ميدفيديف في الصين.. تنسيق موسكو وبكين يصل إلى المستوى الحزبي

بسام عباس

تعمل الصين وروسيا على تطوير شراكة استراتيجية شاملة بينهما، وهو خيار استراتيجي اتخذه الجانبان مع مراعاة خصوصياتهما ومصالحهما الاستراتيجية.


التقى الرئيس الصيني، شي جين بينج، الأربعاء 21 ديسمبر 2022، رئيس حزب “روسيا المتحدة”، ديمتري ميدفيديف.

وجاءت زيارة ميدفيديف للصين بدعوة من الحزب الشيوعي الصيني. وسلط الجانبان الضوء على مستوى العلاقات الصينية الروسية العميقة، وناقشا الأزمة الأوكرانية، وتوقع الخبراء أن تعزز هذه الخطوة التقدم في محادثات السلام.

شراكة استراتيجية

ذكرت صحيفة “جلوبال تايمز” الصينية، الأربعاء، أن الرئيس الصيني قال خلال اللقاء، إن العلاقات المؤسسية بين الحزب الشيوعي الصيني وحزب روسيا المتحدة، أصبحت قناة فريدة لتوطيد الثقة السياسية المتبادلة وتعزيز التعاون المشترك، وإظهار التنسيق الاستراتيجي بين البلدين.

وأشار شي إلى أن العلاقات الصينية الروسية صمدت أمام عدد من الاختبارات المتعلقة بالتغيرات الدولية، محافظة على تطور منسجم ومستقر للاتصالات الثنائية رفيعة المستوى، موضحًا أن تطوير شراكة استراتيجية شاملة بين الصين وروسيا في الحقبة الجديدة هو خيار استراتيجي اتخذه الجانبان مع مراعاة خصوصياتهما ومصالحهما الاستراتيجية.

جزء حيوي

من جانبه، قال ميدفيديف إن التعاون بين حزب روسيا المتحدة والحزب الشيوعي الصيني جزء حيوي من العلاقات الروسية الصينية، مشيرًا إلى أنه في السنوات الأخيرة، حافظ الطرفان على علاقات رفيعة المستوى، وأن الجانبين حققا تعاونًا مكثفًا، حسب “جلوبال تايمز”.

وأضاف ميدفيديف أن حزب “روسيا المتحدة” يرغب في تنفيذ التوافق الذي توصل إليه رئيسا الدولتين، مضيفًا أنه سيعزز نشاط التعاون الثنائي في قطاعات الاقتصاد والتجارة والطاقة والزراعة، ويقاوم الضغوط الخارجية المختلفة والإجراءات غير العادلة، ويعزز أكثر تطوير شراكة تنسيق استراتيجية شاملة بين روسيا والصين.

نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، يلتقي الرئيس الصيني شي جين بينج

نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، يلتقي الرئيس الصيني شي جين بينج

شراكة بلا حدود

نشر ميدفيديف مقطعًا مصورًا على قناته في “تليجرام“، ظهر فيه وهو يلتقي شي ويبتسم لالتقاط صور، إلى جانب لقاء آخر بين مسؤولين صينيين وروس. وقال ميدفيديف إنه ناقش مع شي الشراكة الاستراتيجية “بلا حدود” بين البلدين، وكذلك الوضع في أوكرانيا.

وأضاف: “ناقشنا التعاون بين الحزبين الحاكمين في الصين وروسيا، والتعاون الثنائي في إطار شراكتنا الاستراتيجية، بما في ذلك التعاون الاقتصادي والإنتاج الصناعي، وناقشنا أيضًا قضايا دولية، وشمل ذلك بالطبع الصراع في أوكرانيا”. وعلق: “المحادثات كانت مفيدة”.

الحرب الروسية الأوكرانية

أوضح ميدفيديف أنه توجد أسباب لأزمة أوكرانيا، وأنها معقدة للغاية، لافتًا إلى أن روسيا مستعدة لحل المشكلات من خلال محادثات السلام، وقال الخبراء إن القوى الكبرى في المجتمع الدولي تدعو إلى محادثات سلام لتسوية الأزمة الأوكرانية، وتأمل الصين أن تلعب دورًا أكبر في حل الأزمة، بحسب الصحيفة الصينية.

