من أجل أوراسيا.. صراع بين إيران وروسيا شمالًا

ما يحدث في جنوب القوقاز.. صراع المعادلات الأوراسية

يوسف بنده

روسيا تسعى لفرض معادلة جيوسياسية جديدة تركز على جنوبها في ظل الهزائم التي تواجهها أمام الغرب، ولذلك تسعى إلى خلق مناطق جيوسياسية جديدة تكون لها فيها اليد العليا.


في ظل انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، قاتلت إيران شمالًا، من خلال مساندتها أرمينيا في منطقة جنوب القوقاز، لمنع خطة أذربيجان وتركيا لفتح ممر زنكزور، الذي يضر بالحدود بين إيران وأرمينيا.

ومع عودة روسيا للاهتمام بفنائها الخلفي، تصاعدت المخاوف الإيرانية من وجود خطة بين حلفائها لعزل إيران عن أوراسيا أو تقليل حصتها من حركة تجارة تلك المنطقة الصاعدة، في ظل القيود المفروضة على إيران تحت وطأة العقوبات الغربية.

خريطة جنوب القوقاز

خريطة جنوب القوقاز وممر زنكزور بين أذربيجان وأرمينيا

روسيا تفرض رؤيتها

الأكاديمي الإيراني، صلاح الدين هرسني، فسر انقلاب روسيا على موقفها من فتح ممر زنكزور الذي كانت تعارضه، بأن هدفها تقصير يد إيران عن المعادلات الأوراسية. وأيضًا حرمانها من عائدات الممر التجاري عبر أراضيها، حيث إن فتح زنكزور يحرم إيران من الربط بين أذربيجان وإقليمها المنفصل جغرافيًا، ناخيتشيفان، ثم تركيا وأوروبا.

وأوضح هرسني في مقاله بصحيفة آرمان امروز، اليوم الثلاثاء 10 سبتمبر 2024، أن روسيا تفرض رؤيتها على المعادلات الأوراسية، ودعمها لفتح ذلك الممر أمام حركة الترانزيت يهدد قانون سيادة الدول الدولي (سيادة وستفاليا).

وفي الصحيفة الإيرانية، أشار هرسني، إلى أن روسيا تسعى لفرض معادلة جيوسياسية جديدة تركز على جنوبها في ظل الهزائم التي تواجهها أمام الغرب، ولذلك تسعى إلى خلق مناطق جيوسياسية جديدة تكون لها فيها اليد العليا، كما أن عودتها للتقرب من دول جنوب القوقاز (جورجيا وأذربيجان وأرمينيا) يساعدها على مواجهة القومية الطورانية (وحدة العرق التركي) المتصاعدة التي يتخذها حلف شمال الأطلسي (ناتو) مطية للوصول إلى عمق أسيا الوسطى.

وأضاف الأكاديمي الإيراني، أن موسكو تعاقب أرمينيا التي بدأت في التقرب من القوى الأوروبية، بأن تتحول أراضيها إلى ممر مهم لنقل الطاقة الروسية إلى أوروبا.

الممر الأوسط 1

سيطرة على الممرات

الباحث في العلاقات الدولية، سجاد مرادی کلارده، أشار إلى أن الحرب في أوكرانيا قد أضرت بالممر الشمالي التجاري العالمي (الصين، روسيا، أوروبا)، وهو ما دفع روسيا للاهتمام بالممر الأوسط (الصين، آسيا الوسطى، جنوب القوقاز، تركيا، أوروبا) والسيطرة عليه.

وأوضح كلارده في مقاله على وكالة مهر اليوم الثلاثاء، أن روسيا تحاول استعادة قوتها المفقودة في القوقاز ضد تركيا من خلال إعادة التخطيط لبناء ممر زنكزور، فهي تتطلع موسكو إلى لعب دور في طرق الممرات الدولية.

