ما سر التزام الصين بسياسة الحياد المؤيد لروسيا؟

هالة عبدالرحمن

غالبًا ما يوصف موقف بكين بأنه "الحياد المؤيد لروسيا" منذ إعلان الحرب، فلم تدن موسكو ولم تزودها بالأسلحة أو العتاد للالتفاف على العقوبات، ولكن توصل شي وبوتين إلى استراتيجية شراكة "بلا حدود" قبل أسابيع فقط من الغزو الروسي لأوكرانيا


بعد مرور 100 يوم من الحرب الروسية الأوكرانية، ركز الرئيس الصيني شي جين بينغ، مباشرة على دعمه لروسيا في مكالمته الأخيرة مع بوتين.

وعرض الرئيس الصيني، شي جين بينغ، تعميق التعاون مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في مكالمة هاتفية الأربعاء الماضي، ما يشير إلى أن غزو بوتين لأوكرانيا لم يؤثر على التزام شي الأساسي بسياسة الحياد المؤيد لموسكو، وفقًا لـ“نيويورك تايمز”.

مكالمة بوتين وشي

تعد مكالمة الرئيسين هي الأولى بينهما منذ أواخر فبراير، بعد وقت قصير من شن روسيا هجومها على أوكرانيا، وخلال الشهور التي تلت ذلك، سعت الحكومة الصينية إلى الحفاظ على العلاقات مع موسكو مع التأكيد على أنها كانت تحاول أن تكون وسيطًا محايدًا من أجل السلام في أوكرانيا.

وأوضحت “نيويورك تايمز”، في تقريرها المنشور الأربعاء الماضي، أن ملخص المحادثة بين شي وبوتين، الصادر عن وزارة الخارجية الصينية، لم يترك مجالًا للشك في أنه بغض النظر عن غزو أوكرانيا، يظل الرئيس الصيني ملتزمًا بعلاقات وثيقة مع روسيا، ما يساعده على تحقيق توازن بعد العلاقات العدائية مع الولايات المتحدة وحلفائها.

روايتان “متناقضتان” لفحوى المكالمة

قدمت روسيا والصين روايتين متناقضتين للاتصال الهاتفي الذي دار بين بوتين ونظيره الصيني، عكست بوضوح رؤية البلدين للغزو الروسي لأوكرانيا، وقال شي لبوتين: “خلال هذا العام، حافظت العلاقات الصينية الروسية على زخم نمو صحي في مواجهة الاضطرابات والتغييرات العالمية”، وفقًا لبيان الكرملين نشره “راديو سوا”.

وأضاف شي: “إن الصين مستعدة لتعزيز التقدم المطرد للتعاون الثنائي العملي، وإنها مستعدة لمواصلة الحفاظ على الدعم المتبادل في القضايا الرئيسية ذات الاهتمام المشترك والتي تشمل السيادة والأمن والمصالح الجوهرية الأخرى، وبناء تعاون استراتيجي ثنائي أوثق”، وأشار الكرملين إلى أن الزعيم الصيني أيد تبرير بوتين لغزو أوكرانيا، قائلًا إن شي أشار إلى “شرعية تصرفات روسيا في حماية مصالحها الوطنية الأساسية في مواجهة التحديات الأمنية”.

الرواية الصينية الرسمية للحرب في أوكرانيا

تماشيًا مع الرواية الرسمية للصين منذ أن شنت روسيا هجومها، لم يستخدم شي مصطلح “الحرب” أو “الغزو” فيما يتعلق بأوكرانيا، وبدلًا من ذلك أشار فقط بطريقة غير مباشرة إلى “قضية أوكرانيا”، وحث جميع الأطراف على التوصل إلى “حل مناسب للأزمة الأوكرانية”، حسب ما أفادت “نيويورك تايمز”.

ونقلت محطة CCTV الحكومية عن شي قوله، إن الصين مستعدة لتقديم دعم متبادل لروسيا في المصالح والمسائل الحيوية مثل السيادة والأمن، وكذلك تحقيق تعاون استراتيجي أوثق، وأضاف التلفزيون الصيني أن شي دعا جميع الأطراف لإيجاد “تسوية مناسبة للأزمة الأوكرانية بطريقة مسؤولة”، ولم يشر إلى العلاقات العسكرية أو زيادة الروابط التجارية مع روسيا.

تأثير أزمة أوكرانيا على العلاقات الصينية الروسية

في الأسبوع الماضي، فتحت الصين وروسيا جسرًا يربط مدينة هيهي الحدودية في شمال شرق الصين بمدينة بلاغوفيشتشينسك الروسية، ويربط القادة الصينيون علاقات وثيقة مع نظرائهم الروس على مدى عقود، وضاعف الرئيس الصيني شي تلك الروابط عندما استضاف بوتين في أوائل فبراير، فيما أعلن الزعيمان التزامهما بصداقة لا حدود لها في الوقت الذي اقتحمت فيه القوات الروسية الحدود الأوكرانية.

ووفقًا لـ”نيويورك تايمز” ألقى المسؤولون الصينيون ووسائل الإعلام الحكومية باللوم على واشنطن وحلف شمال الأطلسي في تهيئة الظروف المؤدية للحرب في أوكرانيا، بزعم أن روسيا كانت مدفوعة لهذه الحرب بسبب توسع الناتو بعد الحرب الباردة في وسط وشرق أوروبا.

الحياد المؤيد لروسيا

غالبًا ما يوصف موقف بكين بأنه “الحياد المؤيد لروسيا” منذ الحرب، فلم تدن موسكو وقتها ولم تزودها بالأسلحة أو العتاد لتفادي توقيع العقوبات، ولكن توصل شي وبوتين إلى استراتيجية شراكة “بلا حدود” قبل أسابيع فقط من الغزو الروسي لأوكرانيا، وفقًا لـ“بوليتيكو”.

وسط مخاوف بشأن دور الصين كشريان حياة للاقتصاد الروسي المتضرر من العقوبات، ضاعف شي رؤية تعاون الصين مع روسيا، وقال شي: “منذ هذا العام، وفي مواجهة الاضطرابات والتحولات العالمية، حافظت العلاقات الصينية الروسية على قوة دفع جيدة للتنمية، وأن التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين يتقدم بسلاسة”.

دعم متبادل

أفادت “بوليتيكو” في تقريرها، الصادر 15 يونيو 2022، بأنه غالبًا ما ابتعد الزعيم الصيني عن استخدام كلمة حرب في المكالمة التي أجراها مع بوتين، فيما أصر على أنها كانت “عملية عسكرية خاصة”، وذكرت القراءات الصينية أيضًا دعم بوتين للصين في تايوان، وكذلك في هونج كونج وشينجيانج، موطن الأقلية المسلمة الأويجورية في البلاد.

في غضون ذلك، أعلن الكرملين أن الرئيس الصيني سيلقي كلمة عبر الفيديو في منتدى سان بطرسبرج الاقتصادي الدولي الذي قاطعته دول العالم على نطاق واسع، اليوم الجمعة، وسيكون مؤشرًا على ما إذا كانت بكين مستعدة لنقل المنافسة الاستراتيجية مع الغرب إلى مستوى جديد، وسيترأس بوتين المنتدى، وسينضم إليه اثنان فقط من القادة منهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف.

ربما يعجبك أيضا