مئوية «لبنان الكبير».. محطات في التاريخ الحديث لـ«بلد الأرز»

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

بيروت – احتفلت الدولة اللبنانية، اليوم، بذكرى مرور قرن من الزمان على بداية ظهورها باسم لبنان، ففي 1 سبتمبر عام 1920 ظهر للوجود للمرة الأولى اسم لبنان كدولة، والذي ضم مناطق عدة خاضعة لاحتلال الفرنسي، وكانت هذه الدولة تضم جبل لبنان وألحقت به كل من بيروت وطرابلس وبعلبك والهرمل والجنوب، وسميت جميعها دولة لبنان الكبير.

وقد عانى لبنان مع الاحتلال الفرنسي الذي ارتكب عشرات المجازر بحق اللبنانيين، كانت أشهرها مجازر طرابلس وصيدا والبقاع، ولكن أمام نضال وكفاح الشعب اللبناني، نالت الدولة اللبنانية استقلالها عام  1943، وسريعًا شهد لبنان عام 1947 أول انتخابات تشريعية بعد الاستقلال.

ويذكر أن تاريخ إعلان استقلال لبنان كان في عام 1926، وأقر مجلس الممثلين الدستور، وأعلن قيام الجمهورية اللبنانية، التي كانت لا تزال خاضعة للانتداب الفرنسي المطلق، وعاصمتها مدينة بيروت الساحلية.

وفي  يوليو 1958، يذكر لنا التاريخ أن لبنان كان مهددًا بحرب أهلية بين المسيحيين المارونيين والمسلمين، والبداية كانت بعد التوتر مع مصر في عام 1956 عندما رفض الرئيس اللبناني كميل شمعون المسيحي الموالي للغرب، قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول الغربية التي هاجمت مصر أيام أزمة السويس والعدوان الثلاثي، والذي أثر على الرئيس المصري جمال عبدالناصر.

زادت حدّة هذا التوتر عندما أعلن كميل شمعون تقربه من حلف بغداد الذي اعتبره عبدالناصر تهديدًا للقومية العربية، وعند قيام الوحدة بين مصر وسوريا باسم الجمهورية العربية المتحدة، دعم رئيس الوزراء اللبناني السني رشيد كرامي جمال في 1956 و1958 طالب اللبنانيون المسلمين من الحكومة اللبنانية الانضمام للوحدة، بينما أراد المسيحيون التحالف مع الدول الغربية، وحصل تمرد إسلامي مسلح كانوا قد حصلوا على السلاح من الجمهورية العربية المتحدة عن طريق الإقليم الشمالي (سوريا)، مما دفع كميل شمعون لتقديم شكوى لمجلس الأمن، وأعلن محققو الأمم المتحدة عن عدم وجود أي دليل على تدخل الجمهورية العربية المتحدة. في 14 يوليو سقطت الحكومة الملكية الموالية للغرب في العراق، فحصل عدم استقرار داخلي في لبنان، طلب عندها شمعون المساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي نكسة 1967، قام الاحتلال بالاستيلاء على مناطق في جنوب لبنان كان منها مزارع شبعا، ثم في العام 1968 بدأت المقاومة الفلسطينية بإنشاء أولى قواعدهم جنوب لبنان، وفي عام 1969 وقّع لبنان اتفاق القاهرة ، وهو اتفاق تم التوقيع عليه في 3 نوفمبر 1969 في القاهرة لغرض تنظيم الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان، قام الرئيس اللبناني آنذاك شارل حلو بإرسال وفد لبناني برئاسة قائد الجيش إميل بستاني إلى القاهرة للتحادث والتفاوض مع ياسر عرفات، وتحت إشراف وزير الدفاع المصري محمد فوزي، ووزير الخارجية المصري محمود رياض.

وفي العام 1970، انتقلت منظمة التحرير الفلسطينية إلى لبنان بعد أيلول الأسود في الأردن، وفي 1975 اندلعت الحرب الأهلية ووقعت مجازر للفلسطينيين خاصة، والمسلمين والمسيحيين عامة.

وفي عام 1976 دخلت قوات حافظ الأسد إلى لبنان برعاية دولية لمنع انتصار الفلسطينيين والقوى الثورية اللبنانية على الكتائب المارونية، وارتكبت مجازر في المخيمات، ومنها مخيم تل الزعتر الفلسطيني الذي تمت إبادته على أيدي جنود حافظ الأسد.

أما في عام 1982م فقد اجتاح الاحتلال الإسرائيلي لبنان، ووصل إلى بيروت وحاصر المقاومة فيها وارتكب مجزرة صابرا وشتيلا الإجرامية بالتعاون مع الكتائب المارونية.

وفي عام 1985م قامت حركة أمل بالتنكيل بالمخيمات الفلسطينية وقتل آلاف الفلسطينيين، كما قامت قوات الأسد بدك طرابلس في أواخر الثمانينيات وقتلت واختطفت آلاف اللبنانيين.

وفي العام 1989 برعاية الملك فهد بن عبدالعزيز تم توقيع اتفاقية الطائف لاقتسام السلطة، وبعد تلك الاتفاقية انتهت الحرب الأهلية في العام 1990م، وفي العام 2000 انسحب الاحتلال من قرى الجنوب اللبناني وغرب البقاع التي تم تحريرها في 25 مايو عام 2000، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها مخلفًا مليشيا جيش لبنان الجنوبي المتعاونة معه بقيادة أنطوان لحد تواجه مصيرها بنفسها. وكان ذلك باستثناء مزارع شبعا، وهي منطقة تصل مساحتها إلى ما يقارب 250 كم.

وفي الفترة من 2005 إلى 2007 شهدت المدن اللبنانية حوادث اغتيال كان منها اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، في 2005، وتورط نظام بشار الأسد في وفاته، اجتاحت البلاد انتفاضة عامة أطلق عليها اسم ثورة الأرز، وباعتماد قرار مجلس الأمن الدولي 1559، اضطرت جيش الأسد إلى إعلان انسحابه الكامل من لبنان في 30 أبريل 2005.

وفي 2011م بدأت مليشيات حزب الله الإرهابية في التدخل لوأد الثورة السورية، وقتال أبناء سوريا، وفي 2019م انفجرت انتفاضة شعبية ليس لها مثيل في التاريخ اللبناني طالب بتغيير النظام الطائفي الحاكم، وفي 2020م شهدت بيروت انفجار مرفأ المدينة الشهير وسط أزمة اقتصادية هي الأكبر منذ تأسيس لبنان الكبير.
مئوية “لبنان الكبير”

ربما يعجبك أيضا