وول ستريت جورنال: بوتين يستعين بـ«سلاح سري» لإنقاذ قطاع الطاقة الروسي

آية سيد
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

يستعين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بكادر من التكنوقراط الشباب، الذين يتحدثون الإنجليزية بطلاقة ويلتزمون بأيديولوجيته القومية، لإنقاذ قطاع الطاقة الروسي من تأثير العقوبات الغربية.


تضرر الاقتصاد الروسي بشدة نتيجة للعقوبات التي فرضتها الدول الغربية ردًا على غزو أوكرانيا.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يعتمد على كادر من التكنوقراط الشباب ممن لديهم معرفة جيدة بالغرب لإيجاد أسواق جديدة لشركات النفط والغاز الروسية.

مصرفي شاب

حسب الصحيفة، يعتمد بوتين على مصرفي سابق في بنك “مورجان ستانلي”، وهو بافل سوروكين، الذي يبلغ من العمر 37 عامًا، للحفاظ على تدفق الأرباح. ويتولى سوروكين حاليًّا منصب نائب وزير الطاقة الروسي.

وتفاوض سوروكين، الذي درس الإدارة المالية في لندن، على صفقات في إفريقيا والشرق الأوسط، ولعب دورًا مبكرًا في تطوير “أوبك+”، وهي الشراكة التي تجمع روسيا ومنظمة الدول المُصدِّرة للبترول (أوبك).

وول ستريت جورنال: بوتين يستعين بـ«سلاح سري» لإنقاذ قطاع الطاقة الروسي

نائب وزير الطاقة الروسي، بافل سوروكين

بداية المسيرة

وُلد سوروكين في موسكو لكنه نشأ في قبرص لعائلة من الدبلوماسيين الروس. ثم عاد إلى روسيا لبدء مسيرته المهنية كمحاسب في “إرنست آند يونج”. وفي عمر 26، أصبح محللًا كبيرًا في “ألفا بنك”، أكبر بنك خاص في روسيا، قبل أن يحصل على الماجستير في الإدارة المالية من جامعة لندن.

ولاحقًا، انتقل إلى مكتب “مورجان ستانلي” في موسكو. وفي 2015، اختاره استطلاع لشركة “إكستل” كأحد أبرز المحللين في مجال النفط والغاز لروسيا ودول أوروبا، والشرق الأوسط وإفريقيا، وفق الصحيفة الأمريكية.

الصعود السياسي

في 2016، عيّن وزير الطاقة الروسي حينها ونائب رئيس الوزراء الآن، ألكسندر نوفاك، سوروكين مسؤولًا عن مركز أبحاث الطاقة في مجموعته. ووفق وول ستريت جورنال، توطدت العلاقة بينهما سريعًا، وكان نوفاك يصطحب سوروكين معه كمترجم في الفعاليات الدبلوماسية.

وخلال اجتماع في 2018، سأل بوتين عما يفعله سوروكين للحكومة، فأجاب: “أحد المشروعات الضخمة التي كنا نعمل عليها مؤخرًا هي الاتفاق على الحد من الإنتاج بين روسيا ودول أوبك”. ورد بوتين قائلًا: “حان الوقت لترقيتك”. وفي غضون أيام، أصبح سوروكين نائبًا لوزير الطاقة.

دور محوري

في مارس 2022، لعب سوروكين دورًا مؤثرًا في تضخيم آثار الأضرار التي لحقت بمنشأة تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين الروسي في البحر الأسود، وهي خطوة أثارت فزع الغرب ورفعت أسعار النفط، وفق ما نقلت الصحيفة عن سكرتيره الصحفي السابق وصحفية سابقة في وكالة أنباء “تاس” الروسية.

والشهر الماضي، كان سوروكين مؤثرًا في تحديد أسعار ثابتة لصادرات النفط الرئيسة لروسيا، وهي خام الأورال، بدلًا من السماح للأسواق بتحديد كم تدفع الشركات، حسب ما ذكر أشخاص مطلعون على المسألة.

وحسب وول ستريت جورنال، من المتوقع أن يجلب هذا القرار ضرائب بقيمة 8.2 مليار دولار لخزانة الدولة التي تعاني ضائقة مالية.

مهمة معقدة

حتى الآن، تعامل سوروكين وزملاؤه مع العقوبات بطريقة تركت روسيا تحت ضغط اقتصادي شديد، لكن دون أن تصبح عاجزة. وحسب الصحيفة، هذه المهمة ستزداد تعقيدًا مع ترسخ الآثار بعيدة المدى للعقوبات.

لكن المحللين يقولون إن سوروكين وزملاءه خالفوا التوقعات خلال العام الأول من الحرب الروسية الأوكرانية.

