من مزارع الفراولة لأروقة الحكم.. سوجا خليفة آبي في رئاسة وزراء اليابان

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبدالرحمن
انتخب زعيم الحزب الحاكم في أبان يوشيهيدي سوجا رئيسًا للوزراء في تصويت برلماني الأربعاء، ليصبح أول رئيس وزراء جديد في البلاد منذ ما يقرب من ثماني سنوات.

استخدم الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم بزعامة سوجا أغلبيته في مجلس النواب القوي، والذي يتمتع بصلاحية اختيار رئيس الوزراء، لانتخابه لقيادة ثالث أكبر اقتصاد في العالم في الوقت الذي يحاول فيه التعافي من جائحة فيروس كورونا.

بعد التصويت، من المقرر أن يدخل سوجا مكتب رئيس الوزراء كزعيم جديد، ويعين مجلس وزرائه في وقت لاحق اليوم الأربعاء.

ولد يوشيهيدي سوجا عام 1948 لعائلة من مزارعي الفراولة، ويضعه صعوده المطرد في مكانة متفردة عن النخبة التي سيطرت على الحياة السياسية اليابانية لفترات طويلة.

بدأت رحلته السياسية باشتغاله في حملة انتخابية برلمانية فور تخرجه من جامعة هوسي بطوكيو، ثم عمل بعدها سكرتيراً لنائب في الحزب الليبرالي الديمقراطي قبل أن ينطلق في مسيرته السياسية الخاصة.

وانتخب عام 1987 عضوا في مجلس مدينة يوكوهاما، وفي عام 1996 انتخب للمرة الأولى عضواً في المجلس التشريعي (الدايت).

وفي عام 2005 عينه رئيس الوزراء آنذاك جونيتشيرو كويزومي نائباً أول لوزير الشؤون الداخلية والاتصالات، وفي العام التالي قرر رئيس الوزراء المؤقت وقتها شينزو آبي ترقيته إلى منصب وزير مكلف بثلاث حقائب وزارية حتى عام 2007.

استمرت علاقته بآبي بعد عودة الأخير لتولي رئاسة الوزراء عام 2012، حيث قام بتعيينه في منصب وزير شؤون مجلس الوزراء، وعلى مدى السنوات الثماني التالية، ظل “الساعد الأيمن” لآبي في دائرة الضوء، مقدماً الإحاطات الصحفية مرتين يوميا، ومحتفظاً بسمعة جيدة في إدارة البيروقراطية اليابانية المعقدة.

وبصفته وجه الحكومة أمام الجمهور، تولى مهمة الكشف عن اسم العهد الإمبراطوري الجديد عام 2019 بعد تأكيد أنباء تخلي الإمبراطور أكيهيتو عن العرش.

يُعد منزل سوجا في محافظة أكيتا، حيث كانت عائلته تربي الفراولة، أحد أكثر المناطق تضررًا من الضائقة الاقتصادية الناتجة عن تقلص عدد سكان اليابان وكبر السن.

بينما تعهد سوجا باختيار الإصلاحيين لحكومته، ذكرت وكالة أنباء كيودو وتقارير إعلامية أخرى أنه قرر بالفعل الاحتفاظ باللاعبين الرئيسيين، وزير المالية تارو آسو، ووزير الخارجية توشيميتسو موتيجي، فيما أعلن الحزب أمس الثلاثاء أن الأمين العام للحزب الديمقراطي الليبرالي توشيهيرو نيكاي، وهو وسيط سياسي مخضرم، سيبقى في منصبه في ظل الإدارة الجديدة.

وذكرت وكالة الأنباء اليابانية أن الأخ الأصغر لآبي، نوبو كيشي، سيتولى منصب وزير الدفاع، بينما سيتولى وزير الدفاع الحالي تارو كونو منصب وزير الإصلاح الإداري.

وتصاعدت التكهنات بشأن إجراء انتخابات عامة مبكرة في أعقاب زيادة الدعم للحكومة. قال سوغا مرارًا وتكرارًا إنه سيكون من الصعب إجراء تصويت بينما فيروس كورونا يتزايد في الانتشار. إن سلطة حل البرلمان لإجراء انتخابات عامة من اختصاص رئيس الوزراء، ولا يلزم عقد أي منها لمدة عام آخر.

وأعلن سوجا أن العهد الجديد في ظل ولاية الإمبراطور ناروهيتو سيحمل اسم “رايوا” والذي يعني “التناغم الجميل”، ما جعله شخصياً يُلقب باسم “العم رايوا”.

وحين أعلن شينزو آبي في 28 أغسطس/ آب عزمه الاستقالة من منصبه لأسباب صحية، كان المتوقع على نطاق واسع أن يكون سوغا في مقدمة السباق لخلافته.

ومع إعلان سوغا رسمياً عن ترشحه في الثاني من سبتمبر/ أيلول، كانت الفصائل الرئيسية في الحزب الحاكم قد أكدت بالفعل دعمها للرجل الذي تولى منصب وزير شؤون مجلس الوزراء لسنوات، وبدعم الحزب، يكون سوغا قد أصبح أول زعيم للحزب الليبرالي الديمقراطي لا ينتمي لأي فصيل حزبي أو عائلة سياسية.

على خطى آبي الذي تولى رئاسة الوزراء لأطول فترة في تاريخ اليابان، يُعتقد أن يوشيهيدي سوغا يمثل الاستمرارية والاستقرار.

وحين أعلن عن ترشحه لزعامة الحزب الليبرالي الديمقراطي قال إنه سيواصل السياسة الاقتصادية المميزة لآبي، والتي تقوم على التسهيلات النقدية والتحفيز المالي والإصلاحات الهيكلية.

كما يسعى إلى مراجعة دستور اليابان الذي صيغ بعد الحرب العالمية الثانية، بما يضفي الشرعية على قوات الدفاع الدفاع الذاتي، وهي إحدى المرتكزات الأساسية لأجندة آبي.

غير أن أولويته في الوقت الحالي تنصب على التعامل مع تفشي وباء كوفيد-19 وما خلفه من انكماش اقتصادي.

وتشهد اليابان أكبر انكماش اقتصادي في تاريخها الحديث، فيما يخطط سوجا لتوسيع نطاق اختبارات الكشف عن الإصابة بالفيروس، وتأمين إمدادات كافية من اللقاحات خلال النصف الأول من عام 2021. كما يسعى إلى إعادة إحياء الاقتصادات الإقليمية من خلال رفع الحد الأدنيى للأجور وتعزيز الإصلاحات الزراعية وتشجيع السياحة.

وفيما يخص السياسة الخارجية، يعطي سوجا الأولوية للتحالف الأمريكي الياباني طويل الأمد، ويأمل في الوصول إلى “منطقة حرة ومفتوحة في المحيطين الهندي والهادئ”، كما يسعى إلى الحفاظ على علاقات مستقرة مع الصين.

ويطمح سوجا كذلك إلى مواصلة الجهود من أجل حل أزمة اليابانيين المختطفين من جانب كوريا الشمالية خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وعقد لقاء مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون دون شروط مسبقة.

ربما يعجبك أيضا