هل تسعى حكومة نتنياهو لتقييد المحكمة العليا لصالح سياسات اليمين؟

محمد عبد الدايم

رؤية – محمد عبدالدايم

ارتفع الصخب مجددا خلال الأيام الماضية مع توالي ردود الأفعال السياسية والقضائية والجماهيرية حول مشروع قانون التخطي الذي قدمه كل من وزير التعليم نفتالي بينط ووزيرة القضاء أييلت شاقيد.

كان بينط و شاقيد (رئيس وعضوة حزب هَبيت هيهودي) قد قدما، مذكرة قانون أساس يفرض قيودا أكثر على المحكمة العليا الإسرائيلية، بحيث لا تستطيع إلغاء قوانين إلا بمجموع تسعة قضاة، وبغالبية الثلثين منهم.

كما شمل المقترح تمكين الكنيست من إعادة تشريع قوانين قد ألغتها المحكمة العليا، وذلك بغالبية 61 عضو كنيست (50% زائد 1 من أعضاء الكنيست).

المعسكر الصهيوني يتمترس أمام المحكمة العليا

أثار مشروع القانون جدلا كبيرا في إسرائيل، مع السعي لتمريره داخل الكنيست الإسرائيلي، حيث تظاهر المئات من أعضاء تكتل المعسكر الصهيوني واصطفوا أمام مبنى المحكمة العليا بالقدس في وقفة احتجاجية ضد مساعي حكومة نتنياهو لتقييد المحكمة، وتصدر الوقفة رئيس حزب هاعفودا آفي جفاي الذي قال: “إن المحكمة العليا هي محكمة الإسرائيليين كافة وليست في خدمة نتنياهو وحكومته”.

وأضاف: “هذا الجدار البشري الذي يقف أمام المحكمة العليا إنما يأتي لحمايتها من طغيان النظام الحاكم، وللحفاظ على إسرائيل الديمقراطية”.

تهديد لائتلاف نتنياهو

وفيما لم يتحدد بعد موعد للقاء بين نتنياهو وبين رئيسة المحكمة العليا؛ فقد هدد بينط بعدم مشاركة كتلة هبيت هيهودي بالتصويت إلى جانب الائتلاف الحكومي مالم يتحدد موعد للتصويت على مشروع القانون خلال عشرة أيام على الأكثر.

وأصدرت كتلة هبيت هيهودي بيانا وافقت فيه على تأجيل مناقشة مشروع القانون لمدة أسبوع بناء على طلب نتنياهو، لكنها لن تتراجع عن إقرار القانون الذي ادعت أنه “أحد أهم الإجراءات الدستورية في إسرائيل من أجل مكافحة الإرهاب وإخراج المتسللين غير القانونيين”.

يأتي هذا الجدل حول القانون بعد مساعي حثيثة من حزب نفتالي بينط لإقرار قانون بالكنيست يسمح بطرد المتسللين الأفارقة، ويمنع المحكمة العليا من الاعتراض عليه لاحقا، وتأتي مساعي بينط للالتفاف حول قرار المحكمة العليا التي ألغت نسخة أولية من قانون يمنع التسلل إلى إسرائيل.

هدف القانون

من الواضح أن الهدف الرئيس من مشروع القانون هو تغليب السلطة التشريعية ممثلة في حكومة الائتلاف اليميني بزعامة نتنياهو على السلطة القضائية ممثلة في المحكمة العليا الإسرائيلية، مما يسمح للحكومة بسن القوانين التي تناسب الائتلاف الحاكم مع تقييد المحكمة العليا بما يمنعها من رفض قوانين حكومة نتنياهو.

كحلون يعارض

غير أن وزير المالية موشيه كحلون أحد أعضاء الائتلاف الحكومي ورئيس حزب كولانو قد أعلن رفضه المساس باستقلال قرارات المحكمة العليا، ومن ثم رفض مشروع قانون التخطي الذي يقيد السلطة القضائية.

هاليكود يظل في الصدارة

على جانب آخر أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة بانيلبوليتيكس لصالح قناة الكنيست أن حزب هاليكود من المنتظر أن يظل متصدرا المشهد السياسي ومعه أحزاب اليمين، فالاستطلاع الذي أقيم على خلفية إعلان كحلون رفضه لمشروع قانون التخطي قد أشار في نتائجه إلى أن نحو 45% من الجماهير لا يعتقدون أن نتنياهو يصر على مشروع القانون الذي يرفضه كحلون من أجل حل الائتلاف الحكومي والدعوة لانتخابات مبكرة، فيما أظهر الاستطلاع أن نسبة 27% يعتقدون أن إصرار نتنياهو على القانون يهدف بالفعل لانتخابات مبكرة. 

وبالنسبة لعدد مقاعد الكنيست؛ فقد أظهر الاستطلاع أن حزب هاليكود ربما يحصل على 29 مقعدا إذا ما أجريت انتخابات مبكرة، ويليه حزب ييش عاتيد بحصوله على 20 مقعدا، فيما جاء حزب هبيت هيهودي ثالثا بعدد 12 مقعدا متخطيا تكتل المعسكر الصهيوني بزعامة آفي جفاي رئيس حزب هاعفودا الذي تراجع ليحصل على 10 مقاعد فقط.

الاستطلاع يشير إذا إلى أن الحكومة القادمة لن تخرج عن سيطرة اليمين الإسرائيلي، في وجود نتنياهو أو في تواريه عن المشهد، ولا يختلف الأمر إذا ما تم تمرير مشروع قانون التخطي أو لم يمر، فحزب هاليكود يستطيع بناء ائتلاف حكومي يميني يكفل له السيطرة من جديد على مقاليد الحكومة الإسرائيلية في ظل التراجع الكبير لمؤشرات تكتل المعسكر الصهيوني.

من المرجح ألا يضع رفض كحلون لقانون التخطي موقف حزب هاليكود وحليفه في الائتلاف الحكومي حزب هبيت هيهودي، فإذا ما اضطر نتنياهو لحل الائتلاف والدعوة لانتخابات مبكرة من المتوقع أن يظل الوضع القائم كما هو، مع صعود لحزب ييش عاتيد بزعامة يائير لابيد، مما يشير بكل وضوح إلى أن النظام السياسي الإسرائيلي القادم سيكون مشكلا من قوى يمينية في مواجهة بعضها مع تراجع مهين لقوى اليسار.

وخلال خطابه أمام المتظاهرين هاجم جفاي حزب ييش عاتيد الذي يتزعمه يائير لابيد، ودعاه لعدم الصمت أمام محاولات نتنياهو وحكومته السيطرة على المحكمة العليا، وانضمت تسيبي ليفني للمظاهرة ودعت للوقوف أمام مشروع القانون الذي يهدم “إسرائيل الديمقراطية”.

بينط يضغط لتمرير القانون

على الجانب الآخر يسعى حزب هبيت هيهودي لتمرير مشروع القانون بأسرع وقت ممكن، فقد أعلن وزير التعليم نفتالي بينط أن اللجنة الوزارية سوف تناقش مشروع القانون خلال الأسبوع القادم.

من ناحيته أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأجيل مناقشة القانون إلى حين لقائه مع رئيسة المحكمة العليا إستير حيوت التي وافقت على مقابلته ووزيرة القضاء أييلت شاقيد شريطة تأجيل جلسة مناقشة القانون.

ربما يعجبك أيضا