هل الـ”سي آي إيه” قادرة على إثبات تهمة الفيروس التاجي على الصين؟

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

الجدل ما زال قائما بين الإدارة الأمريكية وما يصدره الرئيس الأمريكي من تصريحات وتعليقات بشأن ما إذا كانت الصين هي مصدر فيروس كورونا المستجد، وإن كانت تعمدت بنشر الفيروس إلى بقية أنحاء العالم.. نظرية “المؤامرة” تظهر من جديد، بعد تكشف بعض الحقائق عن هذا الفيروس.

السؤال: ما هو دور الاستخبارات، تحديدا الـ”CIA” بالتحقق والوصول إلى النتائج؟ أبرز هذه المهام الافتراضية، هو وصول عملاء الاستخبارات المركزية، إلى المصاب “صفر” داخل مختبر “ووهان” والذي ترك العمل، وربما هو من قام بنشر الفيروس إلى عامة المواطنين في الصين.

التحقيقات جارية لتحديد ما إذا كان من الممكن أن يكون الفيروس التاجي قد انتقل لأول مرة إلى البشر خلال تجارب مع الخفافيش في مختبر ووهان لمعهد الفيروسات، وفقا تقارير فوكس الأمريكية، الاستخبارات المركزية الأمريكية هي من تولت ملف التحقيق.

وأكد مسؤول استخباراتي أمريكي أن مجتمع المخابرات يسعى بنشاط للحصول على معلومات حول الموضوع ويقومون بإطلاع المشرعين على نتائجهم، وفقًا لتقرير شبكة “سي بي إس”.

وقالت مصادر إعلامية أمريكية، تم إبلاغها بالمعلومات الاستخبارية للمنفذ، إن “المريض صفر” يعمل في مختبر ووهان، ونشر الفيروس إلى السكان المحليين بعد ترك العمل.

زعم السيناتور عن ولاية أركنساس توم كوتون أن الصين “عمدًا” سمحت لبقية العالم بالعدوى بفيروس الرواية التاجية الجديد، وأدلى بهذه التصريحات بعد أن تبين أن مسؤولي المخابرات الأمريكية يحققون فيما إذا كان الفيروس قد يكون تسرب من مختبر في ووهان.

قال كوتون: حتى لو كان هناك نقص في “الأدلة القاطعة” حول مكان نشأة الفيروس، فإن التستر في الأسابيع التي تلت انتشار الفيروس سمح للمرض بالانتشار خارج الصين؛ لإحداث دمار في بقية العالم. وأضاف توم كوتون: “هناك الكثير من الأدلة الظرفية للإشارة إلى أن تلك المختبرات هي مصادر لهذا الوباء. 

وأضاف :”لا يوجد دليل عملي، ظرفي أو مباشر، للإشارة إلى سوق المواد الغذائية في ووهان”.

نفي صيني
الصين دحضت بشدة الادعاءات القائلة بأن الفيروس التاجي كان يمكن أن يعبر لأول مرة إلى البشر عن طريق الخطأ أثناء التجارب مع الخفافيش في معهد ووهان لمعمل الفيروسات.

 ونفى مدير مختبر يدرس الفيروس التاجي في ووهان يوان تشي مينغ Yuan Zhiming – أن يكون الخطأ قد انتشر عن طريق الخطأ من منشأته. وقال يوان تشي -لوسائل الإعلام الحكومية يوم 18 أبريل 2020- “لا توجد طريقة من أن يأتي هذا الفيروس منا”. جاء إنكار يوان بعد أيام من جولة جديدة من التقارير التي توحي بأن الفيروس التاجي الجديد هرب من معهد ووهان أو مختبر آخر مماثل على بعد أميال في المدينة الصينية.

تحذيرات أمريكية من احتمالات تفشي كورونا منذ عام 2018
لكن المسؤولين الأمريكيين قبل سنتين، أثاروا مخاوف بشأن ظروف السلامة في معهد ووهان للفيروسات، وأفادت صحيفة واشنطن بوست نقلًا عن مصادر استخبارية أن دبلوماسيي علوم أمريكيين أرسلوا إلى المختبر في مارس 2018 أصدروا دبلوماسيين “حساسين” حول إجراءات السلامة غير الملائمة في المختبر.