وول ستريت جورنال: بوتين يستعين بـ«سلاح سري» لإنقاذ قطاع الطاقة الروسي

بافل سوروكين ونائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك

سلاح سري

قال كبير محللي النفط في شركة “كبلر” لبيانات السلع، فيكتور كاتونا، إن سوروكين أصبح “السلاح السري” لروسيا في كسر حدة تأثير العقوبات الغربية. وحسب اعتقاده، استهان الكثير من حلفاء أوكرانيا بخبرة الجيل الجديد من صناع القرار في الكرملين المدربين في الغرب.

واتجه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى هؤلاء الوافدين الجدد، الذين يتحدثون الإنجليزية بطلاقة ويلتزمون بأيديولوجيته القومية، ونقلهم سريعًا إلى المستويات العليا للسلطة.

وقال كاتونا إن سوروكين “مثال لشيء لم يكن موجودًا في الاتحاد السوفيتي”، موضحًا أنه جزء من “سلالة جديدة من الشباب الذين امتلكوا الخيارات وقرروا العمل في الحكومة الروسية”.

تعويض الخسائر

بسبب الحرب في أوكرانيا، أصبحت روسيا تبيع معظم إنتاجها من الطاقة إلى الهند والصين بأسعار مخفضة. وجزئيًّا بسبب تلك التخفيضات، هبطت عائدات النفط والغاز الروسي 46% في يناير الماضي عن الشهر نفسه من العام السابق، حسب بيانات وزارة المالية الروسية.

ولتعويض هذه الخسارة، تحتاج روسيا إلى تنمية شركاء تجاريين جدد. وفي هذا الصدد، يُظهر سوروكين وزملاؤه بعض النجاح، لأن روسيا، وفق “كبلر”، صدرّت أكثر من 8 ملايين برميل نفط في يناير الماضي، وهو رقم قياسي رغم أنها تبيع بسعر مخفض يبلغ 30 دولارًا للبرميل.

وول ستريت جورنال: بوتين يستعين بـ«سلاح سري» لإنقاذ قطاع الطاقة الروسي

مصفاة نفط في روسيا

جهود حثيثة

وفق الصحيفة الأمريكية، شملت جهود سوروكين رحلة إلى عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، برازافيل، في سبتمبر الماضي، حيث استقبله رئيس الدولة. وعلى مدار يومين، أبرم سوروكين صفقة لإمداد منتجات النفط الروسية إلى الكونغو ولتولي شركتين روسيتين بناء خط أنابيب بقيمة 850 مليون دولار، حسب وثيقة اطلعت عليها وول ستريت جورنال.

وقبلها بشهر، التقى سوروكين وفدًا من أفغانستان، الخاضعة حاليًّا لسيطرة طالبان. وقال مساعد سابق مطلع على الاجتماع إن سوروكين لم يرتبك عندما عرض عليه الأفغان مقايضة الزبيب والأعشاب بالنفط. ولاحقًا، كشفت حكومة طالبان عن صفقة لتزويد كابول بالوقود الروسي.

كوادر شابة

وول ستريت جورنال: بوتين يستعين بـ«سلاح سري» لإنقاذ قطاع الطاقة الروسي

نائب وزير المالية الروسي، أليكسي سازانوف

لفتت الصحيفة الأمريكية إلى وجود مسؤولين صاعدين آخرين داخل الكرملين، مثل نائب وزير المالية، أليكسي سازانوف، 39 عامًا، الذي درس في أوكسفورد وعمل مع سوروكين في “إرنست آند يونج” في موسكو. ويلعب الآن، إلى جانب سوروكين، دورًا رئيسًا في إيجاد طرق لسد العجز سريع التوسع في روسيا.

وأصبح المحلل السابق في “بنك أوف أمريكا”، دينيس ديريوشكين، مدير الأبحاث بوزارة الطاقة في عمر الـ29، وممثلًا لروسيا في الاجتماعات التشاورية لأوبك التي تهدف إلى زيادة أسعار النفط.

وول ستريت جورنال: بوتين يستعين بـ«سلاح سري» لإنقاذ قطاع الطاقة الروسي

مستشار بوتين الاقتصادي، ماكسيم أورشكين

وإضافة إلى هذا، مستشار بوتين الاقتصادي الأكثر تأثيرًا، ماكسيم أورشكين، الذي تولى الوظيفة في عمر الـ38، عمل سابقًا في بنك “كريدي أجريكول” الفرنسي. وقاد استراتيجية ناجحة لدفع الشركات الأجنبية لشراء الغاز الروسي بالروبل.

ربما يعجبك أيضا