خبراء لـ«رؤية»: التحقيق الأمريكي في مقتل أبوعاقلة رسالة تحذير لإسرائيل

إسراء عبدالمطلب
شيرين أبو عاقلة

بعد 6 أشهر، تقرر الولايات المتحدة فتح تحقيق خاص في مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة، ورفض إسرائيلي قاطع لأي تدخل خارجي.


أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي FBI فتح تحقيق في مقتل الصحفية الفلسطينية، شيرين أبو عاقلة، لكن إسرئيل قالت إنها ان تتعاون معه.

وقُتلت الصحفية، التي تحمل الجنسية الأمريكية في 11 مايو الماضي، في أثناء تغطيتها عملية عسكرية إسرائيلية بمدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة، لكن وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني جانتس، وصف القرار الأمريكي بإعادة التحقيق بالخطأ الفادح.

إسرائيل ترفض تدخل أمريكا

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، المنتهية ولايته، يائير لابيد، في تغريدة على “تويتر”، “لن يخضع الجنود الإسرائيليين لاستجواب من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالي، أو أي هيئة أو دولة أجنبية أخرى، حتى إن كانت صديقة”.

ووصف لابيد الجيش الإسرائيلي بأنه ” يتصرف بأخلاقية”، مشيرًا الى أن قادة الجنود يحققون بدقة في أي حدث غير منتظم، و”يلتزمون بقيم وقوانين الديمقراطية”، وقال إنه “نقل احتجاجًا قويًّا إلى الأميركين”، في حين امتنعت وزارة العدل الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي عن التعليق على التقارير، وفقًا لما نقلته France 24.

إسرائيل تتنصل من مقتل شيرين أبو عاقلة

قال الجيش الإسرائيلي، في بيان له، سبتمبر الماضي: “يبدو أنه من غير الممكن تحديد بيقين مصدر إطلاق النار الذي أصاب السيدة أبوعاقلة وقتلها”. ويستدرك البيان: “يوجد احتمال كبير أن السيدة أبو عاقلة أصيبت بالخطأ بنيران جيش الدفاع الإسرائيلي، على المشتبه بهم الذين جرى تحديدهم كمسلحين فلسطينيين، خلال تبادل لإطلاق النار”.

وزعم الجيش الإسرائيلي أن جنوده لم يدركو أنهم يطلقون النار على الصحفيين، مرجحًا أن وقوف أبوعاقلة بظهرها نحو الجنود، كان عاملًا مساعدًا. ولكنه وفقًا لـCNN، ظهرت أبوعاقلة في لقطات الفيديو وقت إطلاق النار عليها و هي ترتدي سترة واقية كتب عليها “صحافة” من الأمام والخلف، وأنه لم يكن مسلحون فلسطينون بالمكان.

توترات أمريكية إسرائيلية

رحبت الرئاسة الفلسطينية بقرار وزارة العدل الأمريكية فتح تحقيق في جريمة قتل الصحفية شيرين أبوعاقلة ، وأعلنت تعاونها في أي تحقيق يخص أبوعاقلة أو أي شهيد فلسطيني آخر، في حين اعتبرت عائلة الصحفية الراحلة أن فتح التحقيق “خطوة مهمة”، وأعربت عن أملها إجراء “تحقيق مستقل وذو مصداقية وشامل”.

وقال كبير محاميي الجيش الإسرائيلي إن أي تهم جنائية لن توجه إلى الجندي، الذي يُرجّح تورطه في إطلاق النار، لأنه كان يتصرف في ما تعتبره إسرائيل منطقة قتال نشطة، ووفق ما أورده موقع axios، قد يؤدي هذا التحقيق إلى توترات بين إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن والحكومة الإسرائيلية.

خطوة متأخرة لكن ضرورية

وواجهت الإدارة الأمريكية ضغوطًا في الكونجرس، وكذلك من عائلة أبو عاقلة، لبذل المزيد لضمان المساءلة، ووقع أكثر من 20 عضوًا ديمقراطيًّا في مجلس الشيوخ، على خطاب يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل من مكتب التحقيقات الفيدرالي.

