8 رمضان 9 هجريًا.. «تبوك» آخر غزوات الرسول وانتصار دون قتال

ضياء غنيم
غزوة تبوك

قرر الرومان إنهاء القوة الإسلامية التي أخذت تهدد سيطرته على المنطقة؛ فتحالف الروم مع قبائل عربية، فكانت غزوة تبوك التي انتهت بلا قتال بسبب تشتت جيش الروم خوفًا من المواجهة


كانت غزوة تبوك آخر المعارك بقيادة الرسول الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وكانت بمثابة أول صدام سياسي حاسم في العلاقة بين دولة المسلمين الناشئة وإمبراطورية الروم.

استغرقت الغزوة نحو 50 يومًا قضى جيش المسلمين أغلبها في المسير ذهابًا وإيابًا، ورافقتها ظروف شديدة القساوة على المسمين، اجتمع فيها طول المسافة والقحط ما دعا لتسمية الجيش فيها بـ”جيش العُسرة”، فما سبب الغزوة وكيف أثرت على الدولة الناشئة؟

الإعداد للمعركة

علم الرسول الكريم بتجمع قوات رومية وعربية في البلقاء (في الأردن حاليًّا) تقدر بـ40 ألف مقاتل، تخطط للزحف نحو المدينة بهدف دعم حلفاء الروم من القبائل العربية، ووقف تمدد المسلمين على حساب مصالح الروم في شمال الجزيرة العربية والشام.

وفي ظروف الحر الشديد والقحط وقرب موسم جني الثمار أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بالإعداد للقتال والخروج لملاقاة الروم، ودعاهم لتجهيز جيش “العسرة” ولهم عظيم الثواب من الله سبحانه وتعالى، وهو ما جاء في الآية 117 بسورة التوبة {لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِىِّ وَٱلْمُهَٰجِرِينَ وَٱلْأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِى سَاعَةِ ٱلْعُسْرَةِ مِنۢ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍۢ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُۥ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}.

جيش العسرة

تألف الجيش من 30 ألف مقاتل وأسهم الصحابة الكرام في تجهيزه، فكان أبو بكر الصديق أسبقهم متبرعًا بكل ماله (أربعة آلاف درهم)، يليه عمر بن الخطاب بنصف ماله، وأنفق عبدالرحمن بن عوف مائتي أوقية فضة، فيما تكفل عثمان بن عفان بتجهيز ثلث الجيش بـ900 بعير و100 فرس و200 أوقية فضة وألف دينار، فقال الرسول الكريم: “ما ضَرَّ عثمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ”، رواه المناوي في تخريج أحاديث المصابيح.

وبلغت المشقة أن تناوب كل 18 رجلًا على بعير واحد، وضربت الجيش مجاعة فاستأذنوا الرسول بذبح الإبل حتى يسدوا جوعهم، فأشار عمر بن الخطاب على الرسول ألا يفعلوا ذلك نظرًا لطول الطريق وشدة الحاجة إلى رواحلهم ودوابهم.

انسحاب الروم بعد 20 يومًا من الانتظار

انتهت غزوة تبوك بانتصار جيش المسلمين وعودته إلى المدينة في 8 رمضان 9 هجريًّا بعد أن حققت الهدف المرجو منها في الداخل والخارج.

وانطلقت الغزوة في رجب عام 9 هجريًّا واستغرقت 50 يومًا، حيث وصل الرسول الكريم وجيش المسلمين إلى موقع المعركة في تبوك، وأقاموا فيها 20 يومًا انتظارًا لظهور جيش الروم الذي انسحب قبل المعركة.

“تبوك” تعزز مكانة المسلمين

عززت تبوك من مكانة المسلمين سياسيًّا وعسكريًّا خارج الجزيرة العربية وتطلعوا إلى الشام، وسارعت القبائل المتحالفة مع الروم (إماراتا دومة الجندل وإيلة) في طلب الصلح مع المسلمين.

ومن أبرز نتائج تبوك كشف أمر المنافقين إلى الأبد في الآيات القرآنية التي أثبتت خذلانهم للرسول الكريم في طلبهم عدم الذهاب للقتال وتخويف المسلمين من الذهاب لمحاربة الروم، وتأليب أهل المدينة ضد النبي محمد صلى الله عليه وسلم بزعمهم تركه علي بن أبي طالب في المدينة محاباة لابن عمه.

ربما يعجبك أيضا