العودة للاتفاق النووي أولًا .. محادثات سرية بين واشنطن وطهران

يوسف بنده

رؤية

أعلن الرئيس التنفيذي للشرکة الوطنية الإيرانية لنفط الجنوب، أحمد محمدي، أن بلاده مستعدة لزيادة إنتاج النفط إلى حوالى 95% من المستوى الذي كان عليه قبل الحظر الأمريكي.

وقالت وكالة “إرنا” إن إیران الآن مستعدة لعودة سريعة إلى أسواق النفط، مع تسلم جو بايدن الإدارة الأمريكية وإمكانية عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي ورفع الحظر، وبالتالي فإنها تهدف إلى تصدير 2.3 مليون برميل يوميا.

وهذه الخطوة من جانب إيران؛ تدل على أن طهران تستعد لرفع العقوبات الأمريكية أولًا، ومن ثم العودة إلى مرحلة ما قبل ترامب، وبعدها يمكن التفاوض حول البرنامج الصاروخي الباليستي والتدخلات الإيرانية في المنطقة.

وحسب تقرير صحيفة الجريدة الكويتية،فقد أكد مصدر في مكتب رئيس الجمهورية الإيراني، أن طهران أُبلِغت رسالة واضحة من فريق الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، خلال الاتصالات المتواصلة بين الجانبين منذ أسابيع، تضمنت شروط العودة إلى الاتفاق النووي، وذلك قبل تسلم بايدن السلطة رسمياً بعد أيام.

وقال المصدر، الذي شارك في الاتصالات خلف الكواليس مع فريق بايدن، إن أحد أعضاء الفريق، والذي من المقرر أن يشغل منصباً رفيعاً في الإدارة الديمقراطية المقبلة، هو الذي نقل هذه الرسالة إلى الإيرانيين، وطلب إبلاغها للرئيس حسن روحاني، والمرشد الأعلى علي خامنئي.

وأوضح، نقلاً عن المسؤول الأميركي المقبل، أن الرسالة حذّرت طهران من أن زيادة سقف التحديات على أمل الضغط على بايدن للتراجع عن الخطوات التي اتخذها سلفه الجمهوري دونالد ترامب بالملف النووي لن تجدي نفعاً، ويجب على إيران ألا تتصور أنها ستحقق مكاسب إضافية أكثر مما قرر فريق بايدن مسبقاً تقديمه مقابل العودة إلى تنفيذ الاتفاق النووي بحذافيره.

ونقل المصدر، عن المسؤول نفسه، قوله إن أولوية الإدارة المقبلة ستكون معالجة المشاكل الداخلية، وبعدها يأتي ملف إصلاح العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها، التي أوصلتها سياسات ترامب إلى الحضيض، ثم التصدي للتهديدات الصينية والروسية للأمن القومي الأميركي، قبل التفكير في الملف الإيراني، لكن بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض، فإن بايدن مستعد لرفع بعض العقوبات والضغوط عن إيران مقابل عودتها للاتفاق النووي بشكل كامل.

وغداة تأنيب أوروبي متكرر لطهران بسبب خطواتها التصعيدية بالملف النووي، وتصريح وزير الخارجية الفرنسي بأن العودة إلى الاتفاق غير كافية، ويجب التفاوض على برنامج إيران البالتسي وأنشطتها الإقليمية، قال المسؤول الأميركي، إنه إذا استمرت طهران برفع سقف التحديات، فهي تعلم جيداً أن الدول الأوروبية لن تكون قادرة على تحمل تصرفات إيران في عهد بايدن، لأن الظروف التي كانت سائدة خلال ولاية ترامب والخلافات على ضفتي «الأطلسي» لن تكون موجودة، ولن يحتاج بايدن للعودة إلى الاتفاق لتفعيل آلية الزناد التي تسمح بإعادة فرض كل العقوبات الأممية على طهران، بل قد تتولى الدول الأوروبية الأعضاء في الاتفاق، أي بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بنفسها هذه المهمة، مما يعني أن طهران قد تصبح تحت العقوبات الأممية مع الإبقاء على العقوبات الأميركية.

