لماذا ينفق أثرياء العالم الملايين على أبحاث إطالة العمر؟

بسام عباس
الشيخوخة

يسعى أثرياء العالم إلى تحقيق حلم الخلود وإطالة مدى الحياة، ويتسابق رجال الأعمال في وادي السيليكون في دعم الأبحاث والدراسات التي تحقق أحلامهم.


استثمر الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن أيه آي”، سام التمان، نحو 180 مليون دولار أمريكي مؤخرًا في شركة “ريترو بيوساينس” التي تسعى إلى إطالة عمر الإنسان بمقدار عشر سنوات صحية.

وضخ مؤسس باي بال، بيتر ثيل، ومؤسس أمازون، جيف بيزوس، والشريك المؤسس لشركة جوجل، لاري بيدج، ملايين الدولارات في مشاريع يمكن أن تؤثر على الطريقة التي نعيش بها حياتنا. فما هي الجدوى الأخلاقية؟

جيف بيزوس

جيف بيزوس

الجانب العلمي والأخلاقي

تساءل موقع كونفرزيشن الأمريكي عن إمكانية نجاح هذه التجارب، خاصة بعد تجارب حديثة كشفت أن الفئران المسنة أظهرت علامات تراجع للشيخوخة عند حقنها بدماء فئران صغيرة، ما يفتح الآفاق أمام حلم إطالة الحياة عن طريق “تجديد الدم”.

وطرح، في تقرير نشره الثلاثاء 11 إبريل 2023، سؤالًا آخر لا يقل أهمية عن الجانب العلمي، فلو أمكن للإنسان أن يطيل عمره، هل سيكون ذلك أخلاقيًا؟، كما تساءل عن جدوى محاولة إطالة الحياة، ما دام الإنسان سيموت في النهاية؟

ما الجدوى؟

ذكر الموقع الآراء التي تشكك في جدوى العملية برمتها لأنه تؤدي في النهاية أيضًا إلى الموت الذي لا مفر منه، لافتًا إلى أن مشكلة هذا الرأي هي أن أي الحياة التي تطال تحفظ مؤقتًا فقط، فتمديد العمر لمدة عشر سنوات يشبه إنقاذ سباح يغرق، ليموت في حادث مروري بعد عشر سنوات.

وأضاف أنه في أكثر السيناريوهات التي طرحها الخبراء تفاؤلًا، يمكن للمكاسب المتواضعة قصيرة الأجل أن تساعد الناس على إضافة قرون إلى حياتهم، لأن فوائد كل تدخل يمكن أن تتضاعف، فعلى سبيل المثال، ستزيد كل سنة إضافية من احتمالية البقاء على قيد الحياة حتى تحقيق الخطوة الكبيرة التالية.

ما الفائدة إذا كان الخلود مملًا؟

ذكر الموقع، أن أحد المخاوف من مثل هذه التجارب هو أن العمر الطويل للغاية قد يكون غير مرغوب فيه، لافتًا إلى قول الفيلسوف برنارد ويليامز إن الحياة تصبح ذات قيمة من خلال إشباع ما يسميه “الرغبات القاطعة”، الرغبات التي تعطينا سببًا للرغبة في العيش.

ويتوقع ويليامز، أن تكون هذه الرغبات مرتبطة بمشاريع حياتية كبرى، مثل تربية طفل أو كتابة رواية، فالإنسان يصبح أكثر قلقًا من أن تنفد مثل هذه المشاريع في ظل حياة طويلة مملة، ولذلك سيصبح الخلود مملاً.

وفي المقابل، يؤكد آخرون أن رغباتنا الفئوية تتطور لأن تجارب حياتنا تعيد تشكيل اهتماماتنا، وربما نستمر في القيام بذلك على مدار حياة طويلة، وبذلك لن تستنفد رغباتنا القاطعة، وحتى لو أصبح الخلود مملاً، فلن يحتسب هذا ضد تمديدات العمر المتواضعة.

أشار بعض الفلاسفة إلى أن الخلود، مهما كان مرغوبًا في البداية، سيفقد بريقه في النهاية.

أشار بعض الفلاسفة إلى أن الخلود، مهما كان مرغوبًا في البداية، سيفقد بريقه في النهاية.

عدم المساواة مع الفقراء؟

قال الموقع العلمي إن هناك قلق آخر بشأن تقنيات تمديد العمر وهو المساواة، لأن هذه التقنيات ستكون باهظة الثمن، ومن الظلم أن يحتفل مليارديرات وادي السيليكون بأعياد ميلادهم الـ 150 بينما يموت البقية منا في عمر الـ 70 والـ 80.

وأضاف ردًّا على هذا الاعتراض، أن أنظمة الرعاية الصحية الشاملة تعزز المساواة من خلال تحسين وضع غير الميسورين، ومن ناحية أخرى، فإن منع تطوير تقنيات تمديد العمر سيؤدي إلى تفاقم وضع مَن يعيشون حياة ميسورة، لافتًا إلى أنه مع التقدم العلمي ستنخفض أسعار تقنيات إطالة العمر في النهاية.

المشكلة الحقيقية

أشار الموقع إلى وجود اعتراض أخلاقي جاد ينطبق على الحالات القصوى لإطالة الحياة، وهو أن الإنسان إذا عاش حياة طويلة بشكل روتيني، فقد يقلل ذلك من قدرته على التكيف، ما يؤدي إلى الركود الاجتماعي.

وأضاف أن الزيادات المتواضعة في متوسط ​​العمر المتوقع من شأنها أن تزيد من حجم السكان. ولتجنب الازدحام السكاني، سنحتاج إلى تقليل معدلات المواليد، ما يؤدي إلى إبطاء معدل دوران الأجيال بشكل كبير، موضحًا أن هذا سيضر التقدم المجتمعي، لأنه يزيد من تهديدات الانقراض، ويعرض رفاهية الفرد للخطر، ويعيق التقدم الأخلاقي.

تحيز تأكيدي

ومن ضمن المعضلات الأخرى لإطالة الحياة أن العديد من المجالات تستفيد من التدفق المنتظم للعقول الشابة القادمة والبناء على أعمال السلف، وحتى لو ظلت أدمغة العلماء الأكبر سنًا حادة، فإن “تحيزهم التأكيدي”، من خلال البحث عن المعلومات وتفسيرها بطرق تؤكد المعتقدات السابقة، سيبطئ من استيعاب النظريات العلمية الجديدة.

وأضاف الموقع أن المعتقدات الأخلاقية عرضة للتحيز التأكيدي أيضًا، ففي عالم ممتد العمر، سيبقى الأفراد الذين حددوا آرائهم الأخلاقية في شبابهم، ربما منذ أكثر من 100 عام، في مناصب السلطة، مشيرًا إلى أن تباطؤ معدل دوران الأجيال سيؤدي إلى تأخير نقطة إدراك الأخطاء وإصلاح الكوارث الأخلاقية، خاصة التي لم نرها بعد.

اقرأ أيضًا: «بيزوس» يمول مشروعًا يطمح لـ«الحياة الأبدية»

اقرأ أيضًا: ما علاقة الجينات بطول عمر البشر؟.. دراسة تُجيب

اقرأ أيضًا:  دراسة حديثة تتوصل للعوامل البيولوجية الكامنة وراء الشيخوخة

ربما يعجبك أيضا