في ذكرى انهيار ليمان براذرز.. البنوك الأمريكية تواجه حالة من عدم اليقين

ولاء عدلان
ليمان براذرز

تعهد رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم باول في يونيو الماضي، بتشديد الرقابة على أنظمة التمويل ومعالجة نقاط الضعف في القطاع المصرفي.


خفضت وكالة موديز في أغسطس الماضي التصنيف الائتماني لعشرة بنوك أمريكية، ووضعت تضنيف 6 بنوك كبرى قيد المراجعة مع احتمال الخفض.

وحذرت موديز من أن جودة أصول القطاع المصرفي الأمريكي تتجه للانخفاض بمستويات قوية، هذا التحذير يضاف إلى حالة عدم اليقين التي تخيم على أفاق القطاع منذ مارس الماضي، لتعود للأذهان ذكريات انهيار بنك ليمان براذرز  في 2008.

تصنيف البنوك الأمريكية على المحك

قررت وكالة موديز تخفيض تصنيف 10 بنوك درجة واحدة، ووضع 6 من أكبر البنوك الأمريكية قيد المراجعة أبرزهم نيويورك ميلون وبنك يو إس بانكورب، بالإضافى إلى تعديل نظرتها إلى 11 بنكًا إلى سلبية.

وقالت الوكالة الشهيرة في تقريرها، إن البنوك الأمريكية تتعامل مع مخاطر أسعار الفائدة المرتفعة وإدارة الأصول والخصوم بما يؤثر على مستويات السيولة ورأس المال، حيث يؤدي ارتفاع الفائدة إلى انخفاض قيمة الأصول ذات السعر الثابت، وحذرت من أن البنوك التي لديها حصة أعلى من هذه الأصول مقيدة أكثر من حيث القدرة على الربح وتنمية رأس المال ومواصلة الإقراض.

وأشارت إلى أنها تتوقع دخول الولايات المتحدة في حالة ركود اقتصادي (معتدل) مطلع العام المقبل ما يرفع نسبة المخاطر في القطاع المصرفي نظرًا لتراجع جودة الأصول واحتمالية تآكل رأس المال، محذرة من ارتفاع المخاطر في حالة البنوك التي لديها محافظ عقارية أكبر.

اقرأ أيضًا|  حصاد 2022.. الأسواق العالمية تودع عام التقلبات الجامحة

رياح معاكسة

قالت العضو المنتدب للمؤسسات المالية في موديز آنا أرسوف، في تصريح لوكالة أنباء رويترز، إن القطاع المصرفي الأمريكي يواجه بعض الرياح المعاكسة، وسط استمرار موجة التشديد النقدي فسيكون من الصعب على البنوك مواصلة جني الأرباح بمعدلات مرتفعة لا سيما مع تصاعد احتمالات الركود، مضيفة مع ذلك البنوك الأمريكية لا تزال من بين الأقوى عالميًا.

خلال الربع الأول من العام الحالي، بلغت أرباح القطاع المصرفي الأمريكي أعلى مستوياتها على الإطلاق، مسجلة 80 مليار دولار بزيادة قدرها 33% على أساس سنوي، نتيجة لارتفاع أسعار الفائدة المستمر منذ مارس 2022، لكن في مؤشر خطر قفز إجمالي مصروفات الفائدة بالقطاع بمقدار 10 أضعاف مقارنة بالربع الأول من 2022، وفق شبكة “سي إن بي سي”.

مؤشر الخطر هذا أصبح أكثر وضوحًا في الربع الثاني مع تراجع أرباح القطاع بأكثر من 11% على أساس سنوي إلى 70.8 مليار دولار، وفي الربعين الأول والثاني سجلت البنوك تراجعًا في الودائع نتيجة أزمة المصارف التي بدأت مع إفلاس بنك سيليكون فالي في مارس.

 

شبح ليمان براذرز

عاشت الأسواق العالمية في مارس الماضي ذعرًا أعاد للأذهان ذكريات انهيار بنك ليمان براذرز، مع إعلان السلطات الأمريكية إغلاق بنك سيليكون فالي، صاحب المركز الـ16 بين أكبر البنوك الأمريكية، والتحفظ على جميع أصوله، بعد أن فشل في تأمين تمويل بـ2.25 مليار دولار لسد الخسائر الناجمة من بيع الأصول المتأثرة بسلسلة رفع معدلات الفائدة، وفي الشهر نفسه جرى الإعلان عن إفلاس بنك سيجنتشر.

تتوقع موديز تراجع أرباح البنوك الأمريكية خلال الفترة المقبلة مع تدهور قدرة أكبر اقتصاد في العالم على النمو، وارتفاع ضغوط الفائدة المرتفعة وتخلف عدد أكبر من المقترضين عن سداد أقساطهم للبنوك الأمر الذي يهدد بحالات أكبر من التعثر في السداد وتفاقم خسائر البنوك لا سيما تلك المتورطة في سوق الرهن العقاري.

2008 في مواجهة 2023

قبل 15 عامًا تحديدًا في 15 سبتمبر 2008، أعلن بنك ليمان براذرز، رابع أكبر بنك استثماري في الولايات المتحدة وقتها، إفلاسه، بسبب تورطه بشكل واسع في أزمة الرهن العقاري التي صنعتها البنوك على مدار سنوات عبر الإفراط في منح القروض عالية المخاطر وتوريق القروض العقارية وتداولها، وفق تقرير لإذاعة “إن بي آر” الأمريكية.

منذ ذلك الحين وإلى وقتنا هذا اتخذت الإدارة الأمريكية العديد من الإجراءات لتحصين مصارفها من أزمات مشابهة على سبيل المثال في 2010 أقرت واشنطن قانون (دود فرانك) لتنظيم القطاع المالي وإصلاح وول ستريت والذي أنشأ وكالة خاصة لحماية مصالح المقترضين، فضلا عن إطلاق برامج وقوانين عدة للحد من مخاطر القروض العقارية والقروض مرتفعة المخاطر عموما، وأزمات نقص السيولة بالقطاع المصرفي.

اقرأ أيضًا|انهيار بنك سيليكون فالي.. «البجعة السوداء» تخيم على الأسواق العالمية

حذر كبير لدى الفيدرالي الأمريكي

تعهد رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم باول خلال مؤتمر صحفي في يونيو الماضي، بتشديد الرقابة على أنظمة التمويل ومعالجة نقاط الضعف التي أظهرتها أزمة انيهار مصارف سيليكون فالي وسيجنتشر وفيرست ريبابليك هذا العام، وقال لدينا قواعد أكثر صرامة تم وضعها بعد الأزمة المالية العالمية جعلت البنوك الكبرى أكثر قدرة على مواجهة حالات التخلف عن سداد القروض .

وفي نهاية اختبار الإجهاد المصرفي السنوي، أعلن المركزي الأمريكي في يونيو الماضي أن القطاع المصرفي الأمريكي لا يزال قويًا وتحديدا البنوك الكبرى التي تتمتع بمستويات جيدة من السيولة تجعلها أقدر على مقاومة حالات الركود الحاد والاستمرار في الإقراض، شمل الاختبار 23 بنكا بينها جولدمان ساكس وبنك أوف أمريكا، بهدف تقييم البنوك على مستوى رأس المال وحجم العائدات والخسائر حال حدوث ركود وانهيار السوق العقارية.

341322564 5990369181078448 6916070012257903827 n

 

ربما يعجبك أيضا