وقال المصدر إن هذا الإنذار من فريق بايدن لطهران جاء بعد إعلانها قرار تصنيع معدن اليورانيوم والتجربة الصاروخية البالستية في المحيط الهندي، التي سقطت، بحسب فوكس نيوز، على بعد 100 ميل من حاملة الطائرات الأميركية «نيمتز».

كما نقل المصدر عن المسؤول الأميركي قوله إن بايدن سيتبع سياسة الضغط على جميع دول المنطقة، للجلوس إلى طاولة المفاوضات، ربما بإشراف مجلس الأمن وأعضائه الدائمين، للوصول إلى صيغة تفاهم، مؤكداً أن إدارة بايدن لن تقبل استمرار النهج العدائي الإيراني تجاه إسرائيل، في حين بدأت الدول الإسلامية والعربية حل خلافاتها مع تل أبيب بشكل دبلوماسي.

مفاوضات سرية

أبلغت إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، مسؤولين إسرائيليين بأنها بدأت اتصالات سرية مع مسؤولين إيرانيين للعودة إلى الاتفاق النووي، حسب مراسل القناة 12 الإسرائيلية نير دفوري.

ويتوافق هذا الإخطار مع تقديرات إسرائيلية سابقة بأن الولايات المتحدة وإيران بدأتا حوارا غير مباشر.

ويجري رئيس الموساد الإسرائيلي، يوسي كوهين، مباحثات في العاصمة الأمريكية، واشنطن، مع مسؤولين في إدارة الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، أبرزهم وزير الخارجية، مايك بومبيو. وتنص الأعراف الدبلوماسية على ألا يجري كوهين مباحثات مع الإدارة المنتخبة حديثا قبل تسلمها الحكم رسميا، إلا أن القناة 12 ذكرت أن كوهين أجرى مباحثات مع الطاقم الأمني لبايدن.

ويتزامن هذا الإخطار مع تشكيل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، طاقما لبلورة الاستراتيجية الإسرائيلية في المحادثات الأولية مع إدارة بايدن حول البرنامج النووي الإيراني.

وتشير تقديرات في إسرائيل إلى أن إدارة بايدن والحكومة الإسرائيلية ستدخلان في صدام إثر الخلافات الكبيرة بينهما في الموضوع الإيراني. فبايدن أعلن خلال حملته الانتخابية أنه سيدخل في مفاوضات مع إيران ويعود إلى الاتفاق النووي في حال عادت إيران إلى تطبيقه بشكل كامل، فيما يعتبر نتنياهو خطوة كهذه أنها “خطأ فادح”.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها نشر أنباء عن محادثات سرية بين مسؤولين إيرانيين وأعضاء فريق بايدن، ففي 17 نوفمبر (تشرين الثاني)، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن “نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي سعى إلى الاتصال بمستشاري بايدن من خلال وسطاء”.

وأضافت “نيويورك تايمز” أن مستشاري بايدن لم يؤكدوا تلقي رسالة من إيران، وأكدوا أنهم لن يتعاملوا مع القضية إلا بعد بدء الحكومة الجديدة ومراسم التنصيب.

وكان الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن قد أبدى بالفعل في وقت سابق رغبته في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، لكنّ إسرائيل تعتقد أن أي عودة إلى الاتفاق النووي يجب أن تشمل قيودًا جديدة على برنامج إيران الصاروخي بعيد المدى، فضلًا عن دعم إيران للإرهاب والزعزعة في جميع أنحاء العالم.

وقبل أيام قليلة، أفاد موقع “أكسيوس نيوز” أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ينوي تشكيل فريق لوضع استراتيجية لخطة إدارة بايدن بشأن الملف النووي الإيراني. ووفقًا للتقرير، فإنه يعتزم أيضًا تعيين مبعوث خاص للمحادثات مع جو بايدن بشأن الاتفاق النووي الإيراني.

في غضون ذلك، ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن رئيس الموساد يوسي كوهين أحد المرشحين المحتملين لقيادة هذا الفريق.

وكتبت صحيفة “يسرائيل هيوم”، قبل أيام، أن الجيش الإسرائيلي يدرس ثلاثة خيارات لـ “تقويض جهود إيران النووية، أو مواجهة إيران إذا لزم الأمر”، والتي ستُعرض قريبًا على الحكومة الإسرائيلية.

