30 يومًا.. “الصحة العالمية” تنتظر معجزة لإرضاء ترامب!

كتب – حسام عيد

منذ أيام قليلة، لمّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أن الصين قد تكون المتهمة الأولى وراء فقدان الأرواح البشرية، يوميًا، في مختلف دول العالم، فهي الجهة الأجدى بتوجيه أي لوم لها، وكذلك بتلقي الأسئلة عن مستقبل العالم في ظل استمرار جائحة فيروس كورونا المستجد، فقد تكون لديها إجابة استثنائية مختلفة عن الجميع. واليوم الانتقاد والاتهام يتصاعد، حيث وصف ترامب منظمة الصحة العالمية بأنها “دمية للصين”، وتسير في ركبها، معطيًا إياهًا مهلة 30 يومًا، حتى يرى “تحسينات ملموسة”، وإلا سيقطع عنها التمويل الأمريكي.

اتهامات وانتقادات أعادت المنافسة والتوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين إلى الواجهة مجددًا، وبوتيرة أقوى، فأمريكا تؤكد أن فيروس كورونا ينحدر من الصين، وأن منظمة الصحة العالمية متواطئة في ذلك، لعد انتهاجها شفافية التعامل مع الأزمة، كما أن الأوضاع تزداد سوءًا يومًا عن الآخر، بينما ترى الصين أن تصريحات واتهامات دونالد ترامب ما هي إلا محاولات منه لتضليل الرأي العام العالمي وتشويه سمعة بكين.

مهلة الـ30 يومًا لمنظمة الصحة

افتتح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فصلًا جديدًا من فصول المواجهة مع منظمة الصحة العالمية، هذه المرة هدد ترامب بتعليق التمويل الأمريكي للمنظمة بصورة دائمة.

ومنح الرئيس الأمريكي، المنظمة، مهلة 30 يومًا، لإجراء تحسينات جوهرية، قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن تمويلها، بل ومضى ترامب إلى وصف منظمة الصحة العالمية بأنها “دمية في يد الصين”.

وقد قال ترامب إن الولايات المتحدة ساعدت في تمويل المنظمة الأممية وتستخدمها كأي دولة أخرى، لكنها أعطت البلاد الكثير من النصائح السيئة للغاية، نصائح رهيبة، وكانوا مخطئين والتزموا دائمًا جانب الصين.

وتابع الرئيس الأمريكي: “دفعت الصين 40 مليون دولار العام الماضي للمنظمة، وكنا ندفع 450 مليون دولار سنويًا، على مدى سنوات، لذا كنت أفكر في تخفيض التمويل إلى 40 مليون فقط وسنتخذ القرار النهائي قريبًا”.

ووجه ترامب رسالة لرئيس منظمة الصحة العالمية فند فيها ما اعتبرها أخطاء ارتكبتها المنظمة في إدارة أزمة انتشار فيروس كورونا، وقال الرئيس الأمريكي إن المنظمة تجاهلت التقارير الأولية عن ظهور الفيروس واتهمها بالقرب الشديد والتسامح مع الصين.

وكانت الإدارة الأمريكية قد علقت منتصف شهر أبريل الماضي تمويل المنظمة بصورة مؤقتة.

بكين.. ترامب يضلل الرأي العام

يتهم الرئيس الأمريكي المنظمة الدولية بعدم إصدار تحذير مبكر بما فيه الكفاية بشأن الفيروس الفتّاك وبالانقياد بصورة عمياء خلف الصين التي تنفي الاتهامات الأمريكية لها بالتستّر على مدى فداحة الوباء حين ظهر في مدينة ووهان (وسط) في أواخر العام الماضي.

كما ردت بكين بغضب على التصريحات الأمريكية، فقد اتهمت وزارة الخارجية الصينية ترامب بأنه يحاول صرف النظر عن “عدم كفاءة” إدارته في التعامل مع الأزمة.

