من بعدهم الطوفان .. نتنياهو والكنيست يهُبون لتمرير القوانين تحسبًا للانتخابات

محمد عبد الدايم
رؤية – محمد عبدالدايم
الكنيست يصادق على 63 قانونا في أسبوع قبل العطلة الصيفية.

نتنياهو واليمين الديني يحكمون قبضتهم على الكنيست لتمرير القوانين العنصرية.

هاجس الانتخابات يسيطر على الكنيست ويصبح الدافع الأكبر لتمرير القوانين.
قبيل نهاية دورة الانعقاد الصيفي يبدو وكأن رئيس الوزراء نتنياهو وأعضاء الكنيست قرروا فجأة الانتهاء من صياغة وتمرير القوانين التي تهمهم بشدة، ربما تحسبًا لحل الحكومة في أي وقت وإجراء انتخابات جديدة قبل أن ينتهي هذا العام.
ارتفع صوت عضو الكنيست أحمد الطيبي وهو يتحدث عن تمرير قانون ما يُسمى بـ”القومية”، وقال صارخًا: “نحن نعلن موت الديمقراطية، والتي كانت تحتضر بالفعل خلال السنوات الأخيرة وعانت من الإقصاء والتطرف”.
لم يكن الأمر مفاجئًا -مثلما يبدو عليه من تناول وسائل الإعلام له- فتمرير الكنيست لقانون “القومية” بصورته الأخيرة كان متوقعًا في ظل سيطرة اليمين على الحكومة والكنيست، وفي هذا المقام تناولت شبكة رؤية الحديث عن القانون منذ الإعلان عن مشروعه في تقارير سابقة، منها: قانون القومية في إسرائيل يهودية الدولة ونفي الآخر، العبرية في مواجهة العربية.. نحو “أسرلة” المجتمع الفلسطيني.
وبالفعل تم إقرار مشروع قانون الأساس بالقراءتين الثانية والثالثة (القراءة النهائية) والذي يحمل اسم “قانون القومية” وفي صدره عبارة “إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي”.

دولة أبارتهايد

بعد 9 ساعات من المناقشات، وما يتخطى ساعتين من التصويت حصل القانون على موافقة أغلبية 62 عضوا، وبعد ظهور نتيجة التصويت وقف أعضاء القائمة العربية المشتركة وهتفوا جميعا: “دولة أبارتهايد”، قبل أن يمزقوا نسخ القانون، وطبعا تم إخراجهم جميعا من القاعة التي وقف نتنياهو على منصتها ليتحدث عما وصفه بـ” لحظة مؤسِّسَة في تاريخ الصهيونية ودولة إسرائيل”، وهي بالفعل لحظة تاريخية ترسخ لدولة فصل عنصري بامتياز، حيث ينهض هذا القانون على إبعاد كل من هو غير يهودي، ناهيك عن ابتلاع الأرض العربية للأبد.

نص القانون: –
قانون أساس: إسرائيل-الدولة القومية للشعب اليهودي
1- مبادئ أساسية:
أ- أرض إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، التي فيها قامت دولة إسرائيل.
ب- دولة إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، فيها يطبّق حقه الطبيعي، الثقافي، الديني والتاريخي لتقرير المصير.
ج- حق تقرير المصير القومي في دولة إسرائيل خاص بالشعب اليهودي.
2-رموز الدولة:
أ‌- اسم الدولة “إسرائيل.
ب‌- علم الدولة هو أبيض، وفيه خطان أزرقان قريبان من الهامشين الأعلى والأدنى، ونجمة داود تكون في الوسط.
ج‌- شعار الدولة هو الشمعدان، مع حاملات الشمع الـ7، وغصني زيتون في جانبيه، وكلمة “إسرائيل” في قاعدته.
د‌-  النشيد الوطني هو “هتِكفا”. (نشيد الأمل).
هـ- تفاصيل بشأن رموز الدولة تتحدد في قانون.
3- عاصمة إسرائيل: القدس الكاملة والموحدة هي عاصمة إسرائيل.
4-اللغة:
أ- العبرية هي اللغة الرسمية للدولة.
ب- للغة العربية مكانة خاصة في الدولة. ترتيب استخدام اللغة العربية في المؤسسات الرسمية، أو مع المؤسسات، يكون في قانون.
جـ- ليس في هذا ما يمس بمكانة اللغة العربية، التي كانت عليها حتى عشية دخول هذا القانون حيز التنفيذ.
5-الدولة تكون مفتوحة أمام الهجرة اليهودية إليها، وجمع الشتات.
6- الدولة تعمل على ضمان سلامة أبناء الشعب اليهودي، ومواطنيها، العالقين بضائقة، بسبب يهوديتهم أو مواطنتهم.
أ- تنشط الدولة في الشتات لأجل الحفاظ على العلاقة بين الدولة وأبناء الشعب اليهودي.
ب- تعمل الدولة على الحفاظ على تراث وثقافة وتاريخ الشعب اليهودي، بين أوساط يهود الشتات.
7-تطوير الاستيطان

