كواليس صادمة.. قطارات مصر ليست في أيد أمينة

إبراهيم جابر

رؤية – إبراهيم جابر:

القاهرة – كشفت النيابة العامة المصرية كواليس صادمة حول أسباب حادث قطار محطة مصر، والذي وقع في 27 فبراير الماضي، وأسفر عن وفاة 21 شخصًا وإصابة 52 آخرين، إضافة إلى عدد من حوادث القطارات التي تتكرر باستمرار على مدار السنوات السابقة، مشددة على أن سلوك بعض العاملين بالهيئة من سائقين وعمال مناورة وإشارات وصيانة يتسم بعدم الاكتراث لخطورة التعامل مع القاطرات.

وقرر المحامي العام لنيابة شمال القاهرة، إحالة 14 متهما في الحادث، إلى المحاكمة الجنائية العاجلة، أبرزهم سائقا الجرار رقم 2305، المتسبب في الحادث.

“أسباب الكوارث”

تحقيقات النيابة، بينت أن سلوك العاملين في الهيئة ممن اتصل بالواقعة انطوى على مخالفة للتعليمات والتي اعتبرها المشرع جرائم جنائية يعاقب عليها القانون، مؤكدة أن أسباب الحادث والحوادث الأخرى ترتكز في الأساس إلي سلوك بعض العاملين بهيئة سكك حديد مصر والذي اتسم بالإهمال الشديد وعدم الالتزام بالتعليمات وعدم الاكتراث لخطورة التعامل مع القاطرات، فضلًا عن عدم قيام العاملين بالخدمات المساعدة التشغيل القطارات بأداء مهامهم بالتحايل عليها بغية اختصار ساعات العمل وتغطية عدم حضور بعضهم.

وذكرت التحقيقات، أن السائقين يتعمدون تعطيل جهاز “ATC” المتحكم في تشغيل فرامل القطار لتحديد السرعة المناسبة للقطار التزامًا بإشارات السكة، فضلا عن عبث بعض العاملين “غير المؤهلين” في الهيئة بالعبث في لوحة إلكترونية تسمى “لوحة الريديهات”، تتحكم إلكترونيا في حركة تحويل مسار القطارات بالمخالفة للتعليمات التي تمنع غير المؤهلين والمتخصصين من التعامل معها، ما تسبب  في بعض الحالات إلي وقوع حوادث القطارات، بحسب “النيابة”.

واتهمت النيابة السائقين بالعبث بفراع العاكس، ما يجعل القطار حر الحركة بنزع ما يسمى (الجزرة) من موضعها، وهو ما يترتب عليه إمكانية تحرك القطار بدون قائده، كما حدث في القطار المتسبب في الحادث، مشيرة إلى أن السائقين يقومون بالعبث أيضا بوسيلة أمان أخرى بالقاهرة تسمى (بدال رجل السائق الميت)، والتي تؤدي إلى تلاشي الحوادث في حالة وفاة السائق أو فقدانه للوعي، بسبب الإزعاج الذي تسببه.

وأشارت إلى عدم التزام عمال المناورة والمساعدين للسائق بالتواجد في أماكنهم المحددة بالقطار خلال حادثة محطة مصر، علاوة على قيام قائدي القطارات بالتحرك بالقطار رغم وجود عيوب ميكانيكية في بعض أجهزته تمنع -وفقًا للتعليمات- التحرك بالقطار.

ولفتت التحقيقات إلى أن عدم أداء صيانة القطارات وفقًا للأصول الفنية كما أفاد بعض العاملين، وأنه أحيانًا لا تتم صيانتها رغم صدور تقرير فني بتمام الصيانة فضلًا عن استخدام قطع غيار ليست بكفاءة القطع الأصلية، وأن تغيب العاملين واعتمادهم على زملائهم والمشرفين عليهم بالتوقيع عنهم وتغطية غيابهم عن العمل.

وأوضحت أن سلوك العاملين سالفي البيان يظهر تفشي الإهمال في أداء العمل يستند في الأصل إلي تهاون المسئولين في معاقبة المقصرين والمخالفين، منوهة إلى إهمال العاملين ببرج إشارات المراقبة بالمحطة في متابعة استخدام “إبرة السقوط التي تعد من أهم وسائل الأمان”.

“توصيات النيابة”

وأوصت النيابة بالارتقاء بمستوي فكر ووعي العاملين بهيئة سكك الحديد مصر، من خلال منظومة للتدريب يكون من شأنها رفع كفاءة العاملين بالهيئة وإعادة تأهيلهم، موضحة أن العاملين بالهيئة يقومون بتدريب أنفسهم ما يترتب عليه رسوخ فكرة الإهمال واللامبالاة التي تعد سنة لسلوك معظم من شملتهم التحقيقات.

وطالبت بوجود معهد تأهيل وإعداد من يقومون بالقيادة للحصول علي مؤهل في هذا المجال، بحيث لا يسمح بقيادة تلك القطارات إلا لمن حصل على هذا المؤهل واجتاز اختبار القدرة والكفاءة على القيادة، فضلا عن ضرورة أن يكون هناك ترخيص لكل قائد قطار يجدد سنويًا بعد تقييم أدائه بمعرفة لجنة عليا متخصصة، وفي الوقت الحالي يتعين تفعيل دور معهد السكة الحديد بمنطقة وردان بالجيزة ورفع وتطوير إمكاناته اللوجستية.

ودعت النيابة إلى تطوير منظومة تأمين حركة القطارات وآليات التحكم وتشغيلها اليكترونيًا بما يتفق والمعايير القياسية العالمية والإقلال قدر الإمكان من تدخل العنصر البشري فيها، من خلال إحلال وتجديد عناصر البنية التحتية لهيئة سكك حديد مصر ودعمها بالحراسة اللازمة وكاميرات المراقبة لمنع العبث بالأجهزة المركبة في الأماكن غير المأهولة أو سرقتها فضلا عن تزويد القطارات بكاميرات المراقبة لحسن انضباط العمل بها.

وشددت على ضرورة وضع منظومة الجزاءات تغلظ العقوبات على الإهمال وعدم اتباع التعليمات، فضلا عن وجوب وجوب إنشاء هيئة تفتيش على سلامة وسائل النقل تتمتع باستقلال عن هيئة سكك حديد مصر ماليًا وإداريا.

ربما يعجبك أيضا