وحثت الصين من وصفتهم بـ”بعض السياسيين الأمريكيين” على وقف “لعبة اللوم”، وذلك في تعليق للخارجية الصينية، على تهديدات الرئيس الأمريكي واتهاماته لمنظمة الصحة العالمية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو لي جيان، بعد سؤاله عن رسالة الرئيس الأمريكي ترامب إلى منظمة الصحة العالمية، “الرسالة الأمريكية مليئة بالغموض، وتحاول تضليل الجمهور لتلطيخ الصين وتحويل اللوم بعيدًا عن الاستجابة الضعيفة لانتشار فيروس كورونا”.

وأضاف المتحدث، “لا يزال فيروس كورونا ينتشر في الولايات المتحدة، المهمة الأكثر إلحاحًا هي التضامن والتعاون لإنقاذ الأرواح. نحن نحث بعض السياسيين الأمريكيين على وقف لعبة اللوم وهزيمة الفيروس معا”.

وعلق تشاو كذلك على تمويل بلاده لمنظمة الصحة العالمية، مؤكدًا أن “دفع الاشتراكات المقدرة بالكامل وفي الوقت المحدد هو التزام على كل دولة عضو في منظمة الصحة العالمية، ودعم منظمة الصحة العالمية هو دعم التعددية ودعم التعاون الدولي. من أجل إنقاذ الأرواح، تلتزم الصين بقواعد منظمة الصحة العالمية وتدفع مساهمتها المقدرة بالكامل”.

دعم أوروبي لمنظمة الصحة العالمية والصين

وتأتي انتقادات ترامب لمنظمة الصحة العالمية، في الوقت الذي ارتفعت فيه أعداد الوفيات نتيجة الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة لتصل إلى أكثر من 90 ألف حالة وفاة، فيما بلغت أعداد المصابين أكثر من مليون ونصف المليون شخص، وفقًا لإحصائيات جامعة جونز هوبكنز الأمريكية في يوم الثلاثاء الموافق 19 مايو 2020.

إلا أن روسيا نددت بما وصفته المحاولات الأميركية الهادفة إلى “تحطيم” منظمة الصحة العالمية التي تتهمها واشنطن بالتواطؤ مع الصين في أزمة فيروس كورونا المستجد وتهدد بوقف تمويليها بالكامل.

وعلقت وزارة الخارجية الروسية، قائلة: “روسيا تعارض مثل هذه التحقيقات الملفقة والاتهامات التي لا أساس لها. نحن ضدها بشكل قاطع”.

فيما أعلنت المفوضية الأوروبية، دعمها لمنظمة الصحة العالمية بعد تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقطع تمويل بلاده نهائياً عن المنظمة التي انتقدها مراراً بسبب إدارتها لأزمة فيروس كورونا المستجدّ.

ورداً على سؤال حول تصريحات ترامب الأخيرة بشأن منظمة الصحة، قالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية فيرجيني باتو “هذا وقت إظهار التضامن وليس (وقت) توجيه أصابع الاتهام أو تقويض التعاون المتعدد الأطراف”.

5 مجالات تؤجج التوتر الأمريكي-الصيني

وقد أشعلت جائحة فيروس كورونا، المنافسة بين أمريكا والصين في 5 مجالات، وسط تدهور العلاقات بين البلدين بشكل كبير.

وذكرت مجلة “فورين بوليسي” أنه “لا يوجد أدنى شك في أن العلاقات الأمريكية الصينية انهارت نتيجة جائحة كورونا، حيث حذر مركز فكري تابع للحكومة الصينية، في تقرير مسرب، الزعماء الصينيين، من خطورة انزلاق العلاقات الصينية الأمريكية إلى الصراع”.

واستعرضت المجلة الأمريكية، في تقرير نشرته، المجالات الخمسة التي تشتعل فيها المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، حيث تسببت جائحة “كورونا” في تسريع التوترات القائمة، دون أي مؤشر على التهدئة في الأفق.

وتمثلت هذه المجالات في؛ التنافس العسكري، التنافر والتباعد الاقتصادي، سوق تقنية 5G ومنافسة هواوي، مستقبل السيطرة والهيمنة، وأخيرًا التنافس المعلوماتي.

 

 

ربما يعجبك أيضا