ترى الدولة في تطوير الاستيطان اليهودي قيمة وطنية، وتعمل من أجل تشجيع وتطوير إقامته وتوطيده.
8-التقويم الرسمي: التقويم العبري يكون التقويم الرسمي للدولة، وإلى جانبه التقويم الأجنبي (العالمي) كتقويم رسمي. استخدام التقويم العبري والتقويم الأجنبي، يتم تحديده ضمن قانون.
9-عيد الاستقلال وأيام الذكرى:
أ-يوم الاستقلال، هو يوم العيد الوطني الرسمي للدولة.
ب- يوم الذكرى لقتلى معارك إسرائيل، ويوم ذكرى الكارثة والبطولة، هما يوما ذكرى رسميان للدولة.
10-أيام العطلة
أيام السبت، وأعياد إسرائيل (بقصد الأعياد العبرية)، هي أيام راحة. ومن هم ليسوا يهودا، لهم الحق بأيام راحة، حسب يومهم الأسبوعي وأعيادهم، تفاصيل حول هذا الشأن تتحدد بقانون.
11-تحصين القانون
لا يمكن تغيير قانون الأساس هذا، إلا بقانون أساس يقرّه الكنيست بغالبية أعضاء الكنيست.

يتضح من قراءة بنود القانون أنه ببساطة يستهدف الإطاحة بكل من هو غير يهودي خارج الأرض، فلا اعتبار لفلسطيني الداخل، ولا اعتراف باللغة العربية التي كانت في النسخة الأولى للقانون بمثابة اللغة الثانية للدولة، لكنها أصبحت في النسخة الجديدة لغة “ذات مكانة خاصة”، ناهيك عن البند الذي يتحدث عن حماية الدولة على سلامة أبناء “الشعب اليهودي”، فلا شعب سوى اليهود وفقًا للقانون، مما يعني ببساطة نفي أي وجود إنساني غير يهودي على هذه الأرض، وتظهر بوضوح البنود التي ترسخ لشرعنة الاستيطان.

قانون الأم البديلة تم سنه عام 1996 والذي يمكن بموجبه تأجير الأرحام في إسرائيل، ووفقاً للقانون، يجوز للرجل والمرأة الزوجين إيجاد أم حاضنة بشكل مستقل أو عن طريق شركة وساطة وعقد اتفاقية تأجير رحم معها، وفي الأسبوع الماضي صادقت الكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة على استثناء المثليين من هذا القانون، وهو ما أدى إلى عاصفة غضب كبيرة في إسرائيل، وسارعت جهات عدة لإعلان دعمها لموظفيها والعاملين من المثليين وموافقاتها على السماح لهم بالقيام بالإضراب، ومن هذه الجهات الاتحاد العام لنقابات العمال (الهستدروت)، وشركة طيران العال، ومطار بن جوريون، وبعض المستشفيات وشركات الأدوية والحواسيب، وغيرها.
أسبوع المصادقة على القوانين

63 قانونا ناقشها أعضاء الكنيست في أسبوع واحد قبل بدء العطلة، على رأسها قانون “القومية”، وقانون تأجير الأرحام، ويعتبر تأجيل النقاش حول مشروع قانون السينما بمثابة الإنجاز الوحيد للمعارضة، فيما أثار عاصفة أخرى بعد رفض تمريره في الدورة الحالية، ووصل الأمر لخلاف بين وزيرة الثقافة وبين رئيس الكنيست يولي أدلشطين، حتى اتهمته بأنه منع استمرار النقاش حول مشروع القانون لدواع شخصية.

إذ يتحسب الائتلاف الحكومي برئاسة نتنياهو لما بعد العطلة الصيفية، في ظل مؤشرات كثيرة على حل الحكومة وانطلاق منافسات انتخابات جديدة ربما في نوفمبر القادم، انتخابات غالبا ما سيتصدرها حزب هاليكود مجددًا، لكن مع اختلاف طفيف في عدد المقاعد، لكن جاءت صرعة الحكومة لسن القوانين كيلا يكون الاتفاق عليها مجددا عقبة أمام الائتلاف الحكومي القادم.

