كوريا الشمالية تُخفي حرب بوتين وتعلن التعئبة.. ما الحقيقة؟

رنا أسامة

زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون أخفى الحرب الروسية الأوكرانية عن شعبه وأعلن التعبئة استعدادًا لحرب عالمية ثالثة.. ما صحة ذلك؟


أفادت تقارير بأن كوريا الشمالية، الحليف القوي لروسيا، تكتّمت أيامًا على نبأ الحرب الروسية الأوكرانية، وأمرت الجيش والمواطنين بالاستعداد لحرب عالمية ثالثة مُحتملة جراء الأزمة، وسط تدهور في العلاقات بين موسكو والغرب.

وفي حين تنص المادة 67 من دستور كوريا الشمالية على حرية الصحافة، تفرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام وحتى وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر عناوين وكالة الأنباء المركزية الكورية المشهد، مُعتمدة على تصريحات القيادة السياسية وأنشطتها.

الدولة الأكثر انغلاقًا في العالم

تصف منظمة مراسلون بلا حدود كوريا الشمالية بأنها الدولة الأكثر انغلاقًا في العالم، في ظل الرقابة الصارمة التي تفرضها على مصادر حصول مواطنيها على المعلومات داخل بيونجيانج وخارجها.

واحتلت المرتبة الأخيرة في مؤشر حرية الصحافة  لعام 2020، الذي يقيس مستوى حرية الصحافة في البلدان والمناطق لــ180 دولة سنويًا منذ عام 2002.

غزو أوكرانيا.. كيف تابعه الإعلام الرسمي لكوريا الشمالية؟

حلّلت “شبكة رؤية الإخبارية” مضمون وكالة الأنباء المركزية لكوريا الشمالية في نسختها الإنجليزية، يوم الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي، ووجدت أن الوكالة نشرت 14 خبرًا محليًا، لم يذكر أيًا منهم العملية العسكرية الروسية.

أخبار 24 فبراير 2022 على الوكالة المركزية الكورية الشمالية أخبار 24 فبراير 2022

وبعد 48 ساعة من حرب بوتين نشرت الوكالة بيانًا لخارجية بيونجيانج يُحمّل واشنطن مسؤولية الحرب في أوكرانيا، وأرجع البيان الذي وقّعه ري جي سونج، باحث في جمعية دراسات السياسة الدولية بكوريا الشمالية، أن “السبب العميق للأزمة الأوكرانية يكمن في استبداد وتعسف أمريكا”، مُتهمًا إيّاها بتبني “معايير مزدوجة” حيال بقية العالم، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول باسم “السلام والاستقرار”.

بيان خارجية كوريا الشمالية في 26 فبراير 2022

إخفاء الحرب لأيام

3

قالت إذاعة روسيا الحرة (آر إف إيه)، في تقرير نشرته في 1 مارس الجاري، إن السلطات الكورية الشمالية تكتّمت أيامًا على الغزو الروسي لأوكرانيا، مُشيرة إلى أنها أبلغت أولًا أعضاء حزب العمال الكوري الحاكم في اجتماعات خاصة، حسبما نقلت عن مسؤولين حكوميين في بيونجيانج لم تكشف هويّتهم.

في 27 فبراير، صرّح مسؤول من مقاطعة بيونجان الشمالية الغربية لإذاعة روسيا الحرة، في (26 فبراير 2022)، بأن كل لجنة حزبية إقليمية بالمقاطعة أبلغت خلال اجتماع أسبوعي سري جميع أعضاء الحزب بأن (حليفنا القوي روسيا في حالة حرب)”، مُطالبة “بالاستعداد للتعبئة في أي وقت”.

ما سبب التكتّم؟

بوتين وكيم

بحسب التقرير، لم تُفاجئ الحرب الروسية الأوكرانية الحزب الحاكم في بيونجيانج، لكنها أثارت تساؤلات حول سبب تكتّم السلطات، قال المصدر: “أعضاء الحزب كانوا يعرفون من معارفهم الصينيين أن الحرب بدأت، لكنهم كانوا مهتمين بمعرفة أسبابها”.

تعد موسكو، إلى جانب بكين، أحد حلفاء بيونجيانج القلائل، وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين روسيا وكوريا الشمالية في عام 1948، وكان الاتحاد السوفيتي (الذي سبق الاتحاد الروسي)، أول دولة تعترف بكوريا الشمالية في 12 أكتوبر عام 1948.

