قنبلة “نيويورك تايمز” تكشف التهرب الضريبي لترامب.. هل تكون القاضية؟

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

منذ اللحظة التي ظهر فيها دونالد ترامب في البرج الذي يحمل اسمه وهو يقف على سلم مكسو بالرخام ومزين بالذهب لإعلان ترشيحه لمنصب رئيس الولايات المتحدة، كان يقدم نفسه كرجل أعمال ناجح من المشاهير وقطب في مجال العقارات ما يمكنه من إدارة اقتصاد ناجح وقوي.

أمس الأحد، تم إزالة هذا القناع، بعد أن نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تحقيق ضخم حول ضرائبه، يكشف أن الملياردير الذي جسد لمذهب المتعة والإسراف في الثمانينيات، يخسر أموالًا أكثر مما يكسب.

وتركز الصحيفة على ثلاث نقاط رئيسية وهي أن “ترامب ليس جيدًا في العمل، كما أنه بارع جدًا في تجنب الضرائب، بالإضافة إلى أنه قد يكون لدى ترامب تضارب مصالح خطير مع قوى أجنبية”، لكن هل سيكون لذلك تأثير كبير على فرص إعادة انتخابه؟”.

في عام 2016 الذي فاز فيه ترامب بالرئاسة، دفع 750 دولارا فقط كضريبة دخل، كما حصلت الصحيفة على سجلّات ضرائب ترامب وشركاته خلال عقدين، تظهر أنه لم يدفع أي ضرائب عن عشرة أعوام من الأعوام الـ15 الماضية، “لأنه إلى حد بعيد أعلن خسارة أموال أكثر مما جناه”.

وبحسب “نيويورك تايمز”، كشفت السجلات عن “خسائر مزمنة وسنوات من التهرب الضريبي”.

أخبار كاذبة

لكن ترامب نفى ما ورد في تقرير الصحيفة ووصفها بـ”أخبار كاذبة”، قائلا: “في الواقع لقد دفعت، لكنكم سترون ذلك بمجرد إنهاء إقراراتي الضريبية.. إنها قيد الفحص منذ فترة طويلة”.

وأضاف: “(دائرة الإيرادات الداخلية) لا تعاملني جيدا.. إنهم يعاملونني على نحو سيئ للغاية. هناك أشخاص في دائرة الإيرادات الداخلية يعاملونني على نحو سيئ للغاية”.

لكن الصحيفة قالت إنها اطلعت على إقرارات ضريبية خاصة بترامب والشركات التي تملكها مجموعته “ترامب أورغانيزايشن”، عن فترة تمتد حتى التسعينيات، بالإضافة إلى كشوف الضرائب الخاصة به لعامي 2016 و2017.

وأوضحت أن تقاريره المقدمة إلى دائرة الإيرادات الداخلية “تصوّر رجل أعمال يحصل على مئات الملايين من الدولارات سنويا وعلى الرغم من هذا يعاني من خسائر مزمنة يوظفها بقوة لتفادي دفع ضرائب”.

وفي سجل عام لعام 2018، صرّح الرئيس ترامب بأنه حقق أرباحا بقيمة 434.9 مليون دولار على الأقل، وتجادل الصحيفة حول هذا الأمر زاعمة أن الإقرارات الضريبية تظهر أنه خسر 47.4 مليون دولار، لكن مجموعته “ترامب أورغانيزايشن”، رفضت بدورها المزاعم التي نشرتها الصحيفة.


تهرب ضريبي

يشير معدو التقرير روس بوتنر وسوزان كريغ ومايك ماكنتاير، إلى أن معظم” شركات ترامب الكبرى، مثل ملاعب الغولف والفنادق، تبلغ عن خسائر بالملايين، إن لم يكن عشرات الملايين، عاماً بعد عام، وأضافوا “هذه المعادلة عنصر مهم في إدارة أموال ترامب: استخدام أرباح شهرته لشراء ودعم أعمال تنطوي على مخاطر، ثم إشهار خسائرها لتفادي الضرائب”.

ويحمل التقرير ترامب مسؤولية قروض تتجاوز قيمتها 300 مليون دولار، يستوجب تسديدها في الأعوام الأربعة القادمة، كما لفت إلى أن بعض شركات ترامب تلقّت أموالاً من جماعات ضغط ومسؤولين أجانب وآخرين يسعون لنيل مقابلة شخصية أو تصريح أو خدمة من الرئيس.

واستخدمت الصحيفة سجلات الضرائب لمعرفة مقدار الدخل الذي يحققه الرئيس من شركاته في الخارج، زاعمة أنه حقق إيرادات قدرها 73 مليون دولار من الخارج، في أول عامين له في البيت الأبيض، وجاء جزء كبير من ذلك من ملاعب الغولف، التي يمتلكها في أيرلندا واسكتلندا.

 لكن الصحيفة تقول إن منظمة ترامب تلقت أيضا أموالا “من صفقات ترخيص في بلدان يحكمها قادة ذوو ميول استبدادية أو بلدان ذات جغرافيا سياسية شائكة، وأشارت إلى أن صفقات الترخيص جلبت 3 ملايين دولار من الفلبين، و2.3 مليون دولار من الهند، ومليون دولار من تركيا.