وحذر مسؤولون أمريكيين -وفقا لتقرير نيويورك تايمز نشر في 19 أبريل 2020- من أن التجارب التي أجريت في المختبر حول فيروسات التاجية في الخفافيش “تمثل خطرًا لوباء جديد يشبه السارس”، وفقًا للتقرير.

وجاء في البرقية، التي كتبها مسؤولان بالسفارة الأمريكية الصينية، هناك “نقص خطير في الفنيين والمحققين المدربين تدريبًا مناسبًا والذين يحتاجون لتشغيل هذا المختبر عالي الاحتواء بأمان” ، طبقًا للتقرير.

الاستخبارات المركزية، سجلت إخفاقا كبيرا في تعاملها مع ملف فيروس كورونا، بعدم الوصول حتى الآن إلى المصاب صفر، كذلك لم تحصل بعد على شهادات أو وثائق وأدلة على ما حصل في مختبرات واهان الصينية.

العنصر البشري وجمع المعلومات، ما زال يمثل تحديا للاستخبارات المركزية الأمريكية “CIA” رغم تفوقها في تكنلوجية المعلومات. صحيح أن المراقبة الفضائية أو الجوية المحتملة لوكالة NASA على مختبر ووهان، وعلى عمليات دفن أو حرق جثث الضحايا مستمرة، لكنها تبدو عاجزة حتى الآن عن الحصول على عملاء من داخل المختبرات الصينية، وما يدعم ذلك أن الرئيس ترامب حتى الآن لا يستطيع الجزم أن الصين كانت مصدر الفيروس وأنها تعمدت نشره.
إن تعامل إدارة ترامب مع تحذيرات فريق أمريكي زار معهد واهان عام 2018، وعدم متابعة وكالة الاستخبارات المركزية، لاحتمالات فيروس كورونا، كان يمثل إخفاقا استخباراتيا.

عقدة المصادر البشرية عند الـ”CIA”
إن نقص معلومات الاستخبارات المركزية في الدول المغلقة مثل الصين، هي عقدة قديمة جديدة للــ”CIA”، وكانت تجربة الاستخبارات المركزية خلال حرب الخليج الثانية في العراق عام 1990، نموذجا في فشلها، بجمع المعلومات من أجل التحقق إن كان العراق بالفعل يملك أسلحة كيميائية.

ما يجري اليوم، يذكر بمشهد ” تحضير مسرح العمليات” لضرب العراق في حرب الخليج الثانية 1990 و1991، قضية المختبرات العراقية المتحركة الخاصة “بالأسلحة البيولوجية “حسب ادعاء عميل عراقي “ر. ج” لجأ إلى ألمانيا، وكان يقدم معلومات كاذبة ونجح في خداع وكالة الاستخبارات الخارجية الألمانية BND والاستخبارات المركزية الأمريكية “CIA” معًا من أجل ضرب العراق.

عميلة الاستخبارات المركزية الأمريكية “CIA” التي كانت تمسك بملفات الأسلحة البيولوجية عبر العالم ومنها ملف العراق، اعترفت، أنها رغم زيارات فرق التفتيش للعراق، لم تستطيع أبدا تجنيد مصدر بشري واحد! يذكر أن العميلة السابقة في وكالة الاستخبارات الأمريكية فاليري بليم ويلسون هي زوجة الدبلوماسي جوزيف ويلسون الذي سبق وأن وجّه في العام 2003، اتهامات لإدارة الرئيس الأسبق جورج بوش، بتغيير معلومات المخابرات لتبرير قضية غزو العراق، وسبق ان عمل قائم بأعمال السفارة الأمريكية في بغداد أيام ما قبل حرب الخليج الثانية.

يبدو أن ترامب، تعلم الدرس من بوش، لحد هذه اللحظة، ولا يريد أن يقع في ذات الخطأ، وأن ما تقوم به وكالة الاستخبارات الوطنية من جوسسة جوية ومراقبة، لا تدعم إلا قليلا مساعي ترامب، بإثبات مصدر فيروس كورونا، وما يعقد الجهود الأمريكية، هو فشلها في تجنيد عملاء من الصين داخل مختبرات واهان، وهذا يعني أن الجدل والتكهنات ستبقى قائمة، بسبب غياب مصادر المعلومات البشرية.

ربما يعجبك أيضا