كيف تنتهي أزمة باكستان الدائمة؟

آية سيد
عمران خان

يُعد الحكم المزري في باكستان نتيجة مباشرة لتدخل الجيش.


نشرت مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية تقريرًا عن دور الجيش الباكستاني في إضعاف باكستان وتراجعها.

وذكرت المجلة أن قيادات الجيش لم يسمحوا لعمران خان بإكمال مدته في المنصب، ما ساعد في تحويله من سياسي فاشل إلى بطل شعبوي يشكل تهديدًا على النظام في باكستان، التي تواجه عدة أزمات.

أداء سيء

في التقرير المنشور في 1 يونيو 2023، أشارت “ذي إيكونوميست” إلى أن عمران خان قدم أداءً سيئًا كرئيس للوزراء. وفي فترة توليه المنصب من 2018 حتى 2022، عيّن خان وزراء فاسدين، وحبس خصومه، وطارد الصحافة. وعندما غضب الباكستانيون منه سريعًا، روّج لنظريات المؤامرة المناهضة لأمريكا.

وإذا كانت الأمور في باكستان تسير مثلما يحدث في الأنظمة الديمقراطية، ولو كانت حكومته شاركت في الانتخابات العامة المقررة في وقت لاحق من هذا العام، كان حزبه “حركة الإنصاف الباكستانية” سيتلقى هزيمة قاسية على الأرجح. إلا أن الوضع مختلف تمامًا في باكستان، وفق المجلة البريطانية.

اقرأ أيضًا| «احتجاجات عمران خان» تفجر أزمات باكستان.. هل تسقط في الهاوية؟

دور الجيش

لم يسمح قادة الجيش المتغطرسين، الذين يمتلكون السلطة الحقيقية في باكستان، لرئيس الوزراء بإكمال مدة الـ5 سنوات. وحسب “ذي إيكونوميست”، تسلم خان السلطة بعدما أطاح الجنرالات بسلفه، ثم جرت إقالته العام الماضي بعد تصويت على حجب الثقة، بتدبير من الجيش.

وبالتالي، ساعد الجنرالات في تحويل سياسي فاشل إلى بطل شعبوي، الذي أصبح تحريضه للغوغاء تهديدًا للنظام، في الوقت الذي تواجه باكستان أزمة في ميزان المدفوعات. ورأت المجلة أن ما حدث يُعد مثالًا نموذجيًّا على انعدام كفاءة الرجال الذين يديرون خامس أكثر دولة ازدحامًا بالسكان في العالم، وتعطشهم للسلطة.

اقرأ أيضًا| باكستان تقترب من الإفلاس.. تعثر في سداد الديون وانهيار العملة

تدخل مستمر

وفق المجلة البريطانية، لو كان سُمح لحزب عمران خان بالمنافسة في الانتخابات المقررة هذا العام، ربما كان سيعود إلى السلطة في إسلام آباد. ولهذا تدخل الجيش مرة أخرى، ووجه عدة تهم إلى خان، من التجديف إلى الإرهاب، ووضعه تحت الإقامة الجبرية، ثم شرع في تفكيك حزبه.

وجرى اعتقال الآلاف من نشطاء حزب “حركة الإنصاف الباكستانية” ولجأ معظم قيادات الحزب إلى التنديد بخان. ولفتت المجلة إلى أنه لم يتضح بعد ما إذا كان الجنرالات سيسمحون بإجراء الانتخابات أم لا.

اقرأ أيضًا| القبض على رئيس حزب عمران خان في لاهور الباكستانية

انتهاز الفرص

حسب “ذي إيكونوميست”، يُعد الحكم المزري في باكستان نتيجة مباشرة لتدخل الجيش. والأحزاب السياسية، مثلما يُظهر حزب “حركة الإنصاف الباكستانية” الآن، عبارة عن عصابات من الانتهازيين، لا يوحد أعضائها سوى الرغبة في الاستفادة من أي فرصة للثراء يقدمها لهم الجنرالات.

ولذلك فإن حكومات باكستان، التي تتشكل بأمر من الجيش وتعلم أنها لن تُكمل مدتها على الأرجح، لا يكون لديها حافزًا لاتخاذ قرارات سياسية صارمة. وضربت المجلة مثالًا برفض إدارة شهباز شريف الحالية رفع الضرائب وخفض الدعم الذي يطلبه صندوق النقد الدولي لتقديم حزمة الإنقاذ الـ23 لباكستان.

وأضافت المجلة البريطانية أن المحاكم، التي تُعد أداة لسيطرة الجيش، تتعرض للترهيب في أكثر الأحيان وتعج بجواسيس الجنرالات، والشيء نفسه بالنسبة للإعلام.

تراجع إسلام آباد

أشارت المجلة إلى أن تكلفة الخلل الوظيفي لباكستان لا تُحصى. فباكستان كانت ندًا لمنافستها الهند لفترة طويلة. وفي 1990، كان متوسط دخل الفرد في الدولتين متساوي تقريبًا. لكن الآن، أصبح الهنود أغنى بـ50% من الباكستانيين.

وبينما تتحول الهند سريعًا إلى قوة عالمية، أصبحت باكستان تهديدًا عالميًّا، نتيجة لأزماتها الاقتصادية والبيئية والاجتماعية التي لا يبدو أن الحكومات تستوعبها. هذا لأن باكستان دولة تُحكم بطريقة سيئة، وعنيفة، وغير مستقرة، ومسلحة نوويًّا. وبسبب الغضب الشعبي الذي يؤججه خان، تواجه إسلام آباد الآن خطر الصراع الأهلي.

ما الحل؟

وفق “ذي إيكونوميست”، هذه الفوضى لها حل واحد، وهو خروج الجنرالات من السياسة نهائيًّا. بخلاف ذلك، لن تحظى باكستان بفرصة الحصول على الحكومات الأفضل التي تحتاج إليها وتستحقها.

ولهذا، يجب عقد الانتخابات الباكستانية في موعدها، والسماح لعمران خان وحزبه بالمنافسة فيها. والأمر متروك للناخبين الباكستانيين كي يختاروا من يحكمهم. وأشارت المجلة البريطانية إلى أن الباكستانيين لن يختاروا من هو أسوأ من الجنرالات المتغطرسين، الذين لم يقدموا شيئًا لباكستان سوى إضعافها وإفقارها.

ربما يعجبك أيضا