وفي عام 2018 حقق ترامب 427.4 مليون دولار من عوائد برنامج “المبتدئ” The Apprentice التلفزيوني الأمريكي، وكذلك من صفقات علامات تجارية حيث تدفع منظمات مقابل استخدام اسمه، كما حقق 176.5 مليون دولار من خلال الاستثمار في مبنيين يضمان مكاتب في ذلك العام، بحسب “نيويورك تايمز”.

ووفق الصحيفة، لم يدفع الرئيس أي ضرائب تقريبا عن هذه الإيرادات، لأنه ذكر أن أعماله تكبدت خسائر كبيرة، ولفتت إلى أنه يستفيد من قانون للضرائب، يُمكّن أصحاب الأعمال من “ترحيل الخسائر المتبقية لتقليل الضرائب في السنوات المقبلة”.

 على سبيل المثال، فإن أكبر منتجع للغولف يملكه ترامب بالقرب من ميامي “ترامب ناشيونال دورال” تكبد خسائر بلغت 162.3 مليون دولار، في عام 2018، وفقا لـ”الصحيفة”.

كما تكبد ملعبا الغولف التابعين له في اسكتلندا وفي أيرلندا خسائر مجتمعة، قدرها 63.3 مليون دولار، كما يُزعم “الرئيس”.

وواجه ترامب دعاوى قضائية بعدما رفض الكشف عن وثائق متعلقة بثروته وأعماله، وهو أول رئيس منذ السبعينيات لا يكشف عن إقراراته الضريبية، على الرغم من أن القانون لا يلزمه بذلك.

حقائق غير دقيقة

وعلق آلان غارتن كبير المسؤولين القانونيين في مجموعة ترامب، على تقرير “نيويورك تايمز”، قائلاً: “معظم، إن لم تكن جميع، الحقائق تبدو غير دقيقة، فخلال العقد الماضي، دفع ترامب عشرات الملايين من الدولارات كضرائب شخصية للحكومة الفيدرالية، بما فيها ضرائب خاصة بالملايين منذ إعلان ترشحه في 2015”.

لكن خواكين كاسترو، عضو الكونجرس الديمقراطي من تكساس، قال إن التقرير يكشف ما يشتبه فيه الكثير من الناس، وهي النقطة الأكبر في أن دونالد ترامب مخادع، وأنه ليس كما يدعي أنه أنه رجل أعمال ناجح وصاحب صفقات بنى نفسه من الأرض وتكشف سجلاته الضريبية أنه عكس ذلك في الواقع، إنه في الأساس مرهق لا يدفع الكثير من الضرائب”.

غردت إليزابيث وارين، السناتور الديمقراطي: “إنه يعرف أكثر من أي شخص آخر أن هناك مجموعة واحدة من القواعد للشركات الثرية والعملاقة ومجموعة أخرى للأمريكيين المجتهدين، وبدلاً من استخدام سلطته لإصلاحها، كان يستغلها في كل مرة”.

ويأتي الكشف عن هذه المعلومات قبل شهر بقليل من استعداد الولايات المتحدة للتصويت في انتخابات رئاسية جديدة، وقبل أيام من أول مناظرة بينه ومنافسه الديمقراطي في انتخابات الرئاسة المقبلة، جو بايدن، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن ترامب في خطر الخسارة أمام بايدن.

ويتساءل البعض هل سيؤثر تقرير “نيويورك تايمز” على فرصة فوزه بالانتخابات الرئاسية في انتخابات نوفمبر ضد جو بايدن ، يقول الخبراء أن هذه ليست أول ضربات موجعة لترامب، ففي أكتوبر 2016 سُمع ترامب في تسجيل صوتي وهو يتفاخر بشأن الاعتداء الجنسي.

ومن الجدير أيضًا أن نتذكر ما حدث في المناظرة الرئاسية الأولى ضد هيلاري كلينتون، حيث أشار المرشح الديمقراطي إلى أنه ربما لم يكن ترامب يفرج عن إقراراته الضريبية لأنه لم يدفع شيئًا من الضرائب الفيدرالية.

يقول الكاتب مايكل كوهين، في مقال نشرت صحيفة “الجارديان”، “وحده الأحمق من يستبعد ترامب” من الفوز في انتخابات الرئاسة المقبلة، محذرا من التسرع في الحكم على ترامب بالهزيمة، وإن كان تلقى ضربات موجعة.

يقول الكاتب إن الرئيس المنتهية ولايته يُقبل على الانتخابات المقبلة بشعبية منهارة لدى الأمريكيين، وموقع سيء في استطلاعات الرأي، وليس هناك أي مؤشر على أن هذه الصورة ستتغير في الأسابيع القليلة المقبلة.

لكن واقع فترة ترامب هو أن الأمريكيين لا يحبونه، فشعبيته لم تتجاوز 50 بالمئة منذ انتخابه، كما لم يتفوق على جو بايدن في استطلاعات الرأي منذ خريف 2019، وربما يتوقع البعض، أن تعامل ترامب مع وباء كورونا، وتسجيل اعترافه بالكذب بشأن خطورة المرض سيجعل الرئيس الأمريكي يفقد رصيده الشعبي، بحسب “الكاتب”.

لكن الواقع أن شعبيته عند الناخبين الأمريكيين لا تزال مستقرة بين 42 و43 في المئة على الرغم من كل التطورات والأحداث التي مرت بها أمريكا والعالم بما فيها انتشار كورونا، ولقد قال ترامب مازحا ذات مرة إن بوسعه أن يطلق النار على شخص في نيويورك دون أن يخسر شعبيته.

ربما يعجبك أيضا