وفي تصريحات إلى “جلوبال تايمز”، قال مدير قسم الدراسات الأوروبية في معهد الصين للدراسات الدولية، كوي هونج جيان، إن هذا اللقاء يمكن أن يعزز تقدمًا أكثر عمقًا لمحادثات السلام بين الأطراف المعنية، فقد أبدت روسيا مؤخرًا استعدادها للحوار، وقال مراقبون إن أوكرانيا تواجه ضغوطًا أكبر من الولايات المتحدة وأوروبا.

الموقف الصيني من الحرب

من جانبه، قال شي إن الصين تقرر موقفها وسياستها، وفق معطيات القضية المعنية، مشددًا على أن بكين تلتزم بالموضوعية والإنصاف، وتعزز محادثات السلام، معربًا عن أمله أن تمارس الأطراف المعنية ضبط النفس، وتجري حوارًا شاملًا، وتعالج المخاوف الأمنية المشتركة عبر الوسائل السياسية.

وقال كوي هونج جيان، إن موقف الصين من الحرب الروسية الأوكرانية كان واضحًا وأكثر مرونة، فالصين لم تنخرط في الصراع مثل الغرب، ومن حيث المصداقية أو القدرة لا يمكن لدور الغرب أن يقارن بدور الصين.

مناورات بحرية مشتركة

أوضحت الصحيفة الصينية أنه في اليوم الذي التقى فيه شي وميدفيديف، انطلقت مناورات بحرية مشتركة بين البلدين في بحر الصين الشرقي، قال ضباط وخبراء البحرية إنها تعكس مدى الثقة الاستراتيجية المتبادلة بين البلدين، وستعزز قدرات قواتهما البحرية في التعاون المشترك أمام تهديدات الأمن البحري.

ونقلت عن محللين قولهم، إن التدريبات تجري على أساس جدول التعاون العسكري السنوي، ولا تستهدف أي طرف ثالث، أو تتعلق بالوضع الدولي الحالي، مشيرة إلى أن السفن الحربية الصينية انطلقت من ميناء بحري في تشوشان بمقاطعة تشجيانج، ووصلت إلى المنطقة المحددة في بحر الصين الشرقي للالتقاء مع السفن الروسية.

مناورات بحرية مشترك بين الصين وروسيا

مناورات بحرية مشتركة بين الصين وروسيا

ثقة متبادلة

أوضحت “جلوبال تايمز” أن هذه المناورات تعكس مستوى رفيعًا من الثقة الاستراتيجية المتبادلة بين الجيشين الصيني والروسي، فقد أرسل الجانبان سفنهما القتالية الرئيسة بمعدات متطورة، حسب ما قال خبير عسكري صيني مطلع على التدريبات المشتركة بين الصين وروسيا.

وأضاف الخبير العسكري أن مثل هذه التدريبات البحرية المشتركة لها أهمية في حماية السلام والاستقرار في المنطقة، في حين قال مراقبون إن سلسلة المناورات البحرية المشتركة هي أكبر سلسلة من التدريبات البحرية الثنائية بين الصين وروسيا، وأصبحت مشروعًا حيويًّا للتعاون بين الجيشين منذ المناورة الأولى 2012.

تعاون مستمر

قالت وكالة “أسوشيتد برس” إن موسكو وبكين كشفتا عن تعاون عسكري متنامٍ في الأشهر الأخيرة، ففي نوفمبر، حلقت قاذفات “تي يو 95” التابعة لسلاح الجو الروسي، وقاذفات القنابل الصينية “إتش 6 كيه”، في دوريات مشتركة فوق بحر اليابان وبحر الصين الشرقي كجزء من التدريبات.

وأضافت أن المناورات الحالية هي المرة الأولى، التي ترسل فيها الصين قوات من 3 أفرع من جيشها، للمشاركة في مناورة روسية واحدة، في حين وصف بأنه استعراض لاتساع وعمق الثقة المتبادلة بين الصين وروسيا.

ربما يعجبك أيضا