غض الطرف عن قانون التجنيد لم يشفع للعرب
لم يشفع للقائمة العربية المشتركة بالكنيست أنها امتنعت عن التصويت على قانون تجنيد الحريديم، بما يشبه اتفاقا ضمنيا مع الأحزاب الحريدية، حيث كانت تأمل -في المقابل- أن تظل العربية لغة رسمية بعد العبرية في الصورة الأخيرة لقانون “القومية”، لكن تبددت الآمال وأصبحت اللغة العربية خارج نص القانون.
ما بعد العطلة
القانون الذي أصر نتنياهو وحكومته على تمريره أصبح ساريا الآن قبل بدء العطلة الصيفية للكنيست التي تمتد حتى منتصف أكتوبر القادم، وجاء الحرص اليميني على المصادقة وتمرير القانون لأن الأشهر الثلاثة القادمة ربما تشهد تغييرات كبيرة على مستوى الائتلاف الحاكم الذي يتقلقل في موضعه، ليس بسبب الأحداث الأخيرة فحسب، لكن منذ تكوينه كعادة أي ائتلاف سياسي في إسرائيل قائم على المصالح والابتزاز بين أطراف يمينية علمانية ودينية.
لا تبارحوا أماكنكم إنه موسم المصادقة على القوانين

العنوان أعلاه ربما يكون ساخرًا بعض الشيء، لكنه معبر عن حالة الهرولة للمصادقة على القوانين خلال الأسبوع الفائت بالكنيست، لدرجة أن بعض وسائل الإعلام تحدثت عن حالة الإرهاق البادية على بعض أعضاء الكنيست من المناقشات المتتالية، حتى أن بعضهم لم يغادر فندق الكنيست إلى بيته، وبالكاد خرجت عضوات لرؤية أبنائها الرُضع قبل العودة سريعا لمناقشة وسن القوانين.
 

ففي فترة لا تتجاوز أسبوع وافق أعضاء الكنيست على المصادقة على نحو 60 قانونًا قبل انتهاء فترة الانعقاد، وكأنهم يستميتون على وضع القوانين قبيل رحيلهم، ومن هذه القوانين:
قانون بمنع نشاط جمعيات تعتبرها إسرائيل ناشطة ضد الجيش الإسرائيلي، ويعطي القانون لوزير التعليم الحق في منع الجمعيات التي تعمل في مجال التربية وتدشن نشاطًا في مؤسسات التربية تعتبر “ضد الجيش الإسرائيلي”، والمستهدف من هذا القانون الجمعيات التي تتابع وتوثق عمليات الجيش الإسرائيلي وجرائمه ضد الفلسطينيين.
قانون يمنع فلسطيني الضفة من رفع دعاوى مباشرة في المحكمة العليا الإسرائيلية، ويهدف لمصادرة حق الفلسطينيين في الضفة من التوجه بالتماسات ضد قرارات صادرة عن السلطات الإسرائيلية أو جيش الاحتلال، وبدلا من ذلك تنتقل صلاحيات النظر في مثل هذه الالتماسات إلى محكمة الشئون المدنية في القدس مما يزيد من الأعباء المالية والتعقيدات التي يتحملها فلسطينو الضفة.
قانون يمنح نقاطًا إضافية في التعليم الأكاديمي للجنود الاحتياط، وتمت المصادقة عليه لتحفيز الجنود على الخدمة في مساع لحل مشكلة انخفاض الرغبة في التجنيد، وكذلك يأتي القانون ليُفعِل التمييز ضد الطلاب العرب بالمؤسسات الأكاديمية.
استبعاد المثليين من تأجير الأرحام

أثار قانون “القومية” ما أثاره داخل إسرائيل وخارجها، حتى وصل الأمر لإعلان دول أوروبية قلقها من سن هذا القانون العنصري، ولكن الائتلاف الحكومي لم يعبأ، وعلى غرار الصدى الذي أحدثه قانون “القومية” والذي غطى على بضعة القوانين العنصرية الأخرى التي تمت المصادقة عليها؛ أحدث قانون”تأجير الأرحام” عاصفة كبيرة من الجدل داخل إسرائيل، وتأتي المصادقة عليه بعد أيام قليلة من المسيرة السنوية للمثليين في إسرائيل والمُسماة بـ”مسيرة الفخر”.

ربما يعجبك أيضا