من جهةٍ أخرى، ذكرت القناة 12 الإسرائيلية يوم السبت، أن “كوهين” سيكون في واشنطن هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع أعضاء الحكومة الجديدة. ويبدو أن قلق المسؤولين الإسرائيليين قد تزايد، خاصة مع التشكيل النهائي لفريق وزارة الخارجية لحكومة بايدن.

كما ذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست”، في إشارة إلى انتخاب ويندي شيرمان أحد أبرز المفاوضين الأميركيين على الاتفاق النووي الإيراني، نائبة لوزير الخارجية: “يبدو أن تعيين شيرمان مؤشر واضح على أن الولايات المتحدة لن تعمل فقط على العودة إلى الاتفاق النووي، بل إن نهج الإدارة الجديدة هو أن شروط الاتفاق الأصلي أيضًا كانت مناسبة”.

لكن وفقًا لصحيفة “واشنطن بوست”، يأمل الحلفاء الأوروبيون للولايات المتحدة في أن تمهد إدارة بايدن الطريق لإنقاذ الاتفاق النووي.

وبحسب الصحيفة، يعتقد الأوروبيون أنه سيكون هناك وقت قصير بعد تنصيب بايدن، (غدا الأربعاء)، لأنهم يعتقدون أن نتيجة الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة في يونيو (حزيران) قد تؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة في إيران، وبحسب صحيفة “واشنطن بوست”، ستكون هذه الحكومة “منسجمة مع المتطرفين المحافظين” المتوافقين مع علي خامنئي، الذي “له الكلمة الأخيرة في جميع القرارات الكبرى”.

ووفقًا لـ”واشنطن بوست”، هناك تقارب في أوروبا حول ما يجب أن يُطلَب، ويرون أن العودة إلى اتفاق عام 2015 ليست كافية، لأنه لا يغطي قضايا مثل نشاط إيران العسكري غير النووي.

وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لصحيفة فرنسية إنه حتى لو عاد الجانبان إلى الاتفاق النووي، فلن يكون ذلك كافيًا، وأضاف أنه ينبغي إجراء محادثات صعبة بشأن “برنامج إيران الصاروخي بعيد المدى” فضلًا عن “الأنشطة الإقليمية” لهذا البلد.

في المقابل، أثارت أنباء المحادثات الإيرانية الأميركية ردود فعل داخل إيران. فقد وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زاده، على سبيل المثال، نبأ اتصال عباس عراقجي بفريق بايدن بأنه ملفّق، وشدد: “في نيويورك، في اليوم نفسه، رد المكتب التمثيلي بعدم وجود اتصالات مباشرة أو غير مباشرة”.

بعد ذلك بوقت قصير، انتشر خبر جديد مفاده أن عباس عراقجي قد التقى بممثل جو بايدن خلال زيارة إلى عمان.

لكن “عراقجي” وصف التقارير التي تحدثت عن لقائه مع ممثل جو بايدن في عمان بأنها “قصص مختلقة”. وقال إنه التقى فقط وزير الخارجية العماني، بدر البوسعيدي، خلال زيارته التي استغرقت 4 ساعات إلى سلطنة عمان.

 وشدد على أنه “خلال هذه الرحلة لم ينعقد أي لقاء محدد كما تقول الشائعات”، مضيفًا: “يبدو أن رواة القصص الذين يتحدثون عن لقاءات خيالية، ليس لديهم فهم واضح للوضع الحالي”.

وتسببت أخبار المحادثات السرية بين مسؤولي حكومة حسن روحاني والمسؤولين الحكوميين المستقبليين لإدارة بايدن في استياء بعض الجماعات داخل إيران.

وفي أحدث مثال، قال سيد محمد سعيدي، خطيب جمعة قم، في صلاة الجمعة في المدينة: “المسؤولون في السلطتين التنفيذية والتشريعية يجب أن يتصرفوا بحذر، ولا يحق لأي مسؤول التفاوض خلف الكواليس وفي الخفاء مع الإدارة الأميركية الجديدة خلافًا لرأي المرشد الأعلى”.

ربما يعجبك أيضا