كواليس حوار “بوتين” قبل الزيارة التاريخية.. مشروعات واعدة ومواقف حاسمة

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

قبيل زيارته المرتقبة إلى المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، تناول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حوار مطول مشترك لقنوات “روسيا اليوم والعربية وسكاي نيوز”، صباح اليوم الأحد، بمدينة سوتشي، العديد من القضايا الدولية، شملت العلاقات بين الرياض وموسكو، والاعتداء الإرهابي الأخير على منشآت أرامكو النفطية وتأثيره على مستقبل أسواق الطاقة.

وشملت محاور اللقاء أيضًا الحديث عن شراكة روسيا الاستراتيجية مع الإمارات العربية المتحدة، وعن نظرة موسكو إليها كأحد الشركاء الواعدين والقريبين.

إضافة إلى ذلك تناول اللقاء، التوترات الإقليمية المتصاعدة، ودور إيران التخريبي في المنطقة وسباق التسلح.

بوتين: السعودية صديقة لنا ولها دور حيوي في حل الأزمات الإقليمية

وسط توترات إقليمية متصاعدة، وفي زيارة هي الأقوى منذ 12 عاما، من المقرر أن يصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المملكة العربية السعودية، غدًا الإثنين، للقاء العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتوقيع عدد من الاتفاقيات، إضافة إلى التطرق “للتعاون بين البلدين في مجالات الطاقة والزراعة والصناعة والتعاون العسكري”.

وقبيل هذه الزيارة المرتقبة تناول بوتين في حديثه مع “روسيا اليوم” العلاقات بين الرياض وموسكو، مشيدًا بالعلاقات التاريخية الممتدة، وسعيه لتطويرها، ومؤكدًا على أن المملكة تلعب دورًا حيويًا في حل الأزمات الإقليمية، منوهًا بدورها الإيجابي في الملف السوري.

وخلال الحوار قال بوتين إنه يولي زيارته إلى السعودية أهمية كبيرة -وهي بمعنى الرد للزيارة التي قام بها الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى بلاده- كاشفًا أن العلاقات بينهما قد شهدت خلال السنوات الأخيرة تغيرًا جذريًا “نحن ننظر للسعودية كدولة صديقة لنا، فقد نشأت علاقة طيبة بيني وبين الملك وولي العهد، وعلاقاتنا تتطور عمليًا في الاتجاهات كافة”.

وفضل الرئيس الروسي، أن يبدأ حواره عن علاقة دولته بالمملكة من خلال الجانب الاقتصادي قائلًا: “سأبدأ من الاقتصاد حيث لا يزال أمامنا الكثير مما يجب القيام به، ولكن الوتيرة جيدة، ففي العام الماضي بلغت قيمة النمو 15%، فيما ارتفعت خلال النصف الأول من العام الجاري إلى 38%”.

وتابع: “أما هذا العام، فقد ارتفع النمو منذ بدايته إلى 28%، ونحن ندرس مشاريع مشتركة، فقد أسس صندوق استثماراتنا المباشرة وصندوق الاستثمارات العامة بالسعودية قاعدة مشتركة بـ10 مليارات دولار، وضع مليارين منها قيد الاستثمار، والعمل مستمر في مشاريع أخرى”.

وأضاف: “إحدى شركاتنا، وهي سايبر هولدينغ، تدرس إمكانية بناء مجمع بترو كيمائي في السعودية بحجم استثماري يبلغ أكثر من مليار دولار”.

وعن الجانب العسكري، قال بوتين: “هناك مجال حساس يجري فيه التعاون بين الرياض وموسكو وهو التعاون العسكري التقني”، مشيرًا إلى أن “التفاوض لا يزال مستمرًا.

بوتين: ندين هجوم أرامكو بصرف النظر عن الجهة المنفذة

وحول الموقف الروسي من استهداف محطة أرامكو النفطية السعودية، جدد بوتين إدانته للحادث الإرهابي، مشيرًا إلى عدم دراية روسيا بشأن الجهة التي تقف خلف الهجوم.

وقال بوتين في هذا الصدد: “لقد قلت للتو، وأريد أن أكرر بغض النظر عن من يقف وراء هذا الحادث فإننا ندين هذا النوع من الأعمال”، مؤكدًا على “أن موسكو تشعر بتهديد إزاء التوسع المستمر لحلف شمال الأطلسي، مشيرًا إلى اقتراب الحلف العسكري من البنية التحتية للحدود الروسية”.

وفي هذا السياق أكد بوتين على أن أسواق النفط تأثرت لمدة أسبوع بشكل ملحوظ بعد الحادث الإرهابي، ثم عادت مرة أخرى إلى سابق عهدها؛ لأن العوامل الأساسية التي تشكل السوق لن تسمح للسعر بالقفز للأسفل أو للأعلى.

وأضاف بوتين: “أنه على تواصل مع قيادة المملكة العربية السعودية بمن في ذلك ولي العهد، الذي ناقشت مع الحادث وأخبرته أنه من الضروري الحصول على أدلة وتحديد المذنبين”، مؤكدًا على أنه هناك من يقف وراء هذا العمل من حيث المبدأ.

كما أشار بوتين إلى أن الرئيس الإيراني حسن روحاني أبلغه بأن لا علاقة لبلاده بالهجوم على “أرامكو”.

وحول ما إذا كانت موسكو ستعاقب طهران إذا أثبتت التحقيقات تورطها في تلك الهجمات قال بوتين: “بغض النظر عمن يقف وراء هذا الحادث فإننا ندين هذا النوع من الأعمال، هذا هو بالضبط ما قلته، لا يمكن أن يكون هناك تفسير مزدوج”.

