“ليس لدى الشعب ما يخسره سوى قيوده”.. رسالة ناشط بيئي في إيران

يوسف بنده

رؤية

في فبراير الماضي، توفي كاووس سيد إمامي، الناشط البيئي وأستاذ علم الاجتماع الإيراني – الكندي، في معتلقه بسجن ايفين وقالت السلطة القضائية آنذاك إن سيد إمامي (63 عاما) قد انتحر.

كما كان قد تم إلقاء القبض على عدد من نشطاء البيئة، في نهاية شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، بتهمة التجسس.

وهناك اتهامات للحرس الثوري، بأنه هو من يقف وراء هذه الاعتقالات، بسبب تقارير وأبحاث نشطاء البيئة التي تناولت التداعيات السلبية على الحياة البيئة جراء اختبارات الاستمطار، وتلقيح السحب التي يقوم بها الحرس الثوري بزعم مكافحة الجفاف.

مقتل آخر

وقد كشف عبد الرضا داوري، من المقربين للرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، أمس الإثنين 22 أكتوبر/ تشرين الأول، عن مقتل الخبير الاقتصادي والمحامي والناشط في مجال البيئة، فرشيد هكي.

وكتب عبد الرضا داوري، في صفحته على “تويتر”: “قُتل فرشيد هكي بطريقة فظيعة، وتم تشويه جثته وإحراقها”.

وكان هكي من منتقدي السياسات الاقتصادية في بلاده، كما كان ينشط في حملة بيئية تحت عنوان: “حمايت زاكرس مهربان”.

وحتى الآن لم يعلق القضاء الإيراني على خبر قتل الناشط والخبير البيئي، لكن أحد زملاء هكي قال عبر حساب باسم “مديري”، إن قتل هكي قد يكون بدوافع شخصية أو مرتبطًا بأحد ملفات هكي في مجال المحاماة.

وطالب داوري في رسالة عبر صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي، رئيس نيابة طهران، عباس جعفري دولت آبادي، بالتحقيق الفوري في ملف مقتل هكي التي وصفها بالوحشية، ومعاقبة مرتكبيها.

ونشرت صفحة “بيشتازان عدالت” (رواد العدالة) مقالا لفرشيد هكي يقول فيه: “ليس لدى الشعب الإيراني ما يخسره، باستثناء قيوده”.

كما جاء في المقال: “تعتبر الإضرابات والاحتجاجات النقابية أمثلة على عواقب مثل هذه الحالة المتأزمة، حيث يمر النظام الاقتصادي والسياسي بأزمة هيكلية عميقة.. لقد وصلت السكين إلى عظام الناس”.

وكان فرشيد هكي مستشارًا علميًا لمجلة “بررسي هاي اقتصادي” الشهرية، التي كان عبد الرضا داوري، مديرًا مسؤولاً فيها. وقد ذكر بعض النقاد الاصوليين إبان فترة الرئيس السابق، أحمدي نجاد، أن فرشيد هكي عضو في “التيّار المنحرف/تيار احمدي نجاد”.

وبعد انتشار نبأ قتل هکي، نشر داوري صورة من نص عنوانه “هجمات الأصوليين السابقة” عليه. وفي هذا النص، إشارة إلى هكي بأنه “المتخصص الاقتصادي للتيار المنحرف”، وفي النص اتهام لهکي بالترويج لمواد معادية للإسلام في قناته الخاصة التي يديرها على تطبيق “التلجرام”.

ومن غير الواضح، ما إذا كانت إشارة داوري إلى انتقادات الأصوليين السابقة تجاه هکي، تعني الأخذ بعين الاعتبار الدوافع السياسية لقتله أم لا.

وقد استخدم معارضو أحمدي نجاد، وهم في الأغلب من الأصوليين، تعبير “التيار المنحرف” في ولايته الثانية، للإشارة إلى بعض المقربين منه. وقد جعلوا إسفنديار رحيم مشائي، وعلي أكبر جوانفكر، وحميد بقائي، على رأس “التيار المنحرف”.

وقد حوكم هؤلاء الثلاثة في السنوات الأخيرة بتهم مختلفة، وحاليًا فإن مشائي وبقائي يقبعان في السجن.

يشار إلى أن سجن هؤلاء الثلاثة، زاد من انتقادات أحمدي نجاد للسلطة القضائية، إذ طالب بإقالة آمُلي لاريجاني من رئاسة السلطة القضائية.

الإفساد في الأرض

وقد استنكر رئيس منظمة حماية البيئة، عيسى كلانتري، أمس الإثنين، أخبارًا صحافية تفيد بتوجيه تهمة “الإفساد في الأرض” لنشطاء البيئة الذين تم اعتقالهم بتهمة التجسس العام الماضي.

وقال كلانتري: “إن تهمة نشطاء البيئة المعتقلين لم يتم الإعلان عنها رسميًا بعد”، مؤكدًا أن وزارة الاستخبارات والحكومة صرّحتا بآرائهما فيما يتعلّق بنشطاء البيئة، وتابع: “لم يعد بإمكان وزارة الاستخبارات التدخل في هذه القضية، وقد أُعلنَ مرارًا وتكرارًا أنه لا علاقة لهذه الوزارة بهذه القضية”.

وقال محامي النشطاء، محمد حسين آقاسي، أمس الأحد: “إن المدعي العام طلب من محقق الملف أن يوجه تهمة (الإفساد في الأرض) للمتهمين الخمسة في هذه القضية، وقد قبل المحقق بذلك”.

ووفقًا لما أفاد به آقاسي، فقد قرر المدعي العام، أن يوجه هذه التهمة إلى هؤلاء الأشخاص الخمسة، استنادًا إلى رسالة أرسلها الجيش إلى مکتب المدعي العام عبر المجلس الأعلى للأمن القومي.

وتقول بعض المصادر إن الأشخاص الخمسة المتهمين بـ”الإفساد في الأرض” هم: “مراد طاهباز، ونيلوفر بياني، وهومن جوكار، وسبيده كاشاني، وطاهر قديريان”.

والتهمة التي كانت موجهة لهؤلاء الخمسة في السابق هي “التجسس”.

وقد دعا عيسى كلانتري، يوم 9 سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى تحديد مصير نشطاء البيئة، بعد احتجازهم منذ فبراير/شباط الماضي.

وقال كلانتري، لوكالة أنباء “إرنا” إن وزير الاستخبارات هو المرجع الرسمي الوحيد الذي أعلن عن اتهام هؤلاء الأشخاص بالتجسس، أما فيما يتصل بنشطاء البيئة فقد أعلن رسميًا أنهم ليسوا جواسيس.

من المعروف أن تهمة الإفساد في الأرض، هي إحدى التهم القضائية الخطيرة في إيران، وغالبًا ما يكون الحكم فيها هو الإعدام.

ربما يعجبك أيضا