مضيق كيرتش.. هل سيكون شرارة اندلاع الحرب العالمية الثالثة؟

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

لا تخلو منطقة البلقان من الخلافات والصراعات التي تندلع على إثرها خلافات عسكرية وحروب عالمية، ولا تزال المنطقة محل تقاطعات بين مصالح الدول الكبرى كما كانت محل اهتمام الإمبراطوريات السابقة لتصبح انطلاقة الحربين العالميتين الأولى والثانية. وفي الفترة الأخيرة أصبحت المنطقة محل صراع بين روسيا من ناحية والاتحاد الأوروبي وأوكرانيا من ناحية أخرى، على مضيق كيرتش؛ الذي يربط بين البحر الأسود وبحر أزوف.

 
أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، الخميس 21 فبراير، “أن روسيا لن تسمح باستفزازات جديدة في مضيق كيرتش”. وفي وقت سابق، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، “أن السلطات الأوكرانية تحضر لاستفزاز جديد في مضيق كيرتش الرابط بين البحر الأسود وبحر آزوف، بمشاركة ممثلي حلف الناتو في هذه العملية”.


هذا المضيق الذي تعتبره روسيا مجالا محليا ضمن أراضيها، عقب استيلائها على شبة جزيرة القرم في 2014، وترى أن أي مرور خلاله لابد وأن يسبقه إعلام للدولة الروسي ووجود مرشدين روس على السفن العابرة، فيما تعتبر أوكرانيا أن المضيق تم الاستيلاء عليه من قبل موالين روس، وأنه ضمن المجال الإقليمي الأوكراني، ولا يخضع للسيطرة الروسية، لذا فعبور أي سفن أوكرانية لا يتطلب موافقة روسية.

أهمية مضيق كيرتش

طريق كيرتش هو الرابط الوحيد بين البحرين، وعبرها فقط يمكن الوصول إلى المينائين الأوكرانيين المهمين ماريوبول وبيرديانسك. ويُعتبر الطريق البحري ذا أهمية قصوى بالنسبة لماريوبول في شرق أوكرانيا بمصنعيه لإنتاج المعادن.
ومنذ ضم شبه جزيرة القرم، في 2014، تراقب روسيا المضيق البحري من الجانبين، ما يصعب حركة المرور بالنسبة إلى السفن الأوكرانية .

وظهرت انعكاسات المراقبة الروسية بعد إنجاز جسر القرم في مايو 2018. فالقنطرة تربط اليابسة الروسية بشبه الجزيرة القرم. وتفرض سلطات الأمن الروسية إجراءات تفتيش على السفن الأوكرانية، وقد تستمر أحيانا أياما. كما أن الحرب في منطقة دونباس تتسبب في متاعب إضافية للموانئ الأوكرانية.

صراع الغرب والشرق

وبالعودة إلى تاريخ النزاع، فإن الأزمة الأخيرة بين البلدين هي بمثابة تواصل لنزاع عنوانه الكبير المعركة حول مضيق كيرتش وبحر آزوف. والنزاع بين البلدين بدأ عقب خلع الرئيس الأوكراني المقرب من روسيا فيكتور يانوكوفيتش.

وتعتبر روسيا في توجهاتها السياسية أن عودة أوكرانيا إلى فضائها ضرورة لإحياء أمجاد الإمبراطورية الروسية الكبرى، باعتبار أن مصالحها الجيو-سياسية تقضي بأن تكون أوكرانيا ضمن فضائها، نظرا لموقع أوكرانيا الاستراتيجي الرابط بين أوروبا وروسيا.

ولم تسفر هذه الأحداث عن اشتداد النزاع بين روسيا وأوكرانيا، بل أدت إلى زيادة وتيرة “الحرب الباردة” مع بدء الفترة الرئاسية الثالثة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فضلا عن ذلك تعد أوكرانيا واحدة من ساحات الصراع في الحرب الباردة، حيث أصبحت من أهم المواضيع التي جعلت روسيا والغرب في مواجهة، عقب انهيار الاتحاد السوفييتي.

وتحتل أوكرانيا مكانة مهمة بالنسبة لروسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين، حيث تعتبر موسكو أنها ما زالت صاحبة تأثير على الدول الناشئة عن تفكك الاتحاد السوفييتي، عدا دول البلطيق.

في المقابل، يسعى الغرب، على العكس تمامًا، إلى جذب أوكرانيا إلى طرفه، ولهذا السبب أدى تغيير النظام الأوكراني عام 2014 إلى توتر العلاقات بين موسكو وكييف من جهة، وموسكو وواشنطن من جهة أخرى.

وترجع أسباب العداء بين روسيا وأوكرانيا إلى مارس 2014، حينما ضمت موسكو شبه جزيرة القرم من السيادة الأوكرانية، في وقت كانت أوكرانيا تعيش اضطراباتٍ سياسيةً على خلفية إسقاط حكم الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش.

وضمت روسيا إقليم القرم من أوكرانيا، بعد إجراء استفتاءٍ شعبيٍ هناك في السادس عشر من مارس من ذلك العام، في خطوة لم تحظَ باعترافٍ من كييف ولا من الاتحاد الأوروبي الذي تشغل أوكرانيا عضويته، وكذلك الولايات المتحدة.

وتعتبر أوكرانيا، أن روسيا تحتل جزءًا من أراضيها، فيما ترى الأخيرة أنها استعادت إقليمًا ينتمي لها تاريخيًا، في حين لا يعترف الاتحاد الأوروبي ولا الولايات المتحدة بخطوة ضم روسيا لشبه جزيرة القرم

ربما يعجبك أيضا