«فورين أفيرز»: الصين تخصص 10 مليارات دولار للدعاية العالمية

بسام عباس

تقرير أمريكي: التآكل الديمقراطي في الولايات المتحدة يساعد الصين وروسيا على تشويه فكرة الديمقراطية بحرب تضليل عالمية لقمع مطالب الإصلاحات.


قالت مجلة فورين أفيرز الأمريكية إن روسيا والصين تشنان حرب تضليل من أجل تشويه سمعة الديمقراطية الغربية.

وأضافت المجلة في تقرير نشرته الجمعة الماضي 6 يناير 2023، أن بكين وموسكو لا تزالان تمثلان تهديدًا خطيرًا للديمقراطية، وأنه كلما ازدادت أزماتهما المحلية ازدادت حاجتهما إلى تشويه سمعة الأنظمة البديلة والخصوم الديمقراطيين.

تقويض الديمقراطية

أوضحت فورين أفيرز في تقريرها أن روسيا والصين تسعيان لتثبيت ودعم الحكومات الصديقة، وتؤسسان نظامًا دوليًّا جديدًا مجزأ يعطي امتيازًا لـ”السيادة الوطنية” على حقوق الإنسان.

وفي رأي المجلة أن ضعف الديمقراطيات الغربية ساعد بكين وموسكو في هذه المهمة، وتشير إلى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، يواصل الطعن في شرعية انتخابات 2020، ما يلقي بظلال سيئة على العملية الديمقراطية برمتها.

منصات مضللة

أوضح التقرير أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تزال منصات للمعلومات المضللة وتنظير المؤامرات، مشيرًا إلى أن الاعتداء على الحقيقة يتفاقم مع التقدم السريع لبرمجيات الذكاء الاصطناعي، ما مثل فرصة كبيرة للصين وروسيا في نشر المعلومات المضللة.

وأضاف التقرير أن هذا التآكل الديمقراطي في الولايات المتحدة يساعد بكين وموسكو على تشويه فكرة الديمقراطية، مشددًا على أنه يجب تعزيز الديمقراطية الأمريكية من الداخل لتكون مرة أخرى مثالًا قادرًا على إلهام الآخرين، وعندها فقط يمكن لواشنطن أن تكسب معركة القوة الناعمة العالمية.

ديمقراطية فاسدة

قال المنشق الروسي، جاري كاسباروف، إن أي ديكتاتورية تقوم على مبدأ الإنفاق ببذخ على الشرطة والدعاية، وهذا المبدأ يمثل نقطة انطلاق للقادة الصينيين والروس. وتنقل المجلة أن الصين تعد رائدة في المراقبة الرقمية الصارمة، في حين أن موسكو كثفت قمعها لاحتواء المعارضة للحرب في أوكرانيا.

وتابعت المجلة أن جميع الديكتاتوريات تتطلب درجة معينة من الدعم الشعبي أو الخضوع، فالمواطنون عند تقييم أداء حكومتهم يقارنونها بأداء الدول الأخرى، ولهذا تخصص بكين وموسكو ما يقرب من 20% من الدعاية المحلية للتخلص من الديمقراطية الغربية على اعتبار أنها فاسدة لا تستحق التضحية، وأن الديمقراطية “الحقيقية” موجودة بالداخل.

ميزانيات للتضليل العالمي

أوضحت المجلة أن بكين وموسكو تصنعان روايات دعائية ليس لمواطنيهما فقط بل للجمهور العالمي أيضًا، فخصصت بكين أكثر من 10 مليارات دولار سنويًّا لعمليات الدعاية العالمية، وأنفقت الحكومة الروسية ما لا يقل عن 380 مليون دولار على موقع وقناة روسيا اليوم.

وأشارت إلى أن بكين وموسكو تستثمران في الدعاية الموجهة للجماهير الأجنبية، لأنهما بحاجة إلى حكومات صديقة في الخارج لدعم مواقفهما السياسية في الداخل، وإعادة تشكيل النظام الدولي بعد الحرب الباردة، مضيفةً أن حرب المعلومات المضللة أصبحت عالمية ليصير العالم آمنًا على الأنظمة المستبدة.

استهداف إفريقيا

أفادت المجلة أن موسكو تحرص على تأمين الموارد الطبيعية، لا سيما مناجم الذهب في إفريقيا، للالتفاف على العقوبات المفروضة على حكومة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبل الحرب في أوكرانيا، موضحة أن الصين لديها أهداف مماثلة، كمبادرة الحزام والطريق المدفوعة بالتطلعات المحلية للحزب الشيوعي، التي تحركها الطموحات الجيوسياسية للزعيم الصيني شي جين بينج.

وأشارت إلى أن وجهات النظر الإيجابية تجاه الصين في إفريقيا، تراجعت مع عمق المشاركة مع الصين. أما سجلّ موسكو في إفريقيا فكان أسوأ، فالعملاء الروس ساعدوا في دعم الحكومات القمعية، وفي قمع الاحتجاجات الشعبية، وفي المقابل تروج الدعاية الصينية والروسية معلومات مضللة بشأن التجاوزات الغربية.

الصحة الديمقراطية

قالت المجلة الأمريكية إن صحة الديمقراطية الأمريكية تعتبر مصدر قلق محلي وأمن قومي، فالصين وروسيا استغلتا الانقسامات الديمقراطية الأمريكية ومآسيها للاستحواذ على ميزة تنافسية في القيادة العالمية. ولاستعادة تلك الميزة، على الولايات المتحدة إصلاح ديمقراطيتها وتنشيط صوتها من أجل الديمقراطية في الساحة العالمية، وأن تستمر الديمقراطية في الهجوم.

وذكرت أن هذا سيتطلب استثمارًا كبيرًا في القوة الناعمة الأمريكية، فمنذ عام 1980، بلغ الإنفاق الحكومي الأمريكي على الدبلوماسية العامة ذروته عند 2.5 مليار دولار في عام 1994، ولكن مع انتشار التحديات، تجمدت الجهود الأمريكية، وبلغ إجمالي الإنفاق 2.23 مليار دولار فقط في عام 2020.

استعادة القوة الناعمة

أوضحت فورين أفيرز أن على واشنطن أن تعود إلى المعركة من أجل القوة الناعمة العالمية، بأسلوب يعكس القيم الأمريكية، وأن تنقل الحقيقة بأساليب تجذب الجماهير العالمية وتقنعها. وينبغي ألا يقتصر الهدف على مواجهة المعلومات المضللة بنحو مقنع بالحقيقة، ولكن بتعزيز القيم والأفكار والحركات الديمقراطية.

وأضافت: “من أجل مواجهة المعلومات المضللة وفضح الأنظمة المستبدة، على واشنطن توفير منافذ متعددة ذات مصداقية للمعلومات، وينبغي أن تكون مستقلة، وفي حين أن الحكومة الأمريكية تقدم الدعم المادي، يجب أن تعمل هذه المنافذ دون رقابة، وبهذه الطريقة ستحوز مصداقية شعوب العالم لأنهم يرونها مستقلة”.

ربما يعجبك أيضا