في ذكرى تنصيبه.. “شلل ترامب” يعصف بالحكومة الأمريكية

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

مع حلول الذكرى الأولى لتنصيب الرئيس دونالد ترامب، أوقفت الحكومة الأمريكية الفيدرالية أنشتطها رسميا، إثر فشل الجمهوريين والديمقراطيين في التوصل إلى تسوية حول ملف الموازنة، ولو بشكل مؤقت، لتفادي حالة الشلل الحكومي التي دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من منتصف ليل الجمعة.

سيترجم هذا الإغلاق الحكومي إلى بطالة تقنية بلا أجور لأكثر من 850 ألف موظف فيدرالي يعتبرون “غير أساسيين” لعمل الإدارة، إذ سيتوقف العديد من الوكالات الفيدرالية في أنحاء البلاد عن العمل وسيحصل مئات الآلاف من موظفيها على عطلة مؤقتة غير مدفوعة الأجر لحين التوصل إلى اتفاق بشأن ميزانية الحكومة.

تبادل للاتهامات

مع الإعلان عن هذا الإغلاق، بدأت جولة جديدة من تبادل الاتهامات بين نواب الحزبين، تحت قبة الكونجرس بالأمس في جلسة استمرت حتى منتصف الليل، كان يفترض أن تشهد تمريرا لقرار بشأن ميزانية مؤقتة لتمويل الحكومة حتى 16 فبراير المقبل، إلا أن مشروع القرار حصل على موافقة 50 عضوا فقط، في حين يتطلب تمريره 60 صوتا.

وبشكل أساسي عارض أعضاء الكونجرس من الديمقراطيين مشروع القرار، اعتراضا على عدم تضمنه بنود تخص “الحالمين” أو المهاجرين غير الشرعيين من صغار السن، هؤلاء المهاجرون الذين يسعى ترامب إلى إلغاء برنامج “داكا” المعني بحمايتهم وتقنين أوضاعهم داخل أمريكا، من أجل اقتطاع المخصصات المالية الخاصة بـ”داكا” لصالح برنامج أمن الحدود الذي يؤيده ترامب بشدة، في خطوة يرفضها الديمقراطيون وقطاع عريض من الشعب الأمريكي لما فيها من تمييز عنصري يقضي على سمعة أمريكا “بلد الحلم”.

وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض سارة ساندرز هاكابي -الجمعة، في أول تعليق على “شلل” الحكومة- هذا المساء وضع الديموقراطيون في مجلس الشيوخ السياسة قبل أمننا القومي.. لن نتفاوض حول وضع المهاجرين غير الشرعيين بينما يجعل الديمقراطيين المواطنين رهائن عبر مطالبهم غير المسؤولة التي تتسم بالرعونة.. هذا تصرف خاسرين معوقين وليس تصرف مشرعين.

واتهم زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الديموقراطيين بالتسبب في إغلاق الإدارات الفدرالية قائلا: كان بالإمكان تفادي هذا الإغلاق 100%.

في المقابل أشار زعيم الأغلبية الديمقراطية في الكونجرس تشاك شومر بأصابع الاتهام إلى ترامب قائلا: الإغلاق سيسمى “شلل ترامب” لأن لا أحد سوى الرئيس يمكن تحميله مسؤولية الوضع الذي نحن فيه اليوم، كل أمريكي يعرف أن الحزب الجمهوري يسيطر على البيت الأبيض ومجلس الشيوخ، ومهمة هذا الحزب هي الحفاظ على الحكومة فاعلة.

لكنه أعلن ظهر اليوم في تصريحات لـ”نيويورك تايمز” عن إحراز تقدم في المناقشات مع الجمهوريين وقال شومر: لقد عقدنا اجتماعا طويلا ومفصلا السبت، وناقشنا جميع القضايا البارزة الرئيسية، وحققنا بعض التقدم، لكن لا يزال هناك عدد كبير من الخلافات وستستمر المناقشات.

وعلى الرغم من هذه النبرة الإيجابية بعض الشيء لدى معسكر الديمقراطيين، إلا أن تغريدات ترامب هذا الصباح جاءت كعادته صدامية فقال: الديمقراطيون يولون اهتماما بالمهاجرين الشرعيين أكثر من جيشنا العظيم أو الأمن على حدودنا الجنوبية المحفوفة بالخطر، كان بإمكانهم التوصل لاتفاق بسهولة، لكنهم فضلوا على ذلك سياسة الشلل.

شلل ترامب

تعد هذه المرة الأولى التي تصل فيها الحكومة الأمريكية إلى مرحلة الشلل منذ أكتوبر 2013، عندما أغلقت الحكومة أنشطتها لمدة 16 يوما في عهد الرئيس السابق باراك اوباما، وحتى الآن يتعذر معرفة إلى متى ستستمر هذه الحالة، إذ من المفترض أن يجتمع الكونجرس ظهر اليوم للبحث عن حلول.

وبحسب استطلاع للرأي نشرته اليوم صحيفة “واشنطن بوست”، يرى نحو 48% من الأمريكيين أن ترامب وحزبه مسؤولون بشكل رئيسي عن الإغلاق الحكومي وتدهور الخلافات بشأن ملفي الهجرة وأمن الحدود، في حين يحمل 28% من الشعب الأمريكي الحزب الديمقراطي المسؤولية، و18% لديهم وجهة نظر محايدة ترى أن كلا الطرفين مسؤولين على قدم المساواة عن الأزمة الراهنة.

الواقع أن ترامب بقلة خبرته السياسية، يمثل حجز الزاوية في الخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين في الكونجرس، فخلال الأسبوع الماضي رفض اقتراحا للحزبين بشأن برنامج “داكا”، وقال إنه يريد ضم أي اتفاق يتعلق بـ”الحالمين” لحزمة تشريعية أكبر ستعزز أيضا تمويل بناء جدار المكسيك الحدودي.

من جهة أخرى، يفضل المعسكر الديمقراطي وعدوه التقليدي “الجمهوري” مع اقتراب استحقاق الانتخابات النصفية، لعبة شد الحبل، إذ يعتبر المعسكر الأول أن ترامب وحزبه سيتحملان أمام الرأي العام مسؤولية الشلل الحكومي، لذا يرفضون  منح أصواتهم لتمويل الحكومة دون ضمان تمويل برنامج “داكا”، ويعتقدون أن ترامب ومعسكره سيدفعون الثمن غاليا في حال الإصرار على إلغاء هذا البرنامج.

وفي المقابل يرغب الجمهوريون في استغلال “الإغلاق” لمعاقبة النواب الديمقراطيين عبر تحميلهم مسؤولية “الشلل” أمام الشعب الأمريكي، بما يهدد رصيدهم من الأصوات في عشر ولايات فاز فيها ترامب عام 2016، ويعتزم الديمقراطيون المنافسة فيها بشدة خلال الانتخابات النصفية في نوفمبر المقبل.

ومن المتوقع أن يجتمع الكونجرس اليوم، للبحث عن مخرج للأزمة الراهنة، والذي يتطلب -بحسب الخبراء- أن يتخلى المعسكران عن مصالحهم الحزبية الضيقة ويتطلعان إلى مصلحة الشعب الأمريكي ونحو 850 ألف موظف فدرالي ستتوقف رواتبهم إلى إشعار أخر.

ربما يعجبك أيضا