هل يجلس فرقاء السودان على طاولة المفاوضات؟

سحر رمزي

رؤية – محمود رشدي

وفي وقت تصاعد حدة التناحر بين الفرقاء السياسيين، تعالت الدعوات المحلية والدولية لتهدئة الأوضاع للجلوس على طاولة المفاوضات، تعيش السودان حالة من الصراع الداخلي بين المجلس العسكري- قائد المرحلة الانتقالية عقب سقوط نظام البشير- وقوى المعارضة السودانية، ودخل على خط الأزمة دعوات داخلية من فصائل سياسية بارزة وأطراف إقليمية تدعو المتنازعين للتفاوض.

قال رئيس أركان الجيش السوداني، الفريق الركن هاشم عبد المطلب: إنّ “القوات المسلحة ملتزمة بواجباتها الدستورية، ومهامها الوطنية، بحماية البلاد وعدم التفريط في أمنها واستقرارها.”

واطّلع عبد المطلب، أمس، على مجمل الأوضاع الأمنية بولاية النيل الأزرق، جنوب البلاد، التي تشهد اشتباكات بين قوات الدولة، والحركة الشعبية قطاع الشمال.

وبحسب وكالة السودان للأنباء؛ فإن رئيس الأركان أشاد بمستوى التنسيق العالي بين القوات النظامية في ولاية النيل الأزرق (القوات المسلحة- قوات الدعم السريع- قوات الشرطة- جهاز الأمن والمخابرات الوطني).

وتأتي الزيارة للاطمئنان على الأحوال الأمنية بالولاية، وتنوير منتسبي القوات المسلحة، والقوات النظامية الأخرى بمجريات الأحداث وتطوراتها السياسية والأمنية بالبلاد.

إلى ذلك، أعلن الزعيم السياسي والديني السوداني، الصادق المهدي، رفضه أيّ تصعيد جديد، بين أطراف النزاع السوداني، بعدما أعلن “تحالف الحرية والتغيير” تسيير موكب مليونيّ، في الثلاثين من الشهر الجاري.

لا مناص من التفاوض السياسي

وطلب المهدي، في مؤتمر صحفي، أمس، من أطراف النزاع في السودان، وضع المصلحة الوطنية نصب أعينهم وانتهاج موقف وطني “يحافظ على الثورة، ويدرأ الفتنة، وفق صحيفة “الشرق الأوسط”.

وقال المهدي: إنّ “تكوين حكومة من طرف المجلس العسكري الانتقالي يُعدّ تصعيدًا من قبله، والدعوة لمواكب مليونية، في 30 (يونيو) الجاري، تصعيد في غير وقته”، داعياً إلى انتظار نتائج المبادرة الأفريقية الإثيوبية الموحدة.

ورحّب المهدي بالمبادرتين الإثيوبية الأفريقية و”المبادرة الوطنية”، ودعا أصحاب المبادرة الوطنية للاتصال والتنسيق مع المبادرة الأفريقية، وإعداد أوراق عمل مشتركة، لكنّه استنكر سيل الجرائم التي رافقت فضّ الاعتصام من أمام القيادة العامة، وتابع: “يجب الاعتراف بارتكاب المأساة، وتكوين لجنة مستقلة”.

ودعا المهدي الأطراف لوضع المصلحة الوطنية نصب أعينهم، منتقداً العملية السياسية الحالية، بقوله: “هناك من دعموا المجلس العسكري ليفعل ما يشاء، وهناك من يصفونه بأنه (إنقاذ) ثانية، وهذان موقفان يدفعان الوطن للهاوية”.

واشترط المهدي على المجلس العسكري الاعتراف بما سماه “ارتكاب المأساة”، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة تحقق في أحداث الثالث من يونيو، بيد أنّه قطع بـ “دور تاريخي للمجلس العسكري لعبه في عزل الطاغية”.

وأرجع المهدي التأخير في التوصل لاتفاق مع المجلس العسكري إلى تباين الآراء والمواقف داخل مكونات قوى “إعلان الحرية والتغيير”؛ كونها تضمّ أحزاباً يمينية ويسارية ووسطية.

وحذّر المهدي مما سمّاه تدخلات كثيرة في السودان، بقوله: “السودان سيكون قِبلة لتدخلات كثيرة إقليمية ودولية”، مضيفاً: “كان السودان موضوع أربعة مؤتمرات دولية”، وأردف: “السودان، رغم انفصال جنوبه، ما يزال إفريقيا مصغّرة”، وتابع: “إذا أصبح السودان مضطرباً فسيجمع كلّ حركات العنف والغلو في المنطقة”.

الوساطة الإثيوبية

التقى أحمد رئيس المجلس العسكري الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وعددًا من أعضاء المجلس، ثم التقى قادة تحالف “قوى الحرية والتغيير” المعارض، وناقش مع الطرفين استئناف المفاوضات، وحث الجميع على التحلي “بالشجاعة والمسؤولية، باتخاذ خطوات سريعة نحو فترة انتقالية ديمقراطية وتوافقية في البلد”.

دعا آبي أحمد أطراف الأزمة في السودان إلى العودة إلى مائدة المفاوضات لـ”السير سريعًا نحو اتفاق يؤسس لمرحلة انتقالية ديمقراطية”، وطالبهما بـ”الابتعاد عن الاتهامات”. كما اقترح أن يتشكل المجلس السيادي -النقطة الخلافية الأساسية بين المجلس العسكري و”الحرية والتغيير” قبل مذبحة فض اعتصام القيادة العامة – من 8 مدنيين و7 عسكريين وأن تكون رئاسته دورية.

عاد آبي أحمد إلى أديس أبابا في نفس اليوم، لكنه أبقى في الخرطوم مستشاره الخاص لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، على أمل أن تكون هناك نقاشات معمقة مع كلا الطرفين، مع احتمالية عودة رئيس وزراء إثيوبيا إلى الخرطوم خلال أسبوع لمواصلة مساعي الوساطة.

ظاهريًا، ثمّن المجلس العسكري مبادرة الوساطة الإثيوبية وأكد “حرصه وانفتاحه على التفاوض للوصول إلى تفاهمات مرضية تقود إلى تحقيق التوافق الوطني، والعبور بالفترة الانتقالية إلى بر الأمان، بما يفضي للتأسيس للتحول الديمقراطي الذي هو هدف التغيير والتداول السلمي للسلطة في البلاد”، أما على أرض الواقع، صعد المجلس ضد المعارضة وألقى القبض على ثلاثة من قادة حركة الاحتجاج الشعبية بعد لقائهم رئيس الوزراء الإثيوبي!.

على الجانب الآخر، قبلت “قوى الحرية والتغيير” مساعي الوساطة الإثيوبية، لكنها رفضت التفاوض مباشرة مع المجلس العسكري واشترطت “أن يتحمل المجلس العسكري الانتقالي مسؤولية فض اعتصام القيادة”، الذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، بالإضافة إلى “إجراء تحقيق دولي في الواقعة، وإطلاق سراح السجناء السياسيين”، وطالبت “إتاحة الحريات العامة وحرية الإعلام، ورفع الحصار المفروض على الشعب السوداني بسحب المظاهر العسكرية من الشوارع، ورفع الحظر عن خدمة الإنترنت، قبل الحديث عن أي آفاق للعملية السياسية”.
   

ربما يعجبك أيضا