وأضاف: “من أهداف روسيا احتكار السيطرة على شرايين الاتصالات من داغستان إلى زنكزور من خلال التواجد تحت ستار صنع السلام”. كما أن زنكزور يضمن لروسيا وصولها إلى أسواق الشرق الأوسط والبحر المتوسط عبر تركيا، في ظل المخاطر التي تواجهها تجارة روسيا عبر البحر الأسود.

ممر زنكزور يهدد الاستقرار بجنوب القوقاز

ممر زنكزور يهدد الاستقرار بجنوب القوقاز

الصين على خط روسيا

يبدو أن الصين التي أطلقت مشروع الحزام والطريق بوصفه خطة استراتيجية لإعادة مكانتها الاقتصادية والسياسية في العالم، قد أعطت لروسيا مهمة القتال بدلًا منها حتى لا تنشغل عن خططها الاقتصادية. إذ يشير تقرير موقع تابناك، اليوم الثلاثاء، إلى أن الصين تركز على الوصول إلى أقصر الطرق لنقل تجارتها نحو أوروبا.

وأوضح تقرير الموقع الإيراني، أن ممر زنكزور يوفر أقصر طريق بري من الصين إلى جنوب أوروبا. وكذلك طريق بديل لحركة التجارة التي تعبر من أذربيجان إلى إيران أو جورجيا وصولًا إلى تركيا، إذ يعبر في خط مستقيم من أذربيجان إلى تركيا مباشرة.

ويشير التقرير إلى العلاقة المتوترة بين روسيا وجورجيا، بينما الصين تبحث عن طريق مستقر أو بديل، إذ يعد ممر زنكزور أكثر موثوقية بالنسبة لبكين من الطريق عبر الأراضي الجورجية.

الدول الداعمة لممر زنكزور

حائط بحر قزوين

يقف بحر قزوين مانعًا مائيًا بين منطقة أسيا الوسطى ومنطقة جنوب القوقاز، ويمكن تجاوزه من خلال العبور عبر روسيا أو عبر إيران، من أجل تحقيق ممر بري ذات وحدة أرضية من اليابسة.

ويشير الكاتب احسان بناه بر في صحيفة اعتماد، اليوم الثلاثاء، إلى أن إيران لا يمكن تجاوزها من ممر شرق-غرب (الممر الأوسط)، لأنها بالنسبة لدول أسيا الوسطى أقرب ميناء آمن على البحار المفتوحة، حيث تطل سواحل إيران الجنوبية على مياه الخليج وبحر العرب والمحيط الهندي.

وأوضح الكاتب الإيراني، أن اتصال إيران البري مع أسيا الوسطى عبر حدود تركمانستان، دفع دول أسيا الوسطى والصين وروسيا إلى عقد العديد من الاتفاقيات لنقل التجارة عبر الأراضي الإيرانية إلى أوروبا والهند والشرق الأوسط.

خريطة أوراسيا

خريطة أوراسيا

أوراسيا

جغرافيًا، يشير مفهوم أوراسيا إلى قارتي أسيا وأوروبا. وسياسيًا، يشير إلى المنطقة التي تقود النظام العالمي الجديد، أي الكتلة الجغرافية المتلاصقة التي تمتد في شمال العالم من شرق الصين إلى أوروبا الشرقية وبعض أجزائها الوسطى وحدود الشرق الأوسط، أي دول الاتصال بين الشرق والغرب، وهو مفهوم تشكل في مواجهة تحالف الأيديولوجيات مثل الاتحاد السوفيتي سابقًا. وكذلك مواجهة الاتحاد الأوروبي والمنظمات الغربية حاليًا.

إعادة الاعتبار للجغرافيا في منطقة أوراسيا، ساهم في ظهور منظمات اقتصادية كبرى مثل منظمة شنغهاي والاتحاد الاقتصادي الأوراسي. بالإضافة إلى منظمات تربط بين الشرق والغرب مثل مجموعة بريكس+ الاقتصادية.

وتوفر مساحة 55 مليون كم2 وعدد سكان يتجاوز 5.4 مليار نسمة فرصة كبرى لتحقيق صعود اقتصادي وتنموي لأكبر كتلة يابسة على وجه الأرض.

ربما يعجبك أيضا