منبج.. روايات متضاربة وأقلام رصاص متأهبة

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

لا شيء يبدو ثابتًا في موازين القوى في المشهد السوري.. فحسابات المرحلة بحدثها الأهم وهو انسحاب القوات الأمريكية من الأراضي السورية أعادت رسم خارطة النفوذ في الشمال السوري وتحديداً في منبج.

منبج في قلب الأحداث من جديد.. بيان مفاجئ أصدرته القيادة العامة للقوات المسلحة التابعة للنظام السوري، تؤكد دخول بعض وحداتها إلى داخل هذه المدينة الاستراتيجية ورفع العلم السوري فيها.. بيان حرّك جميع الأطراف ذات الصلة بنفي الخبر أولاً ثم للكشف عن عملية وشيكة للسيطرة على المنطقة.

الآن، يعلن النظام السوري دخول المدينة الاستراتيجية للمرة الأولى منذ عام 2012 والعلم السوري -وفقا له- يرفرف مجدداً فوق مباني الحكومة السورية.
https://www.youtube.com/watch?v=457Xdj91Ohg

تفاهمات كردية مع النظام

دخول قوات النظام السوري إلى منبج يأتي بعد انسحاب قوات حماية الشعب الكردية ودعوتها للنظام من أجل استلام المنطقة، وهو ما يعدّ أكبر تطور يحدث في الساحة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيته سحب قوات بلاده من سوريا.

لكنَّ ما يحدثُ سرًّا أكبرُ وأخطرُ مما يحدث في العلن، إذ إن انسحاب القوات الأمريكية المرتقب فتح الباب واسعاً على سيناريوهات كثيرة.

فسوريا ما قبل الإعلان عن الانسحاب الأمريكي ليس كما بعده، النظام السوري وفي ظل حديث جميع الأطراف عن مصير المناطق التي تتمركز فيها القوات الأمريكية، يعلن عن دخول مدينة “منبج” غربي نهر الفرات في ظل نفي المعارضة السورية المسلحة وقوات التحالف الدولي.

وأورد الجيش -في بيان تلاه متحدث عسكري ونقله الإعلام الرسمي السوري- “استجابة لنداء الأهالي في منطقة منبج، تعلن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة عن دخول وحدات من الجيش العربي السوري إلى منبج ورفع علم الجمهورية العربية السورية فيها”.

أنقرة – موسكو.. رابح رابح

تمثل المنطقة واسطة العقد في الشمال السوري، تقع على بعد 30 كم غربي نهر الفرات، وهي بوابة التوغل إلى شرقه، وتشّكل نقطة ارتكاز عسكري لا تتحمل سيطرة قوتين أو رفع رايتين في ساحتها الرئيسية.

في داخلها قوات أمريكية وفرنسية وتركية وإيرانية وروسية، ومقاتلون سوريون نظاميون، ومعارضون وأكراد.. هناك من يتجهز للانسحاب، وهناك من يتجهز للانقضاض، والجميع يساوم.

سيناريو تحالف القوات الكردية وقوات النظام في مواجهة تركيا احتمال ممكن، لكنه في ظل المعطيات الراهنة مستبعد وغير مرجح، وذلك لأن روسيا كفلت وستتكفل بمنع وقوع مواجهة بين الأتراك وقوات النظام.

موقف أنقرة وموسكو يلتقيان عند هدف مشترك واحد، وهو تحظيم قوة العمال الكردستانية بتفرعاته الإدارية والعسكرية والأمنية، لكن السؤال: لماذا لا تقوم روسيا وحلفاؤها بهذه المهمة؟

ذلك أن حدود العملية التركية تشمل تأمين الحدود بالدرجة الرئيسية ليترك العمق لروسيا وحلفائها، حيث تقع آبار النفط والغاز في دير الزور والحسكة.

إذن، هي مرحلة تضع العمال الكردستاني بمسمياته المختلفة في صدارة الأحداث بعد أن ظل لسنوات سبع مضت يشتغل في حديقة خلفية للأحداث الكبرى في سوريا، إلا أن المرحلة المقبلة “حبلى” بكل الاحتمالات، حتى الأبعد والأغرب منها، لكن وفي خضم كل ذلك ثمة أقلام رصاص تتجمع وتتأهب لرسم خارطة نفوذ جديدة لن تقف حدود تداعياتها هذه المرة عند حدود سوريا.

ربما يعجبك أيضا