مشروع واعد لشركة روسية في السعودية

وبالحديث عن الاستثمارات الروسية السعودية، تناول بوتين خلال اللقاء أيضًا، الإعلان عن شركة “سيبور- هولدنغ” الروسية، التي  تدرس إمكانية بناء مجمع بتروكيميائي في السعودية باستثمار يبلغ أكثر من مليار دولار.

وأشار بوتين إلى أنه تم إنشاء منصة استثمارية مشتركة بـ10 مليارات دولار لتمويل مشاريع مشتركة، وتم وضع ملياران منها قيد الاستثمار، لافتا إلى “سيبور- هولدنغ”، التي تعد الأضخم في المجال البتروكيميائي، تدرس إمكانية بناء مجمع بتروكيميائي في السعودية.

بوتين: دور الإمارات يعزز الاستقرار في الشرق الأوسط

وبالانتقال إلى العلاقات الروسية الإماراتية، قال الرئيس الروسي: إن دولة الإمارات العربية المتحدة تلعب دورًا أساسيًا في تعزيز الاستقرار في الشرق الأوسط، مؤكدًا على أنها تسهم بهذا الدور في حل أزمات المنطقة ككل.

وحول العلاقات الروسية الإماراتية، تحدث بوتين عن توقيع إعلان الشراكة الاستراتيجية مع الإمارات في العام الماضي، قائلًا: “نحن ننظر إلى الإمارات كأحد شركائنا الواعدين والقريبين جدًا”، مضيفًا: “توقيع وثيقة الشراكة الاستراتيجية يعكس طابع العلاقات بين الإمارات وروسيا الاتحادية”، مشيرًا إلى أن الشراكة تتطور مثلما يحدث مع السعودية في جميع الاتجاهات.

وتابع بوتين: “بالنظر إلى منطقة الخليج، نجد أن التبادل التجاري يبلغ مليارا و700 مليون دولار، لكنه طبعًا غير كاف، وهذا ما ندركه تمامًا”، مضيفًا: “نعمل مع الصندوق السيادي لدولة الإمارات، حيث تبلغ القاعدة المشتركة نحو 7 مليارات دولار تم استثمار مليارين منها في بعض المشاريع ويجري عمل حثيث على مشاريع أخرى”.

وأضاف: “لن أكشف سرًا كبيرًا إذا قلت إننا على اتصال دائم مع قيادة دولة الإمارات، بل ونشأت لدينا تقاليد وممارسات معينة، فلدينا إمكانية ضبط ساعة نشاطنا على توقيت واحد في اتجاهات وقضايا مختلفة ونقوم بذلك لما له فائدة كبيرة للمنطقة بأسرها”.

بوتين: دستور سوريا الجديد لابد أن يكفل حقوق كل الطوائف

وبالحديث عن الوضع في سوريا، قال بوتين إنه يجب أن يضمن أي دستور جديد لسوريا حقوق كل العرقيات والطوائف الدينية، مضيفًا أن السوريين “يتعاملون بإيجابية” مع أفراد الجيش والشرطة العسكرية الروس الموجودين في بلادهم.

وأشار بوتين إلى أن أغلب أفراد الشرطة العسكرية في سوريا مسلمون من منطقة شمال القوقاز.

وأضاف بوتين أن “روسيا تقوم بعمل إيجابي في سوريا، وسط تحالف ثلاثي (تركيا وإيران وروسيا)، لكن لولا دعم السعودية، لكان الأمر مستحيلاً تمامًا، والجميع يدرك ذلك”.

وتابع: “من دون مساهمة العربية السعودية في عمليات التسوية في سوريا، ما كان بالإمكان مطلقًا، كما يبدو لي، التوصل إلى توجه إيجابي في التسوية”، مضيفًا: “على الرغم من التناقضات الحادة، فهناك ما يجعلنا نتوحد ونتكاتف جميعًا لتحقيق الهدف المشترك”.

واستطرد قائلًا: “لم يكن بوسعنا السماح ببدء تسلل المسلحين من هناك إلى الأراضي الروسية، لقد خَبِرنا ذلك جيدًا، ونعرف ما قد يؤدي إليه.. شكَّلت تلك الأمور دوافع حفزتنا على اتخاذ قرار بإسداء العون للسلطات الشرعية هناك”.

بوتين عن فلسطين: ندعم أي صفقة تؤدي إلى السلام

وعن الشأن الفلسطيني، كشف الرئيس الروسي، أن الموقف المبدئي والثابت لروسيا، يتمثل في ضرورة الالتزام بصرامة بكل قرارات الأمم المتحدة.

أما فيما يخص “صفقة القرن”، قال بوتين: “نحن ندعم أي صفقة تؤدي إلى السلام، ولكن علينا أن نفهم ماهيتها، فتفاصيل هذه المقترحات ضمن ما يسمى بصفقة القرن لا تزال مبهمة”.

وتابع: “نحن ننطلق من ضرورة تنفيذ خطة “حلّ الدولتين” وإقامة الدولة الفلسطينية، ونعتبر أن العامل المهم في ذلك سيكون إعادة الوحدة الفلسطينية، لأن التحدث من مواقف مختلفة يضعف الموقف الفلسطيني العام”.

واختتم بوتين: “القضية الفلسطينية تهمنا جدًا؛ لأننا نعتبر أن حل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني بمثابة مفتاح لحل الكثير من مشاكل المنطقة، وهذا النزاع، وإلى حين حله، يعتبر مصدرًا للإرهاب”.

ربما يعجبك أيضا