ماذا تستفيد روسيا من الحرب المطولة بين إسرائيل وحماس؟

آية سيد
ماذا تستفيد روسيا من الحرب المطولة بين إسرائيل وحماس؟

رأى محللون أن بوتين لديه الكثير ليكسبه عن طريق إطالة أمد الصراع في غزة لتعزيز أهدافه الاستراتيجية، لا سيما في أوكرانيا.


مع اندلاع القتال بين إسرائيل وحماس، هذا الأسبوع، سعى الكرملين لمنح دور وسيط السلام للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.

إلا أن المحللين يحذرون من أنه لا ينبغي أخذ ادعاءات روسيا على ظاهرها، لأن بوتين لديه الكثير، ليكسبه من إطالة أمد الصراع، وفق تحليل نشره موقع إنسايدر الأمريكي، اليوم الخميس 12 أكتوبر 2023، للكاتب توم بورتر.

عرض الوساطة

في أعقاب هجوم حماس على عدد من المستوطنات الإسرائيلية، والقصف اللاحق ضد قطاع غزة، وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إن روسيا قد تؤدي دور الوسيط، موضحًا أنها تنوي “الاستمرار في بذل الجهود، وتأدية دورنا في ما يتعلق بتقديم المساعدة من أجل إيجاد طرق للتسوية”.

ماذا تستفيد روسيا من الحرب المطولة بين إسرائيل وحماس؟

علم روسيا وصورة بوتين في محطة بنزين بمدينة أريحا بالضفة الغربية المحتلة

وفي حديث له، اليوم الخميس، أشار بوتين إلى أن روسيا قد “تسهم في عملية السلام”. وقال: “لم لا؟ لدينا علاقات تجارية مستقرة جدًا مع إسرائيل، ونتمتع بعلاقات ودية مع فلسطين منذ عقود”.

لكن، وفق التحليل، رأى الكاتب أن بوتين لديه الكثير ليكسبه عن طريق إطالة أمد الصراع، لتعزيز أهداف بلاده الاستراتيجية، لا سيما في أوكرانيا.

تشتيت حلفاء أوكرانيا

يمارس بوتين لعبة طويلة الأمد في أوكرانيا، وحسب التحليل، يأمل الرئيس الروسي أن التزام حلفاء كييف الغربيين، الذين قدموا المليارات كمساعدات وأسلحة، سيبدأ في الضعف.

وفي هذا الشأن، كتب أستاذ الاستخبارات والأمن القومي بجامعة هال البريطانية، روبرت دوفر: “الأزمة المنافِسة لتشتيت حلفاء أوكرانيا، في صورة حرب في الشرق الأوسط، قد تخدم هذا الغرض”.

وأضاف دوفر أن هذا الصراع قد يحوّل الانتباه، والطاقة الدبلوماسية، والموارد العسكرية عن أوكرانيا في حالة شنت إسرائيل اجتياحًا بريًّا لغزة.

أسعار النفط

العامل الآخر، الذي أشار إليه التحليل هو أسعار النفط. خصوصًا أن روسيا تعتمد بشدة على صادرات الطاقة، لتمويل حملتها في أوكرانيا، وعملت إلى جانب السعودية لخفض الإنتاج ورفع الأسعار، في حين أن الاضطراب في الشرق الأوسط، المنطقة الرئيسة لإنتاج النفط في العالم، قد يرفع الأسعار أكثر.

وفي هذا السياق، قالت الباحثة بمؤسسة راند، ماري دايلي، في تصريحات لشبكة بلومبرج الأمريكية، إن استمرار ارتفاع أسعار النفط “يمكّنهم من مواصلة الإنفاق على إنتاج الأسلحة، ويساعدهم في تغطية بعض العجز في الموازنة”، مشددة على أن روسيا تستفيد من هذا في المدى القريب.

وسيط قوة

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، أصبح وجود روسيا هامشيًّا في الشرق الأوسط. لكن في العقود الأخيرة، أعاد بوتين النفوذ الروسي في المنطقة، عبر إقامة علاقات وثيقة مع إيران، والتدخل في الصراع السوري لدعم نظام بشار الأسد، وتنمية العلاقات مع خصومهما.

ولفت التحليل إلى أن بوتين لديه علاقات ودية مع كل من إسرائيل وفلسطين. ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، انتقاد الحرب الروسية الأوكرانية.

وفي الأشهر الأخيرة، التقى مسؤولون روس وفودًا من حماس، التي لا تصنفها روسيا جماعة إرهابية. وهذا يضع روسيا في مكانة فريدة من نوعها، متمثلة في امتلاك علاقات جيدة مع حكومتي عدوين إقليميين لدودين.

ماذا تستفيد روسيا من الحرب المطولة بين إسرائيل وحماس؟

بوتين يتوسط رئيس صربيا، ألكسندر فوتشيتش، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في 2018

حيلة روسية

استبعد الخبير في السياسة الخارجية الروسية، أركادي دوبنوف، أن تكون محاولات روسيا للعب دور وسيط السلام صادقة، لافتًا إلى أنها قد تكون جزءًا من حيلة لإلقاء اللوم على الولايات المتحدة.

وقال، في تصريحات لصحيفة لوموند الفرنسية، إن موسكو تفعل ذلك “لاتهام الغرب بتخريب جهودها”. وأضاف: “في الواقع، أي فرصة للعب هذا الدور اختفت يوم 24 فبراير 2022” عندما غزت أوكرانيا.

تعزيز المصداقية

حسب التحليل، رأى دوفر، الخبير بجامعة هال، أنه إذا توسطت روسيا في المحادثات، قد يعزز هذا مصداقيتها الدولية ويضعها في موقع يسمح لها بتحديد وتيرة المحادثات ونتيجتها.

وقال، في تصريحات لموقع إنسايدر: “النجاح في الوساطة في نوع من خفض التصعيد يقرّب روسيا مجددًا من التيار الرئيس للعلاقات الدولية، ويتيح لها الادعاء بأنها فاعل إيجابي ونشط في النظام الدولي، وهو ادعاء قد يلقى استحسانًا في الهند والصين وجنوب إفريقيا”.

وأضاف دوفر أن الولايات المتحدة ستكون غير متحمسة على الإطلاق لهذا الدور الروسي، لأن تدخل موسكو “سيسمح لها بتشكيل وتيرة وشكل المباحثات”، مشيرًا إلى أن روسيا “لديها الكثير لتكسبه من الصراع الذي يجذب الانتباه والمعدات العسكرية الغربية إلى الشرق الأوسط”.

استرضاء إيران

رفض المسؤولون الروس تحميل مسؤولية القتال الأخير لحماس. ولفت التحليل إلى أن روسيا تبدو مترددة في قول أي شيء ناقد لحماس من شأنه أن يثير غضب إيران، التي تقدم إمدادًا مستمرًا من المسيّرات التي تستخدمها روسيا لمهاجمة المدن الأوكرانية.

وفي هذا الإطار، قال كاتب الخطابات السابق لبوتين، عباس جالياموف، في تصريحات لشبكة “سي بي سي نيوز”، إن روسيا أصبحت وكيلًا لإيران في المنطقة، مثل حزب الله وحماس.

وقال: “في السابق، إذا كنت تريد معرفة موقف روسيا، كان عليك التفاوض مع روسيا. لكن الآن عليك الذهاب إلى طهران”.

ربما يعجبك أيضا