كيف استقبلت الجالية الإسلامية بأوروبا شهر رمضان؟

سحر رمزي

رؤيـة – سحر رمزي

أمستردام – تستقبل القارة العجوز الشهر الكريم هذا العام باحتفالات غير مسبوقة، ولعل ذلك يعود إلى الزيادة الكبيرة في أعداد المسلمين بأوروبا، وحسب آخر إحصائية وصل عدد المسلمين في أوروبا إلى ما يقرب من 26 مليون مسلم، حضروا إلى أوروبا يحملون معهم جنسيات وثقافات وعادات وتقاليد مختلفة من موطنهم الأصلي، ويحرصون على اتباع عاداتهم و ثقافتهم الرمضانية كما هي في بلادهم دون تغير أو تعديل، ولكنهم يحرصون على شيء واحد وهو التجمع في شهر رمضان الكريم حول مائدة للإفطار معًا، ولا يهم من أين ولكن الأهم الروحانيات الرمضانية الخاصة بكل منهم، مع احترام ثقافة الآخر في طريقة تقديم الإفطار مهما كانت مختلفة عن طريقة بلاده، بخلاف تقديم  الفن الفلكلوري الشعبي بطرق متعددة تمثل ثقافات لدول مختلفة، ولعل ذلك شكل ثقافة التنوع عند مسلمي أوروبا.

سهرة رمضانية لتشجيع المنتخب المصري مع نظيره البلجيكي 

يشهد رمضان هذا العام وجود مباريات تدريبة أخيرة للمنتخب المصري استعدادا لمباريات كأس العالم والتي ستقام في منتصف يونيو القادم في روسيا، والمباراة التدريبية الأخيرة للمنتخب المصري ستكون مع نظيره البلجيكي في الساعة 8:45 من مساء يوم 6 يونيو القادم والتي ستقام بالعاصمة البلجيكية بروكسل، ومن أجل تشجيع المنتخب المصري قررت المنظمات المصرية بمختلف الدول الأوروبية تنظيم رحلات وسهرة رمضانية خاصة، للذهاب ومتابعة المباراة وتشجيع لاعبي المنتخب، وبشكل خاص “النجم محمد صلاح”.

 وقد حرص المجلس الأعلى للجالية المصرية بهولندا على تنظيم رحلة إلى بروكسل لتشجيع المنتخب المصري، كما أعلن عن تقديم وجبة الإفطار للجميع هدية من مجلس الجالية في حب مصر ولتشجيع المنتخب المصري.
 كما أعلنت منظمات مصرية بمختلف الدول الأوروبية على تنظيم تجمعات للمصريين لمتابعة المنتخب المصري في لقائه مع المنتخب البلجيكي ومباريات كأس العالم.

كيف تحتفل أوروبا بشهر رمضان؟

بالرغم من الإرهاب والعنف والتهديدات الإرهابية، تحرص أوروبا كل الحرص على استمرار احتفالات الجالية الإسلامية بشهر رمضان وبشكل أفضل من الأعوام الماضية.

وفي هولندا حرص بوليس شمال أمستردام قبل بداية الشهر الكريم بأيام على دعوة رؤساء المنظمات الإسلامية والهولندية على الإفطار في مسجد المحسنين بشمال أمستردام، وذلك للمساهمة في إحداث حالة من الاندماج بين الهولنديين والمسلمين، والاثنين مع البوليس وذلك تأكيداً على أن دور البوليس هو العمل علي خلق مناخ مناسب للتعايش السلمي بين الجميع، وكذلك حماية سكان هولندا والتقرب منهم ومعهم، وذلك بخلاف حفل يقام سنويا لأكثر من ألف ونصف مسلم تنظمه الشرطة الهولندية ويحضره كبار رجال الدولة، بخلاف حفلات البلدية ومختلف الهيئات الحكومية، وذلك يتم أيضا تنظيمه في دول أوروبية مختلفة.

 ومن جانبها، حرصت المحلات الأوروبية علي عرض البضائع الرمضانية طوال الشهر الكريم وكتبت عليها عبارة رمضان كريم، و”حلال “على كافة البضائع المعروضة، كما تبدأ الجالية الإسلامية في بعض الدول الأوروبية بالاستعدادات لاستقبال الشهر قبل أيام من بدايته بتعليق الزينات على واجهات المساجد والمراكز التجارية العربية، والإسلامية.

الهولنديون حريصون على رمضان

هناك مراكز البيع الهولندية الكبيرة، تحرص طوال الشهر الكريم على توفير السلع الرمضانية مثل التمر والمكسرات وغيره، في ركن خاص يكتب عليه رمضان كريم، والجدير بالذكر أن المؤسسات الهولندية تحرص على تنظيم حفل إفطار رمضاني للجالية المسلمة، وبحضور هولندي كبير، وذلك بهدف الاندماج وأيضا للتعرف على الطقوس الرمضانية والثقافة العربية والإسلامية لكل دولة في هذا اليوم.

 كما تحرص المنظمات والمؤسسات الإسلامية والمصرية على اقامت حفلات طوال الشهر تشمل كافة الطقوس الدينية الرمضانية وأيضا كلمة عن رمضان توضح وسطية وسماحة الإسلام.

وكذلك المساجد بإعداد برامج مختلفة للإفطار على اعتبار أن الموائد الرمضانية تعدُّ واحدة من العادات التي لا غنى عنها في الكثير من المدن الهولندية، وتقام في مراكز المدن الكبرى، مثل أمستردام وروتردام ولاهاي وغيرهم، وتستضيف الهولنديين كذلك بجانب المسلمين وتقام في حدائق المساجد، أو في الميادين القريبة منها، ويغتنمون بهذه الطريقة �فرصة لتعريف الهولنديين بالدين الإسلامي وعبادة الصوم، لا سيما أن هولندا تعد واحدة من الدول الأطول في مدة الصوم، وأحيانًا تتجاوز صلاة التراويح منتصف الليل خاصة والصوم يومياً ما يقرب من ثماني عشرة ساعة.