وقال السيناتور الديمقراطي، كريس فان هولين، من ولاية ميريلاند، في بيان، إن “هذه خطوة متأخرة، لكنها ضرورية ومهمة في السعي لتحقيق العدالة والمساءلة في مقتل الصحفية الأمريكية شيرين أبو عاقلة بالرصاص”، وفقًا لما نقله موقع قنا “الشرق بلومبرج“.

دلالات رمزية لا سياسية

يرى أستاذ العلاقات الدولية، وعضو مركز الدراسات الاستراتيجية بواشنطن، طارق فهمي، في تصريح لشبكة رؤية الإخبارية، أن القرار الأمريكي لا قدم جديدًا في هذا التوقيت، معتبرًا أن الإجراء له دلالات رمزية، أكثر منها سياسية، في ظل الموقف الإسرائيلي الرافض تمامًا لإجراء التحقيق.

وتوقع فهمي ألا تتعاون أمريكا وإسرائيل في هذا التحقيق، لجملة من الاعتبارات، أولها عدم إقرار إسرائيل بمسؤولتها عن استشهاد شيرين، والثاني ألا تتحمّل الحكومة الإسرائيلية أي أعباء في رد أو التزام أو دفع تعويضات أو غيره، وكذلك رفض اليمين الإسرائيلي فتح مثل هذه الملفات، لاعتبارات داخلية متعلقة بمناخ وبيئة إجراء الانتخابات وتشكيل الحكومة.

الهدف الأمريكي وراء التحقيق في مقتل أبوعاقلة

الخبير في دراسات الأمن القومي والشؤون الإسرائيلية قال إن حكومة لابيد عاجزة عن اتخاذ أي إجراءات، والحكومة اليمينة، التي ستعلن خلال أيام، لن تفتح هذا الملف، وعن الهدف الأمريكي وراء التحقيق، قال إن الهدف هو التجاوب الحذر مع السلطة الفلسطينية، وهذا أمر مهم وله ارتباطاته، وكذلك تهدئة الرأي العام الدولي الثائر على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.

ويرى فهمي أن الولايات المتحدة تجري تحقيقًا قد يكون غير رسمي، لأن شكله وأسبابه ومبرراته والآليات، التي ستحكمه، جميعها غير واضحة، وأنه في كل الأحوال يبقى التحقيق شكلي ورمزي، أكثر منه سياسي، له معناه ومبرراته السياسية.

إسقاط ورقة التوت عن الاحتلال

قال القيادي بحركة فتح وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، جهاد الحرازين، لـ “رؤية”، إن فتح تحقيق باستشهاد أبو عاقلة أمر يدل على وجود قناعة أمريكية من البداية بأن شيرين قتلت برصاص قناص إسرائيلي. وأضاف أنها تحمل الجنسية الأمريكية، الأمر الذي أوجب التحرك بعد الضغوط على الإدارة، ومطالب عائلتها بالإعلام الأمريكي.

وفسّر الحرازين تعالي الأصوات الإسرائيلية الرافضة لمثل هذا القرار، بإدراكهم الكامل بتورط جنود الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب الجريمة، التي قد تكون بمثابة إسقاط ورقة التوت عن هذا الاحتلال، الذى يدعى في معظم المناسبات، بأنه “أخلاقي وإنساني”، وهو في الحقيقة لا علاقة له بالأخلاق ولا الإنسانية ولا حقوق الإنسان، على حد وصف القيادي الفلسطيني.

رسالة أمريكية لإسرائيل

يعتقد الحرازين أن القرار الأمريكي له شقين، أحدهما سياسي والآخر جنائي، في محاولة للضغط على الحكومة الإسرائيلية المقبلة برئاسة بنيامين نتنياهو، في ظل المخاوف من توجهاتها اليمينية المتطرفة، ومحاولة خروجها عن الخط الأمريكي، خاصة في ظل ما وصفه بعدم الثقة الأمريكية، سواء الديمقراطيين أو الجمهوريين في نتنياهو.

وقال إن رفض إسرائيل للتعاون في التحقيق الأمريكي المزمع متوقع، في ظل رفض المستمر للتعاطي مع أي لجان أو جهات خارجية، إذا تعلق الأمر بجريمة ارتكبتها من خلال جنودها، مشددًا على أن الشواهد كثيرة على ذلك، من خلال منع لجان التحقيق الأممية من الوصول للأراضي الفلسطينية، أو التحقيق في الجرائم الإسرائيلية.

ربما يعجبك أيضا