فوز بايدن.. آمال بحل قضايا عالقة والقلق يسود روسيا والصين وإسرائيل

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

بعد التيقن من فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة الأمريكية، وانتهاء عهد ترامب الذي دام أربعة أعوام تغيرت خلالها علاقات الولايات المتحدة بدول العالم بشكل كبير، تتبادر للأذهان تساؤلات حول ما يعنيه فوز بايدن للعالم، وهل سيتمكن من تغيير سياسات ترامب الخارجية.

ويمكن من خلال التقرير التالي استعراض أهم الملفات والقضايا الشائكة التي أثارتها إدارة ترامب مع دول العالم، وما يعنيه فوز بايدن لحل تلك المعضلات:

الصين تخسر ترامب

يعتقد كثيرون أن الصين ستكون من أكثر الدول فرحًا برحيل إدارة ترامب، التي خاضت معها حربًا تجارية وقامت بفرض عقوبات، فضلا عن تحميل بكين مسؤولية انتشار وباء كورونا في العالم، لكن بعض المحللين رجحوا أن القيادة الصينية خلف الكواليس الآن تشعر بخيبة أمل، ليس شغفاً بترامب، ولكن لأنه جسد خلال أربع سنوات حالة انتظرتها بكين طويلا وهي تراجع قوة الولايات المتحدة.

وبعد فوز بايدن تتطلع الصين لتحسين علاقاتها مع الإدارة الأمريكية الجديدة، لكن وعود بايدن بإصلاح العلاقات مع الحلفاء قد يثبت فعالية أكبر في تقييد طموحات الصين بأن تصبح قوة عظيمة، مقارنة بنهج ترامب القائم على العمل بمفرده.

الهند شريك أساسي

مع فوز بايدن سيبقى الهند البلد، الأكثر اكتظاظاً بالسكان في جنوب آسيا، حليفًا استراتيجيًا رئيسيًا للولايات المتحدة في ما يخص المحيطين الهندي والهادئ، للحدّ من صعود الصين ولمكافحة الإرهاب العالمي.

وعلى الرغم من ذلك، يصعب التنبؤ بما ستكون عليه العلاقة الشخصية بين بايدن ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، في وقت امتنع فيه ترامب عن انتقاد سياسات مودي الداخلية المثيرة للجدل، التي يرى كثيرون أنها تنطوي على تمييز ضد المسلمين، وهو ما انتقده بايدن في تصريحاته سابقة له داعيًا استعادة حقوق الجميع في كشمير.

الكوريتان.. النيران والغضب

من الواضح أن كوريا الشمالية كانت تفضل فترة رئاسية ثانية لإدارة ترامب، فرغم اللقاء غير المسبوق بين الطرفين وما تم التوقيع عليه ، واصلت بيونج يانج بناء ترسانتها النووية وواصلت الولايات المتحدة فرض عقوباتها.

في المقابل، طالب جو بايدن كوريا الشمالية بإظهار استعدادها للتخلي عن برنامج أسلحتها النووية، وذلك قبل أن يعقد أي اجتماعات مع كيم جونج-أون، ويرى العديد من المحللين أنه ما لم يبدأ فريق بايدن محادثات مع بيونج يانج في وقت مبكر جدا، قد تعود أيام “النيران والغضب”.

أما كوريا الجنوبية فقد عانت أحيانًا من تعاملها مع ترامب لكنها كانت حريصة على إنهاء حرب دامت 70 عاماً في شبه الجزيرة الكورية، وأثنت على ترامب لامتلاكه “الشجاعة” للقاء كيم، واليوم تترقب عن كثب صدور أي إشارة عن رغبة بايدن للقيام بالخطوة ذاتها.

بريطانيا وأزمة البريكست

المناورات التي قامت بها حكومة جونسون فيما يتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم تسر على ما يرام مع الديمقراطيين الرئيسيين ومع جماعات الضغط الأيرلندية، ومنها الرئيس الأمريكي المنتخب.

من جانبه قال بايدن إنه لن يسمح في حال انتخابه بأن يصبح السلام في أيرلندا الشمالية “ضحية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”. وأشار إلى أن أي صفقة تجارية مستقبلية بين الولايات المتحدة وبريطانيا ستكون مشروطة باحترام اتفاقية “الجمعة العظيمة”.

لذا من المحتمل أن يحرص بايدن على إجراء مشاورات أوروبية قبل الحديث مع لندن، وربما تشهد العلاقة حالة من التراجع  لكنها قد تجد أرضية مشتركة ما، ففي النهاية، تربط الدولتين علاقات دبلوماسية طويلة الأمد وعميقة في مجال الأمن والاستخبارات.

روسيا.. التهديد الأكبر

تخشى موسكو أن تعني رئاسة بايدن المزيد من الضغط والعقوبات المفروضة من قبل واشنطن، لا سيما مع وجود رئيس ديمقراطي في البيت الأبيض الأمر الذي قد يفتح المجال لمحاسبة روسيا على تدخلها المزعوم في انتخابات 2016.

