروسي العسكري المباشر في الأزمة، فيما عللت موسكو ذلك بأنه “بموجب اتفاق مع كاراكاس”.

منطلق الأزمة الدبلوماسية، جاءت بعدما وصلت طائرتان روسيتان تنقلان نحو مئة عسكري و35 طنا من العتاد، الأحد الماضي، إلى كراكاس، في إطار ما يسمى بـ “التعاون التقني والعسكري مع فنزويلا”، بحسب ما أعلنت وكالة “سبوتنيك” الروسية الرسمية للأنباء.

وفي التفاصيل، حيث أعلنت موسكو أن الخبراء العسكريين الروس موجودون بفنزويلا في ضوء اتفاق تعاون بين البلدين.

جاء ذلك في تصريحات على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، “ماريا زاخاروفا”، خلال ردها على انتقادات الأمانة العامة لمنظمة الدول الأمريكية، مشيرة إلى أن انتقاداتها “ليست مفاجئة”.

وأضافت: “نرى أن تصريح منظمة الدول الأمريكية الذي يتهم روسيا بالتدخل العسكري في فنزويلا، سياسي بشكل كامل”.

وأكدت أن روسيا طورت تعاونها مع فنزويلا عبر الالتزام بدستور الأخيرة، قائلة: “الخبراء العسكريين الروس موجودون في فنزويلا في ضوء اتفاقية تعاون عسكري- تقني موقعة بين حكومتي روسيا وفنزويلا في مايو / أيار 2001”.

من جانبه، رد وزير الخارجية الفنزويلي “خورخي أرياسا” على انتقادات بعض الدول للتعاون العسكري بين فنزويلا وروسيا.

وكتب في حسابه على “تويتر”: “نتفاجأ بنفاق الحكومات في المنطقة، التي تستضيف على أراضيها قواعد عسكرية وعسكريين أمريكيين… وهي تتجرأ على إبداء المعارضة للتعاون العسكري التقني بين فنزويلا وروسيا الذي يستمر منذ عام 2001”.

واعتبر الوزير مثل هذه الانتقادات غير أخلاقية.

وعلى الجانب الآخر، اعتبر زعيم المعارضة الفنزويلة “خوان غوايدو”، التدخل الروسي مخالفا للدستور، قائلًا “يبدو أن حكومة مادورو ليس لديها ثقة في عسكرييها، لأنها تستقدم عسكريين من الخارج، إنهم ينتهكون الدستور من جديد”.

وحذر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو نظيره الروسي سيرغي لافروف من أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي إذا استمرت روسيا في مفاقمة التوتر في فنزويلا.

وأعلن نائب الرئيس الأمريكي، مايك بينس، الأربعاء، أن “الولايات المتحدة ترى في وصول طائرات عسكرية روسية استفزازا غير مرحب به”، داعيا الحكومة الروسية إلى تأييد غوايدو.

أما عن روسيا، فرد وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف”، متهمًا واشنطن بالسعي لتدبير “انقلاب” في فنزويلا للإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

وختامًا لحالة السجال السياسي الروسي الأمريكية، طالبت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، “ماريا زاخاروفا”، حيث دعت ترامب بالايفاء بوعد إخراج قوات الولايات المتحدة من سوريا قبل أن يوجه أي مطالب لروسيا بالانسحاب من فنزويلا.

وأضافت زاخاروفا: “أود أن أنصح ترامب بالوفاء بوعوده التي قدمها للمجتمع الدولي بمثل هذه الحرية قبل أن يحاول تقرير مصير الدول الأخرى”.

فيما تبدو الساعات والأيام المقبلة، أكثر سخونة، فيما يتعلق بالأزمة الفنزويلية، التي ربما تأخذ نفس السيناريو السوري، مع فارق استباق التدخل العسكري الروسي مؤخرًا لصالح “مادورو”، عنه في تدخل التحالف الدولي بقيادة الولايات الأمريكية في سوريا، فقد ألمحت الإدارة الأمريكية بأن “الخيارات كلها مطروحة على الطاولة”، وخصوصًا بعد أن دخلت روسيا رسميًا وعسكريًا على خط الأزمة.

وعلى هامش لقائه، أمس الأربعاء، في البيت الأبيض، بزوجة زعيم المعارضة الفنزويلية، “فابيانا روساليس”، قال ترامب “”على روسيا أن تخرج من فنزويلا”.

وأضاف ترامب، ردا على سؤال حول سبل ضمان “خروج روسيا من فنزويلا”: “سنرى. وكل الخيارات مفتوحة”.

ودعا الرئيس الأمريكي الحكومة الروسية إلى التخلي عما وصفه بدعم نظام الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو.

وفي إجابته عن سؤال ما إذا أبلغت واشنطن موسكو بالموقف الأمريكي من هذه التطورات، قال ترامب: “إنهم على علم”.

وفيما يبدو، لمست التلميحات الأمريكية بوصف “الخيارات المفتوحة”، هاجس كبير بالنسبة للرئيس “مادورو”، الذي رأى فيه تهديدًا مباشرًا بالتدخل العسكري الأمريكي في الأزمة، فأكد أنه يأخذ التهديدات الأمريكية على محمل الجد.

فقد أكد الرئيس الفنزويلي استعداد بلاده للتصدي للهجمات الخارجية، وحماية سلامة أراضي البلاد، مشيرا إلى أنه يجب أخذ التهديدات الأمريكية بالتدخل العسكري على محمل الجد.

وقال مادورو في تغريدة على حسابه الرسمي على “تويتر”، الأربعاء: “عندما تهدد إمبراطورية الولايات المتحدة عسكريا أي بلد، يجب أخذها على محمل الجد، ولذلك فإننا مستعدون سوية مع الشعب والقوات المسلحة البوليفارية للتصدي للهجمات والدفاع عن سلامة أراضي الوطن”.

وأضاف مادورو أن “فنزويلا لن تركع!”.

سجال روسي أمريكي

ربما يعجبك أيضا