قد لا تكون شوارع العاصمة الهولندية أمستردام توحي بحلول شهر رمضان كون حياة الناس فيه تختلف في نهار رمضان عكس البلدان الإسلامية، ولكن الجاليات المسلمة المقيمة هناك تبذل ما في وسعها لتعيش الشهر المبارك بكل ما يجسده على المستويين الديني والثقافي وخاصة التقاليد الغذائية فإن الأسواق والمحال التي تهتم بمتطلبات الشهر المبارك يرتادها المسلمون هناك، ويسود جو يذكر الجاليات بأوطانها من خلال التجمعات الكبيرة.

الغذاء الحلال

وهناك شركات هولندية تخصصت في مجال تجارة المواد الغذائية المجهزة طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية والتي يطلق عليها “حلال”، وقد تعودت تلك الشركات خلال هذا الشهر من كل عام على تبني حملة دعائية متخصصة في مجال الغذاء الحلال لأنها تحقق أرباحا طائلة من خلال تلك التجارة.

كذلك جميع أنواع الخبز والحلويات المغربية والتركية والمصرية وأصناف التمور.

ولأن رمضان شهر الإحسان والصدقات، تحرص الجاليات وخاصة العربية والمصرية، ضمن روح الانفتاح، على أن يتعرف المسلمون من باقي الأصول على العادات والتقاليد العربية المختلفة في هذا الشهر الفضيل عبر تنظيم إفطار جماعي.

كما يحرص مسلمو هولندا، خاصة المجاورين للمساجد، على أداء صلاة التراويح، إذ بمجرد رفع الأذان، يتقاطر المواطنون، من جميع الفئات، على المساجد لأداء هذه السنة الرمضانية ويحرص كل مسجد في هولندا على تنظيم برامج موجهة للسكان المحليين حيث يدعى أهالي الحي ورئيس ومديري وموظفي البلدية إلى هذه البرامج التي تقوم بتعريفهم بشهر رمضان والدِّين الإسلامي.

ولا شك يلعب شهر رمضان دورًا كبيرًا في لم شمل المسلمين وتعريفهم ببعضهم البعض وتكوين صداقات وعلاقات اجتماعية صحية تجمع الأشقاء المصريين والعرب داخل المجتمع الهولندي، كما تنشر حالة من الود والتضامن الاجتماعي من خلال الموائد الرمضانية والمشاركة في ممارسة الشعائر الدينية كصلاة التراويح والقيام وغيرها من الطقوس الرمضانية.

وتجمع بين المسلمين هناك على اختلاف جنسياتهم حالة من الود والحميمية وخاصة في صلاة المغرب والتراويح وصلاة القيام والاجتماع في المساجد لتلاوة القرآن الكريم وحضور الدروس والخطب التي تقام قبل المغرب وبعد صلاة العشاء. ‏

ويقبل المسلمون على تناول المشروبات الرمضانية كالتمر الهندي والخروب وغيرها من المشروبات التي يشتهر بها الشهر الكريم في الدول العربية، كما يزداد الإقبال على تناول المأكولات الشرقية وخاصة المصرية.

ساعات الصوم في دول أوروبا طويلة

 يصوم مسلمي السويد والدانمارك عدد ساعات صيام أطول عالميا بينما تشهد دول أخرى مثل الأرجنتين والبرازيل وأستراليا صيام ساعات هي الأقل على مستوى العالم.

حيث يصوم المسلمون في الدانمارك نحو 21 ساعة يوميًا.

وحسب نظام الحساب والخرائط الجغرافية للعالم يصوم مسلمون أيسلندا والسويد والنرويج نحو 20 ساعة يوميا بينما يصوم مسلمو بلجيكا وهولندا نحو 18 ساعة ونصف الساعة يوميا وذلك حسب “بي بي سي”.

ويعني ذلك أن المسلمين في معظم دول أوروبا يصومون ما يقرب من 19 ساعة يوميا ويفطرون نحو خمس ساعات فقط حيث يتأخر موعد الفجر ويتقدم موعد المغرب يوميا.

مسلمو أوروبا في تزايد مستمر

طرح الباحثون في مركز بيو ريسي رش سنتر الأمريكي ثلاثة سيناريوهات لنمو السكان المسلمين في أوروبا حتى عام 2050.

أكد خبراء المركز الأمريكي وجود زيادة سريعة في اعداد المسلمين بأوروبا وخاصة في العامين الماضيين بسبب الهجرة، حيث بلغ عددهم، في منتصف عام 2016، نحو 25.8 مليون نسمة، ما يعادل 4.9% من إجمالي سكان أوروبا.

وأعد العلماء بناء على تلك الإحصاءات وتشمل 3 سيناريوهات حسب ما نشر في “أر تي” الروسية.

ويفيد الأول بأن حصة المسلمين في أوروبا ستزداد حتى 7.9% بحلول عام 2050 وذلك في حال وقف الهجرة فورا وبشكل تام.

ويقول السيناريو الثاني إن تلك الحصة ستزداد وستشكل نسبة 11.2% في حال استمرار الهجرة بوتائر متوسطة.

أما السيناريو الأخير فيفيد بأن حصة المسلمين في أوروبا ستبلغ بحلول عام 2050 نسبة 14%، أي ستزداد 3 أضعاف تقريبا مقارنة بعام 2016 في حال زيادة الهجرة بالوتائر التي سجلت في الفترة ما بين عامي 2014 و2016.
 

ربما يعجبك أيضا