كيف استقبلها مواطنو بيونجيانج؟

بعد إعلام أعضاء الحزب الكوري الشمالي بمقاطعة شمال هامجيونج الشمالية الشرقية، بدأ الخبر ينتشر بسرعة بين المواطنين، قال أحد سكان المقاطعة لإذاعة آسيا الحرة: “لم يُعلمونا فقط أن روسيا في حالة حرب، بل أمرونا أيضًا بالاستعداد لخوض حرب تحت أي ظرف”، مكملًا: “أظهر كوريين شماليين رد فعل حماسي، أملًا في اندلاع حرب، كي ينتهي هذا النظام المثير للاشمئزاز الذي نعيش فيه”، على حد قوله.

وفق تقرير سابق نشره مركز ويلسون للأبحاث بواشنطن، عزز الاتحاد السوفيتي قدرة كوريا الشمالية لشن حرب في الشهور والأيام وحتى الساعات التي سبقت غزو جارتها الجنوبية في 25 يونيو عام 1950، بتقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية لدولة كيم إيل سونج الوليدة، وفي 2019، جرى عقد أول قمة روسية- كورية شمالية بدعوة من بوتين.

ما تداعياتها على شبه الجزيرة الكورية؟

وفق مجلة ذا ديبلومات الأمريكية، من المرجّح أن تواصل سباق التسلح في شبه الجزيرة الكورية، مع استمرار الكوريتين في بناء أسلحة متطورة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، متوقعةً أن تُجري بيونجيانج مزيدًا من عمليات إطلاق أقمار صناعية في الأسابيع المقبلة، في وقت يتركز فيه اهتمام الولايات المتحدة على أوروبا الشرقية.

وأضافت ي تقرير نشرته أمس (الجمعة): “إذا أجرت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تدريبات عسكرية مشتركة في مارس أو أبريل كما المخطط، قد تختبر بيونجيانج نسخة مُحسنة من صاروخ هواسونج -15 الباليستي العابر للقارات كإجراء مضاد”، مُتوقعة زيادة الاختبارات الصاروخية الباليستية عابرة القارات بعد تولي الرئيس الكوري الجنوبي الجديد منصبه في مايو المقبل.

بناء أسلحة نووية

نظرًا لإخفاق واشنطن في منع الغزو الروسي لأوكرانيا، قد تواجه حكومة كوريا الجنوبية المستقبلية مطالبات شعبية لبناء أسلحة نووية في البلاد دفاعًا عن النفس، رغم تأكيد واشنطن التزامها بحماية سول في حال هاجمتها بيونجيانج، بحسب المجلة.

وعارضت حكومة الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، تطوير أسلحة نووية لسببين رئيسيين. أولهما أنها قد تمنح بيونجيانج ذريعة لتطوير صواريخ نووية. والثاني أنها قد تُساعد على اعتراف المجتمع الدولي بكوريا الشمالية كدولة نووية شرعية. لكن رجّحت المجلة أن يزداد الدعم الشعبي في سول لتطوير برنامج محلي للأسلحة النووية.

هل ستجازف كوريا الشمالية؟

2

دأبت بيونجيانج لأعوام على التلويح بحرب نووية في وقت تُكثّف فيه اختباراتها الصاروخية. وصفتها صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في تقرير نشرته في عام 2013 بأنها دولة مارقة بإمكانها فعل أي شيء. لكنها استبعدت إقدام كيم جونج أون على ذلك. قالت: “أظهر النظام الكوري الشمالي أنه مُخادع، ومتأنٍ، ومهمووس بالحفاظ على نفسه”، ما يُشير إلى أن “التهديدات فارغة لكنها لا تزال مهمة”.

وأوضحت أن “التلويح بحرب يساعد على حشد مزيد من الكوريين الشماليين خاصة العسكريين خلف كيم الذي فعل الكثير لإفقارهم”، ويُمكّن بيونجيانج من السيطرة على السياسة الإقليمية التي يجب أن تكون معادية للغاية لمصالحها”، المشكلة الكُبرى، بحسب واشنطن بوست، ليست في أن تبدأ كوريا الشمالية حربًا عالمية ثالثة أو حربًا كورية ثانية، بل أن “تهديدات واستفزازت كوريا تزيد خطر نشوب حرب غير مرغوب فيها”.

ربما يعجبك أيضا