كيف تستخدم روسيا المعلومات المضللة لتقويض النفوذ الأمريكي في إفريقيا؟

إفريقيا أصبحت ساحة مهمة في ظل تنافس موسكو وواشنطن على النفوذ في القارة

آية سيد
كيف تستخدم روسيا المعلومات المضللة لتقويض النفوذ الأمريكي في إفريقيا؟

وكالات الاستخبارات الروسية تنشر معلومات مضللة مفادها أن الأفارقة خضعوا، دون علمهم، لاختبارات في برامج الأبحاث البيولوجية للبنتاجون.


كشف تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، عن أن وكالات الاستخبارات الروسية تحاول تقويض النفوذ الأمريكي في إفريقيا.

ووفق التقرير، المنشور اليوم الخميس 8 فبراير 2024، يُعد هذا جزءًا من حملة روسية لمواجهة نفوذ الولايات المتحدة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، في الوقت الذي تتصارع واشنطن وموسكو لكسب الرأي العام في أنحاء العالم.

«المبادرة الإفريقية»

أفادت الصحيفة، نقلًا عن مسؤولين أمريكيين، أن وكالات الاستخبارات الروسية تنشر معلومات مضللة مفادها أن الأفارقة خضعوا، دون علمهم، لاختبارات في برامج الأبحاث البيولوجية للبنتاجون، وتُشوّه صورة برامج الصحة العامة الغربية.

وتقع في قلب الحملة الروسية “المبادرة الإفريقية”، وهي خدمة إخبارية إلكترونية جرى إنشاؤها أواخر العام الماضي، وتستخدم منصات التواصل الاجتماعي للترويج لانتقادات جهود الصحة العامة الغربية في إفريقيا، وعقدت مؤتمرًا حيث انتقص المشاركون من قدر شركات الأدوية الغربية.

ويبلغ عدد مشتركي قناتي “المبادرة الإفريقية” بالإنجليزية والفرنسية على تليجرام أكثر من 13 ألفًا و14 ألفًا بالترتيب. وشاركت مقالات تدعي أن الجيش الأمريكي ينشئ مختبرات بيولوجية في دول إفريقية لإجراء تجارب على السكان المحليين، وتروج لدعم الحكومة والجيش الروسي أثناء تفشي الأمراض.

استهداف الجنوب العالمي

قال المسؤولون الأمريكيون إن المنظمة تخطط لنشر معلومات مضللة في الأشهر المقبلة على أمل أن يُنظر لها كنتاج لتقارير مستقلة وليس نتيجة لحملة معلوماتية توجهها موسكو. ووفق الصحيفة، تسعى واشنطن لعرقلة تلك الخطط عبر تسليط الضوء على الأنشطة الروسية.

وقال مدير التحقيقات بشركة “أليثيا” للتكنولوجيا، التي تركز على رصد التلاعب على منصات التواصل الاجتماعي، شون إيب: “تعتقد موسكو أن المعلومات المضللة تلقى أصداءً لدى الجماهير في الجنوب العالمي أكثر من الجماهير الغربية. وهذا أيضًا يخدم في دعم مزاعمهم بشأن المختبرات البيولوجية الأمريكية في أوكرانيا، وهو أحد المبررات التي قدمتها روسيا لغزو أوكرانيا”.

كيف تستخدم روسيا المعلومات المضللة لتقويض النفوذ الأمريكي في إفريقيا؟

القمة الروسية الإفريقية

تاريخ طويل

من جهته، قال المبعوث الخاص ومنسق مركز المشاركة العالمية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، جيمس روبن: “تقدم أجهزة الاستخبارات الروسية الدعم المادي والإرشاد للمبادرة الإفريقية”، لافتًا إلى أنهم يردعون الأفارقة عن الوثوق في الجهود الطبية التي قد تنقذ حياتهم.

ولفتت وول ستريت جورنال إلى أن روسيا لديها تاريخ طويل من نشر المعلومات المضللة بشأن القضايا الطبية. وخلال الحرب الباردة، ادعت الاستخبارات السوفيتية (كيه جي بي) أن مختبرات الجيش الأمريكي في فورت ديتريك، بولاية ميريلاند، أطلقت العنان لجائحة الإيدز. ومؤخرًا، صعّدت روسيا حملة لتقويض الثقة في لقاحات كوفيد التي تنتجها الشركات الغربية.

وردًا على ذلك، رفض المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، هذه الادعاءات بوصفها دعاية مناهضة لروسيا. وكتب، في رسالة بريد إلكتروني: “هذه الاتهامات أصبحت معتادة لدى الغرب. لكنها ليست مدعومة بأدلة”.

ساحة للتنافس

تزايدت محاولات موسكو للتلاعب بالمعلومات في الوقت الذي تحاول عرقلة محاولات واشنطن لعزل روسيا في أعقاب غزوها لأوكرانيا منذ عامين تقريبًا. وحسب الصحيفة، أصبحت إفريقيا ساحة مهمة في ظل تنافس موسكو وواشنطن على النفوذ في القارة.

وفي يوليو الماضي، زعم الجنرال الروسي المسؤول عن الوحدات المكلفة بحماية القوات الروسية من الهجمات البيولوجية، والكيميائية، والنووية، إيجور كيريلوف، أن الولايات المتحدة تختبر سرًا مواد بيولوجية على الأفارقة.

ويقول المسؤولون الأمريكيون إن “المبادرة الإفريقية” تُستخدم لتضخيم هذه الرسالة عبر منصات التواصل الاجتماعي، ونشر المقالات في المنشورات المحلية والدولية، وتجنيد الصحفيين والمدونين المحليين، وتأسيس مكاتب في بوركينا فاسو ومالي، الدولتين اللتين أقامتا علاقات وثيقة مع روسيا في السنوات الأخيرة.

مجموعة فاجنر في مالي

مجموعة فاجنر في مالي

ما علاقة فاجنر؟

أشارت وول ستريت جورنال إلى أن بعض موظفي “المبادرة الإفريقية” على صلة بمجموعة فاجنر الروسية، التي لديها عمليات موسعة في القارة الإفريقية، ومنها نشر المرتزقة وتصدير المواد الخام.

وحسب الولايات المتحدة، كان قائد فاجنر الراحل، يفجيني بريجوجن، يدعم الجهود الروسية لنشر المعلومات المضللة. وخضع بريجوجن لعقوبات أمريكية بسبب دوره في تمويل “وكالة أبحاث الإنترنت”، التي كانت جزءًا مما وصفته واشنطن بأنه حملة معلومات مضللة روسية للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016.

ربما يعجبك أيضا