فنزويلا: غوايدو يتأهب للحسم.. والموقف الدولي يحتدم

حسام السبكي

حسام السبكي

ساعات مرتقبة، يراها مراقبون “حاسمة”، في الصراع بين الرئيس الفنزويلي “نيكولاس مادورو”، وزعيم المعارضة ورئيس البرلمان -و”الرئيس بالوكالة” المعترف به من قبل أكثر من 50 دولة حول العالم- “خوان غوايدو”، خاصةً مع قرب تحرك قافلة المساعدات الأمريكية من كولومبيا، والتي يشرف عليها “الرئيس المُنقلب” بنفسه، بينما أعلنت كاراكاس عن إغلاق حدودها جزئيًا مع جارتها الغربية، فيما يقف الجيش -حتى الآن- موقف “المُحايد النسبي” من الأزمة، وسط ضغوط أمريكية تطالبه بحسم موقفه تجاه “غوايدو”، أو البقاء في صف “الشرعية” والرئيس “مادورو” المدعوم من روسيا، وعدد من دول “المحور الشرقي”.

المساعدات الأمريكية

رغم الحالة الصعبة التي يحياها نحو 32 مليون من أبناء الشعب الفنزويلي -وفق آخر إحصائية قبل عامين- جراء نقص الكثير من الموارد الغذائية والدوائية، والتي ازدادت مع العقوبات الأمريكية المفروضة على الرئيس “مادورو”، لحثه على التخلي عن السلطة، لصالح زعيم المعارضة “غوايدو”، وهي العصا المسلطة، ليست على نظام كاراكاس فقط، وإنما يعيش على وقع آناتها الشعب الفنزويلي.

وفيما تبدو “سياسة العصا والجزرة”، وفق وصف أحد المسؤولين في الإدارة الأمريكية، لدى حديثه عن ترؤس “مايك بنس” نائب الرئيس الأمريكي، الإثنين المقبل، وفد بلاده في اجتماع مجموعة ليما الإقليمية، في العاصمة الكولومبية “بوغوتا”، حيث أشار إلى أن واشنطن “لديها جزر ولكنها مستعدة أيضاً بالعصا لمن يشجعون أو يقومون بأعمال عنف”، موضحًا “هذا لن تعلنه الولايات المتحدة فحسب وإنما بقية دول المنطقة”.

تبقى إذن ساعات بسيطة، على بدء إدخال شحنات المساعدات الأمريكية، إلى داخل الحدود الفنزويلية، فيما يحتشد المئات من الأنصار والمعارضين، على طرفي الحدود، ويقف الجيش، الذي أعلن في وقتٍ سابق بشكل كامل وبصورة مؤقتة، إغلاق جسور، “سيمون بوليفار”، “سانتاندر” و”أونيون” على الحدود بين فنزويلا وكولومبيا، للحيلولة دون إدخال المساعدات، التي يرى فيها “مادورو”، ذريعة أمريكية للتدخل في فنزويلا.

الجيش يحسم

يُراهن كل من طرفي النزاع في فنزويلا، على موقف الجيش من الأزمة، الذي سينصفه في نهاية المطاف، فالرئيس الحالي يعطي أوامره، وقيادة الجيش تبدو في حالة “الطاعة”، بينما على الجانب الآخر تسمح لرئيس البرلمان – الذي نصب نفسه رئيسًا للبلاد قبل شهر من الآن – بحرية التحرك، وكسر القيود القضائية المفروضة عليه.

وعلى نحو أكثر تفصيلًا، فقد ذكر نائب الرئيس الفنزويلي “ديلسي رودريجيز”، مساء الجمعة، إن سلطات بلاده قررت إغلاق ثلاثة جسور عبور -بصورة مؤقتة- على الحدود مع كولومبيا.

وكتب رودريغيز تدوينة صغيرة على صفحته في “تويتر”: إن “الحكومة البوليفارية، أبلغت السكان قرارها، بإغلاقها بشكل كامل وبصورة مؤقتة، جسور، سيمون بوليفار، سانتاندر وأونيون، وذلك على خلفية التهديدات الخطيرة والغير قانونية من قبل الحكومة الكولومبية ضد سلامة وسيادة فنزويلا “.

وأضاف، “تمنح الحكومة الفنزويلية جميع الضمانات اللازمة لتأمين عبور حدود آمن للشعبين الفنزويلي والكولومبي، حالما يتم السيطرة على أعمال العنف الصارخة ضد شعبنا وأرضنا”.

هذا، وقد رفض الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، قبول المساعدات الدولية، ووصفها بـ”الذريعة” لبدء تدخل عسكري تقوده الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن فنزويلا ليست بحاجة إلى “صدقة”، مضيفًا “إذا أرادوا المساعدة، فليضعوا حدًا للحصار والعقوبات”.