في تصريحات سابقة له، وصف جو بايدن روسيا بأنها “التهديد الأكبر للولايات المتحدة، ليترك انطباعًا حادًا لدي الكرملين، التي تذكر له تصريح لبايدن في 2011 ، قال فيه” إنه لو كان فلاديمير بوتين لما ترشح مجددًا في الانتخابات”.

رغم عدم وجود توافق بين بايدن وبوتين على أرض الجغرافيا السياسية، لكن المعلقون الروس يتوقعون أن تكون إدارة بايدن، على الأقل، أكثر قابلية للتنبؤ من فريق ترامب. وقد يسهل ذلك التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الملحة، مثل التوصل إلى معاهدة روسية أمريكية جديدة لخفض الأسلحة النووية بدلا من تلك التي ينقضي أجلها في فبراير المقبل.

ألمانيا تتنفس الصعداء

بحسب استطلاعات الرأي التي أجراها معهد “بيو” للأبحاث” فلا يثق سوى 10% فقط من الشعب الألماني بسياسة ترامب الخارجية، حيث يتهم ترامب بتقويض التجارة الحرة وتفكيك المؤسسات متعددة الجنسيات التي كانت تعتمد عليها ألمانيا اقتصادياً، فيما أثارت خلافاته مع الصين قلق المصدرين الألمان.

ورغم ذلك فهناك إدراك بأن الاختلافات السياسية الرئيسية بين واشنطن وبرلين لن تختفي مع رئاسة بايدن. لكن برلين تتطلع إلى العمل مع رئيس يثمّن التعاون بين الأطراف المتعددة.

إيران والاتفاق النووي

في عهد ترامب، تدهورت العلاقات مع طهران بسبب العقوبات وسياسة الضغط الشديدة وانسحاب ترامب من الاتفاق النووي، لتتفاقم التوترات بمقتل الجنرال قاسم سليماني، ومن ثم فإن مسألة الدخول في مفاوضات كانت شبه مستحيلة.

ومع انتخاب بايدن سيسهل على إيران البدء في مفاوضات مع الإدارة الأمريكية، فالرئيس الأمريكي المنتخب قال إنه يريد اللجوء إلى الدبلوماسية والعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، فيما يأمل ملايين الإيرانيين أن يؤدي فوز بايدن إلى تخفيف العقوبات.

إسرائيل.. والمواجهة مع إيران

مساعي بايدن لإعادة صياغة سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط والعودة للاتفاق النووي، احتمال يرعب إسرائيل لأنه سينتهي بحسب معتقدها إلى “مواجهة إسرائيلية إيرانية عنيفة”.

ومما لا شك فيه أن نتائج الانتخابات الأمريكية ستؤدي إلى تغيير كبير في نهج الولايات المتحدة تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فقد كان يُنظر إلى خطة ترامب على أنها تخدم إسرائيل بشدة وتمنحها فرصة لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة. وتمّ تأجيل ذلك بسبب عقد صفقات تاريخية لإقامة علاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية.

ومن المرجح أن يستمر هذا التوجه نحو “التطبيع” الإقليمي في ظل حكم بايدن، لكنه قد يسعى للحصول على المزيد من التنازلات الإسرائيلية.

فوز بايدن.. أمل الكوبيين

رئاسة بايدن هي ما كان يأمله معظم الكوبيين، فقد تسببت العقوبات بمعاناة شديدة، وأُنهك الكوبيين على مدى أربع سنوات من العداء الذي لا يلين في عهد ترامب، وسط آمال بأن يحيى بايدن ذكريات تحسن العلاقات في عهد الرئيس أوباما.

كندا.. ارتياح يسوده قلق

يجد الحزب الليبرالي بزعامة ترودو في بايدن حليفًا في قضايا مثل تغير المناخ والتعددية. لكن هذا لا يعني أنه لا توجد نقاط خلاف مع إدارته. الرئيس ترامب سمح ببناء خط أنابيب النفط “كيستون إكس إل” من ألبرتا إلى تكساس. وهو مشروع يُعدّ حيويا لقطاع الطاقة الكندي المتعثر – لكن الرئيس المنتخب بايدن يعارضه.

وتثير خطة بايدن، التي تحمل عنوان “إشتر الصناعة الأمريكية” لإنعاش الصناعة بعد جائحة فيروس كورونا، قلقاً لدى كندا في مسألة اعتمادها الشديد على التجارة مع الولايات المتحدة.

المكسيك .. ووقف بناء الجدار

في الوقت الذي قدمت فيه حكومات دول العالم التهنئة للرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، رفض رئيس المكسيك اعتبار بايدن رئيسًا حتى يتم حل بعض القضايا.

يأتي ذلك في الوقت الذي توقعت فيه شبكة “فوكس نيوز” توقف البناء فى مشروع جدار المكسيك الذي شيدته إدارة ترامب بحلول نهاية العام الجاري، مشيرة إلى أن الإدارة الجديدة برئاسة جو بايدن لن تقدم علي هدم الجدار، وإنما ستكتفي بوقف التوسع فيه.

ربما يعجبك أيضا