هل يسارع العالم للحد من آثار التغير المناخي بعد ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا؟

بسام عباس

تقدم أوروبا صورة حية لعالم يزداد احترارًا، ما يكشف أن المجتمعات المستعدة جيدًا ليست في مأمن من آثار الظواهر المتطرفة.


أعلنت الأمم المتحدة أن درجات الحرارة في أوروبا ارتفعت أكثر من ضعفي المعدل العالمي على مدى العقود الثلاثة الماضية.

وأفادت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وخدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي في تقرير مشترك بأن منطقة أوروبا شهدت ارتفاعًا في درجات الحرارة بمقدار 0.5 درجة مئوية كل عقد منذ عام 1991.

العالم يحيد عن أهداف المناخ

وفق تقرير نشرته وكالة سي إن إن الأمريكية، أمس الأربعاء 2 نوفمبر 2022، فإن تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية يكشف كيف خرج العالم عن المسار الصحيح لأهداف المناخ، وهذا لا يقتصر على كونه مجرد مؤشر على تراجع الجهود العالمية للحد من الانبعاثات، بل يؤكد ارتفاع درجات الحرارة بالفعل.

وأوضح التقرير أن درجة الحرارة العالمية ارتفعت بنحو 1.2 درجة مئوية منذ الثورة الصناعية، في حين حذر العلماء من أن درجة الحرارة هذه يجب أن تقتصر على 1.5 درجة فقط، لتجنب أشد آثار أزمة المناخ، مع العلم أن بعض القارات تشعر بارتفاع درجة الحرارة أكثر من غيرها.

حرائق الغابات في أوروبا

صورة حية لعالم يزداد احترارًا

قالت “سي إن إن” في تقريرها إن عدد حرائق الغابات في الاتحاد الأوروبي، منذ بداية العام وحتى شهر يوليو، تضاعف 4 مرات عن متوسط ​​15 عامًا، في حين أدت موجات الحر القاتلة التي حطمت الرقم القياسي في المملكة المتحدة، إلى تهديد الصحة العامة والبنية التحتية.

ومن جانبه، قال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد، بيتيري تالاس، في مقدمة التقرير: “تقدم أوروبا صورة حية لعالم يزداد احترارًا، وقد تأثرت أوروبا بموجات الحر والجفاف، ما تسبب في تأجيج حرائق الغابات والفيضانات والدمار”.

ذوبان الجليد في جبال الألب

ذكر تقرير المنظمة أن الارتفاع في درجات الحرارة أدى إلى فقدان الأنهار الجليدية في جبال الألب 30 مترًا في سمك الجليد بين عامي 1997 و2021، وحذر من استمرار ارتفاع درجات الحرارة في أنحاء أوروبا بمعدل يتجاوز متوسط التغيرات في درجات الحرارة العالمية.

وأضاف التقرير أن الغطاء الجليدي في جرينلاند يذوب، ويسهم في تسريع ارتفاع مستوى سطح البحر، مشيرًا إلى أن أكبر جزيرة في العالم شهدت، في صيف عام 2021، أول هطول للأمطار على الإطلاق في أعلى نقطة لها.

جفاف استثنائي

كشف تقرير المنظمة أن القارة تعرضت لجفاف استثنائي هذا الصيف، ما أدى إلى جفاف بعض أهم أنهار العالم من الناحية الاقتصادية، وذلك الجفاف الذي حدث في أعقاب بعض أكثر الفيضانات تدميرًا التي شهدتها أوروبا على الإطلاق.

وأوضح أن ظواهر الطقس والمناخ المتطرفة، في عام 2021، تسببت في مئات القتلى، وأثرت مباشرةً في أكثر من نصف مليون شخص، وتسببت في أضرار اقتصادية تجاوزت 50 مليار دولار أمريكي، ولفت إلى أن نحو 84% من هذه الظواهر كانت فيضانات وعواصف.

دول الاتحاد الأوروبي تخفض الانبعاثات

أشار تقرير المنظمة إلى أن عددًا من الدول في أوروبا نجح في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، لافتًا إلى أن الانبعاثات انخفضت في دول الاتحاد الأوروبي 31% بين عامي 1990 و2020، وفق موقع دويتش فيله.

وأضاف أن أوروبا واحدة من أكثر المناطق تقدمًا في ما يتعلق بالتعاون عبر الحدود من أجل التكيف مع تغير المناخ، داعيًا إلى استمرار وتيرة الحد من انبعاثات غازات الدفيئة في المنطقة، موضحًا أن أوروبا يمكن أن تلعب دورًا رئيسًا في بلوغ مجتمع محايد للكربون.

سيناريوهات المستقبل

أوضحت المنظمة في تقريرها أنه من المتوقع أن تزداد كوارث الطقس والمناخ والمياه في المستقبل، استنادًا إلى تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الذي يقدم معلومات إقليمية واسعة النطاق، لتمكين التنمية القادرة على التكيف مع تغير المناخ.

وأضافت أنه من المتوقع أيضًا أن يحدث انخفاض في هطول الأمطار في الصيف في البحر الأبيض المتوسط، ​​امتدادًا إلى المناطق الشمالية، وأن تتجاوز الحرارة العتبات الحرجة ذات الصلة بالنظم الإيكولوجية في ما يتعلق بالاحترار العالمي بمقدار 2 درجة مئوية أو أعلى.

تأثيرات المناخ

أوضح تقرير المنظمة أن صحة الشعوب الأوروبية ​​تتأثر بتغير المناخ سلبًا، ما يؤدي إلى تزايد الوفيات والأمراض من جراء موجات الحر المتزايدة، ولفت إلى أن تغير المناخ والسلوك البشري يؤدي إلى مزيد من الحرائق المتكررة والمدمرة في أوروبا، مع عواقب اجتماعية واقتصادية وبيئية كبيرة.

وأضاف أن البنية التحتية وعمليات النقل تتعرض أيضًا للمخاطر نتيجة تغير المناخ المتزايد والظواهر الجوية المتطرفة، مشيرًا إلى أن الكثير من البنية التحتية للنقل أنشئت بناءً على القيم التاريخية لعتبات ظواهر الطقس المختلفة، وبالتالي ليست مرنة للظروف المتطرفة الحالية.

سياسة المناخ

أفاد التقرير أن المساهمات المحددة وطنيًّا لتقليل الانبعاثات، ضمن إطار اتفاقية باريس، تجسد الجهود التي تبذلها الدول للحد من الانبعاثات والتكيف مع آثار تغير المناخ، وأن التخفيف من آثار تغير المناخ كان محورًا أساسيًّا للعديد من الدول الأوروبية.

وأضاف أن الاتحاد الأوروبي أدرج، عام 2021، في قانونه الخاص بالمناخ مفهوم الحياد الكربوني، أي تحقيق صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050، جاعلًا منه قانونًا ملزمًا، في حين حدد هدفًا مؤقتًا لخفض الانبعاثات بـ55% بحلول عام 2030.

 

ربما يعجبك أيضا