على الجانب الآخر، دعا “غوايدو” الشعب إلى النزول للشوارع، بالتزامن مع اقتراب تحرك قوافل المساعدات الأمريكية من كولومبيا، قائلًا -في وقتٍ سابق- “غدا (السبت) الثالث والعشرون من فبراير/ شباط كل شعب فنزويلا سيكون في الشارع للمطالبة بدخول المساعدة الإنسانية”.

وحول دور الجيش في دعمه حتى الآن، أشار “غوايدو” أن “السؤال هو: كيف وصلنا إلى هنا بينما أغلقوا المجال الجوي وكل أنواع العبور البحري وسدوا الطرق”. وأضاف “نحن هنا لأن القوات المسلحة أيضا بالتحديد شاركت في العملية”.

صراع دولي مُحتدم

حالة من الاستقطاب الدولي الحاد، تعيشها الأزمة الفنزويلية، بين قطبي النزاع “غوايدو”، المدعوم من 50 دولة، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، ورؤساء كولومبيا وتشيلي والباراجواي والأمين العام لمنظمة الدول الأمريكية، فيما تقف الدولتين العظمتين روسيا والصين، إضافة إلى تركيا، وكوبا، والمكسيك، والأوروجواي، إلى صف “الشرعية”، رافضة محاولات الانقلاب عليها، أو الضغط لتغيير الواقع السياسي في فنزويلا.

أما عن آخر أشكال النزاع الدولي، فقد وجه الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، الأسبوع الماضي -على ما يبدو تحذيره الأخير- شديد اللهجة للقادة العسكريين الفنزويليين بأنهم قد “يخسرون كل شيء” في حال رفضوا دعم المعارض غوايدو، هو ما رد عليه وزير الدفاع الفنزويلي “فلاديمير بادرينو” بالرفض، واصفًا الرئيس الأمريكي بالـ”مغرور”.

على جانبٍ آخر، أعربت الخارجية الروسية، الخميس الماضي، عن رفضها القاطع “تسييس” موضوع إيصال المساعدات الإنسانية إلى فنزويلا، مشيرة إلى أن عملية إيصال المساعدات يجب أن تجري بما يتوافق مع القوانين الدولية وعبر مكتب الأمم المتحدة في كاراكاس.

وأمس الجمعة، اتهمت موسكو، عبر المتحدثة باسم خارجيتها “ماريا زاخاروفا”، الولايات المتحدة وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي، ببحث تسليح المعارضة في فنزويلا، وزعمت أن واشنطن تنشر قوات خاصة ومعدات بالقرب من البلد الواقع في أمريكا الجنوبية.

وأضافت “زاخاروفا”، إن قافلة المساعدات الإنسانية الأمريكية إلى فنزويلا قد تؤدي لاشتباكات وتُوجِد ذريعة للإطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو حليف موسكو.

وفي ذات السياق، انتقد وزير الدفاع الصربي “ألكسندر فولينسفير” الولايات المتحدة في بلجراد أمس (الجمعة) بعد تصريح الأخير بأن صربيا “تقف في الجانب الخاطئ من التاريخ” لرفضها دعم زعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو.

مضيفًا، أن “صربيا ليست مستعمرة�”، مذكراً بعمليات القصف التي شنَّها حلف شمال الأطلسي على صربيا في 1999 لإنهاء النزاع في كوسوفو الذي سقط فيه مئات الضحايا المدنيين.

وقال فولين متوجها إلى السفير الأمريكي: “بعدما قصفتم صربيا خسرتم كل حق معنوي في التحدث عن الحقوق والعدالة”.

توتر دموي

وفي إشارة ذات مغزى، على موقف الجيش الفنزويلي من الأزمة، فقد تحولت نيرانه إلى الحدود مع البرازيل، حيث لقي شخصين مصرعهما، بينهما امرأة، وأصيب 15 آخرين بجروح، برصاص الجيش الفنزويلي خلال مواجهات بين الجيش والسكان الأصليين من الهنود الحمر على الحدود مع البرازيل، حاولوا منع العسكريين من قطع الطريق أمام إدخال مساعدات إنسانية، كما أعلنت منظمة غير حكومية للدفاع عن حقوق الإنسان.

من جهته، أعلن البيت الأبيض الجمعة أن الولايات المتحدة “تدين بشدة” استخدام الجيش الفنزويلي للقوة، مشيرًا في بيان للبيت الأبيض “تدين الولايات المتحدة بشدة استخدام الجيش الفنزويلي للقوة ضد مدنيين عزل ومتطوعين أبرياء عند حدود فنزويلا مع البرازيل”.

وأضاف “يجب على الجيش الفنزويلي أن يسمح للمساعدات الإنسانية بدخول البلاد بطريقة سلمية… العالم يراقب”.

ربما يعجبك أيضا